في كل عام وقبل بداية شهر رمضان أطرح هذه التساؤلات والكلمات علي نفسي ومن حولي، لعظم هذا الشهر ولمحاولة أن ندرك الهدف والمغزي، فرمضان، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، شهر تُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق أبواب جهنم، وتسلسل الشياطين، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن وسائر الطاعات، شهر قال فيه رسولنا الكريم (صلي الله عليه وسلم): خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له. لنتوقف قليلا ونتأمل ونتساءل، ماذا سنفعل في هذا الشهر الكريم، ولماذا أصبحنا كمسلمين ننفق الأموال الطائلة في هذا الشهر، علي المسلسلات والفوازير، والطعام والشراب، ولماذا حوّلنا شهر العبادة إلي شهر للهو والسهر والجلوس علي المقاهي، وأمام القنوات التليفزيونية المتعددة، هل كل ذلك من الإسلام، وهل من يفعل ذلك يستطيع أن يقول إنه قد صام رمضان، علي كل منا أن يخاطب نفسه بهدوء، ويتساءل، ماذا سيفعل، هل سيترك المعاصي والشهوات، هل ستصوم بسمعك وبصرك عن الكذب والمحارم، وأذي الناس، هل ستصلي في جماعة، وتنتظم في صلاة التراويح ثم التهجد، هل ستسرف في الطعام، أم ستدرك ماهية الصيام، فالله تعالي يقول: (كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، ونبينا الكريم يقول: »حسب ابن آدم من الطعام لقيمات يقمن صلبه»، كما قال: »ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه»، أفكان الله ورسوله يأمرانا بالاعتدال في الأيام العادية ويبيحان لنا الإسراف في الشهر الكريم شهر النسك والعبادة؟! ولنسأل أنفسنا هل سنكون من الذين يحولون شهر الصيام إلي شهر سهر ولعب ولهو، وتوسع في المأكل والنوم إلي ساعات متأخرة من النهار؟! وهو في حقيقته شهر زهد وورع، نسبة كبيرة من الناس، إلا من رحم ربي، لا يهمهم طوال الشهر الفضيل، إلا ماسوف يقدمونه لزوارهم، وما ستحفل به موائدهم مما لذ وطاب من ألوان الطعام المختلفة، برامج المطبخ في القنوات الفضائية، أيضا تباري فيها المتخصصون في الطبخ بتقديم أشهي الوجبات، لأصحاب الكروش، باختصار حاول أن تكون الإجابة علي كل تلك التساؤلات، مغايرة لهؤلاء الذين يحولون، شهر الصوم إلي شهر للأكل، والسهر فيما لا يرضي الله، وكل عام وأنتم بخير.