يبدو أن تحمسه للعمل جعله يسرع للقيام بواجباته علي الوجه الأكمل، أنه عبد الفتاح إبراهيم الرئيس الجديد لاتحاد عمال مصر الذي يسعي لإدراك ما فاته من وقت. وفي البداية يقول: الاتحادأكبر من جميع الأحزاب والتيارات السياسية الموجودة في مصر الآن، ولايمكن أن يعيش هذا الاتحاد بمعزل عن الشارع السياسي المصري، وإذا تم إلغاء حصتنا في البرلمان سأطالب بإنشاء أحزاب عمالية. وأضاف أن اتحاد مصر أول من أسس الحركة النقابية المصرية والعربية في عام 1957، وقرار الجمعية العمومية الأخير أعاد له ريادته. وقد غاب دور الاتحاد عن المشهد السياسي في الفترة السابقة بسبب أخطاء الحركة النقابية، ولكنه الآن خارج المنافسة ولا أحد يستطيع أن يهدد كيانه. مؤكدا أن اتحاد عمال مصر الآن موكل بالدفاع عن مصالح عمال مصر في السياسة، ولن نسمح بعد اليوم لأي تيار سياسي أن يغتصب مهام الاتحاد. مشيرا إلي أن الاستقرار العمالي لن يتحقق إلا بعد بناء بنية تشريعية كاملة، وأن الحد الأدني للأجر الذي أقرته الحكومة مؤخرا »كارثة« وسيثير الفتن بين العمال القدامي والجدد. هل اتحاد عمال مصر فقد دوره الريادي الذي كان يتمتع به في النظام السابق؟ - الاتحاد قد يمرض لكنه لن يموت، ومن لايعترف بالخطأ فهو إنسان لا يقول الحقيقة، الاتحاد تعرض لكبوة كبيرة ولتشكيك وتشويه كثير من قبل البعض، والآن نحن مطالبون أن نعمل عملا جادا لتصحيح هذه الصورة التي تم تشويهها، فاتحاد العمال هو الاتحاد الأم والأصيل والمدافع الأول عن حقوق العمال، فبحكم التاريخ هو الأول لأنه تأسس عام 1957 أسسه نقابيون عظام، ليس هذا فقط فهذا الاتحاد هو الذي أسس الحركة النقابية العربية.. كل ذلك يؤكد أنه بمؤسساته وبإمكانياته لايمكن أن يكون بمعزل عن الشارع سواء في الشأن السياسي أو الاجتماعي. تعتقد من المسئول عن هذا التشويه الذي طال الاتحاد؟ - لا يجب أن ننظر إلي الخلف ولا أريد أن أشكك في أحد ولكن علينا أن نعترف أن الحركة النقابية مرت بظروف صعبة وبالعمل الجاد فقط سنقضي علي هذا التشويه، ويجب أن ننظر إلي الأمام لتحقيق مطالب العمال. قرار الجمعية العمومية مؤخرا أعطي للاتحاد استقلالية عن الجهة الإدارية هذا يدفع إلي التحرك النقابي الجاد ما خطتكم لحل مشاكل العمال؟ - هذه الجمعية العمومية اعتقد أنها جمعية تاريخية، وذلك بسبب أولا عدد الحضور الممثل في هذه الجمعية والذي لم يسبق تحقيقه في جميع الجمعيات السابقة، وثانيا أنها جاءت في ظرف تاريخي هام و»ملتبس« وبه تساؤلات كثيرة حول دور اتحاد العمال الحقيقي هذا الكم الهائل من الحضور وروح الوطنية التي سادته نجح وساهم بشكل كبير في استقلالية الاتحاد عن الحكومة، وهذه الاستقلالية ستعطي فرصة حقيقية وجادة لتواصل الاتحاد مع عماله وداخل مواقع العمل، كما أنها ستجعله أداة ضغط علي الحكومات لتحقيق مطالب ومصالح العمال. هل وجود عدد كبير من الاتحادات المستقلة يهدد كيان اتحاد عمال مصر؟ - لا أحد يستطيع أن يهدد هذا الكيان، فهذا اتحاد بمؤسساته العريقة سيستطيع أن يفرض نفسه علي الساحة مرة أخري وآن الأوان لأن يتبوأ النقابيون مكانهم الذي يستحقونه لأن هذا الاتحاد سيظل اتحاد الوطنية النقابية، ولن ينتمي لأي فرد أيا كان موقعه أو منصبه. هناك خلافات بين اتحاد عمال مصر وزارة القوي العاملة والاتحادات المستقلة حول قانون الحريات النقابية، ما السبب؟ - لايمكن أن يكون الاتحاد ضد الحريات النقابية، ولكنه ضد من يتغنون ويتاجرون بكلمة حرية نقابية. وحقيقة الأمر لا يوجد خلاف بين اتحاد عمال مصر وبين الحكومة والاتحادات المستقلة ولكن توجد وجهات نظر، فنحن مصرون ألا تكون هناك تعددية داخل المنشأة الواحدة، وأن تكون هناك لجنة نقابية واحدة، بشرط أن يترك لهذه اللجنة مطلق الحرية في اختيار الاتحاد الذي ترغب في الانضمام إليه، فهذا ليس دفاعا عن أنفسنا، والدليل علي ذلك أن فكرة التعددية في مواقع العمل تضر كثيرا بالاقتصاد وبالأمن القومي، فلا يعقل أن تتناحر النقابات داخل الشركات والمنشآت بسبب أهداف شخصية أو مصالح حزبية ضيقة أو بسبب تيارات سياسية يجب علينا إعلاء شأن الوطنية والوحدة في الفترة القادمة. إذا أنت غير راض عن قانون الحريات النقابية الذي ستقره الحكومة الحالية؟ - نعم فالقانون لم يقر حتي الآن ونحن سنقاتل من أجل رؤيتنا لما تحققه لصالح الوطن، ولا أحد يستطيع أن يزايد علينا في هذا الإطار. في الانتخابات القادمة هل سيستطيع اتحاد العمال منافسة الاتحادات الأخري؟ - اتحاد عمال مصر خارج المنافسة، فكلمة منافسة تأتي عندما نكون عند نفس مستوي الكيانات الأخري، هذا اتحاد قوي يملك ما لا يملكه غيرنا، لدينا 52 ألف كادر وقيادة نقابية من جميع أنحاء الجمهورية، لدينا مؤسسات تثقيفية واجتماعية وصحية، ولكن كلمة خارج المنافسة هنا لاتعني التكاسل بل بالعكس فهي تعني الجهد المستمر حتي نكون أهلا لثقة هؤلاء العمال والمصريين جميعا. هناك آراء تقول إن اتحاد العمال لايعبر عن العمال وأنه من صناعة أمن الدولة السابق؟ - هذه اتهامات، ربما تطول من كانوا يتولون المسئولية في عهد النظام السابق، أما من يتولون المسئولية الآن كانوا موجودين في ذيل الصفوف ومن سيتهم هؤلاء عليه أن يتهم الشعب بأكمله ثم عليه أن يستبدله بشعب آخر من دولة أخري.. كفانا اتهامات فجميع من يتولون المسئولية الآن سواء في اتحاد عمال مصر أو في كافة مؤسسات الدولة أم يتولون أي مسئوليات قبل ثورة 52 يناير.. ولكل من يدعي أننا لن نمثل العمال تمثيلا حقيقيا، فنحن نطالب الحكومة بإجراء انتخابات غدا والعمال تنتخب من تراه فنحن لانخشي أحدا، ممثلو العمال الآن جاءوا من خلال انتخابات حقيقية ومن يدعي غير ذلك عليه أن يقيم نفسه أولا. ما أول قرار اتخذته فور توليك منصب رئيس الاتحاد؟ - أهم قرار ذكرته وبدأت بنفسي هو يجب علينا أن »نخلع الكرافتات« وأن نعود لمواقعنا، نتواجد دخل مواقع العمل نتواصل مع العمال لنستلهم منهم العبر، نشاركهم المحن، لانجلس في غرف مغلقة نخرج إلي الشارع لتوصيل أصواتنا ونتحمل مسئوليتنا الوطنية. أين دور الاتحاد علي المستوي السياسي، ولماذا يعلو فوق صوته صوت جميع الأحزاب والتيارات السياسية برغم أنها لاتمتلك ما يمتلكه الاتحاد من مقومات بشرية ومالية؟ - السبب أن الحركة النقابية أخطأت، وهذا الخطأ هي التي تحملت تبعاته، أيضا هذه الحركة طالها اتهامات كثيرة، كما طالت هذه الاتهامات قياداتها سواء الموجودون في موقع المسئولية أو الموجودون خارج موقع المسئولية، حتي القيادات الوطنية الشريفة والتي لم تنتم في يوم ما لأي حزب أو تيار سياسي لم تسلم من هذه الاتهامات، حتي أنا شخصيا طالتني هذه الاتهامات.. هذا كله جعل الآخر تسيد المشهد السياسي في البلد بل ويتحدث وكأنه الشعب المصري، ونسي هؤلاء أن هذا الاتحاد أكبر من جميع الأحزاب السياسية الموجودة علي الساحة الآن فتعداده يدافع عن 52 مليون عامل ولديه اشتركات عضوية ل 6 ملايين عامل، والآن ولأن هذا الاتحاد دوره لا يقتصر علي المستوي المحلي فقط ولكنه يمتد إلي الدور العربي فعليه الآن أن ينتفض وينفض الغبار الذي علق به بأن يتواجد في كل المحافل من أجل صالح هذا الوطن. هل تقصد أن الحركة النقابية لابد أن يكون لها توجه سياسي؟ - أري أنها لابد أن تعبر عن مصالح العمال في السياسة ولا تتواري لأن هذه الحركة فصيل قوي جدا ويكفي أنها تعبر عن 52 مليون عامل. لكن هناك آراء تقول لابد أن يتجرد العمل النقابي من النشاط السياسي؟ - يجب ألا يكون له انتماء سياسي، ولكن حينما يطالب بإلغاء نسبتنا من البرلمان سوف أؤسس فورا حزب عمال. هل أنت ضد حظر إنشاء أحزاب علي أساس عمالي؟ - بالطبع حينما تغلق عليّ »حنفية« 05٪ عمال وفلاحين، لابد أن تفتحها من ناحية أخري بأحقيتي في إنشاء حزب سياسي. ما هي أهم الأهداف التي تسعي لتحقيقها؟ - أهدافي هي أهداف ثورتي 52 يناير و03 يونيو، أسعي لأن يكون شعار الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية محل التنفيذ فعمال مصر وقود ثورتيها لم يحصدوا ثمار ثورتهم حتي الآن سأطالب الحكومة أن تهتم بالملف الاقتصادي والاجتماعي لهؤلاء العمال فهم الفئة الأولي بالرعاية وهم بحاجة ماسة لحكومة أفعال تقف بجانبهم. كيف تري لجنة الخمسين؟ وهل أنت راض عن عملها؟ - اللجنة تعبر وبصدق عن كافة أطياف الشعب وأنا شرفت بدخولها منذ يومين، وحينا التقينا نحن ووفد من الاتحاد العام مع السيد عمرو موسي رئيس اللجنة الأسبوع الماضي عرضنا عليه رؤية الحركة النقابية المصرية في دستور مصر الجديد وأهمها هي التمسك بنسبة 05٪ عمال وفلاحين لأنه مكتسب لعمال مصر اكتسبوه بعد ثورة يوليو 2591، ولا يمكن إطلاقا أن نتنازل عنه ولن نسمح لأحد أن يتغول علي مكتسابتنا، كما عرضنا عليه رؤية اتحاد العمال في باب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. هناك قوانين عديدة تخص العمال وتحتاج إلي تعديل هل لم تحظ هذه القوانين بالاهتمام الكافي وهل تركز جميع القيادات العمالية علي نسبة العمال فقط وتناست هذه المشاكل؟ - بالفعل نحن لدينا قوانين عديدة تحتاج إلي تعديلات، فهناك قانون العمل 21 لسنة 3002 سيء السمعة، وتم تشكيل لجنة الآن بالاتحاد لدراسة هذه التعديلات.. أيضا قانون التأمين الصحي وقانون التأمينات الاجتماعية وقانون العاملين المدنيين في الدولة يحتاج لبعض التعديلات، وسوف تضع هذه اللجنة رؤية متكاملة للحركة النقابية في هذه القوانين، كما أنه تم إقرار يوم 3/11 موعدا لإلزام الحكومة بما سيتوصل إليه العمال وأصحاب الأعمال من تعديلات تشريعية تحقق التوازن بين جميع أطراف العمل. تعديل هذه القوانين تأخر كثيرا هل هذا يعد تقصيرا من جانب الحكومة؟ - الحكومات السابقة والحالية وحتي التي توالت بعد ثورة 52 يناير لم تعط العمال حقهم. هناك أراء تقول أن الحد الأدني للأجر الذي أقر مؤخرا خدعة رقمية كيف تري ذلك؟ - الحد الأدني للدخل الذي تم إقراره كارثة، أولا لأن هذا حد أدني للدخل وليس حدا أدني للأجر، فالأول يعني الدخل بمفهومه الشامل (راتب أساسي، منح، علاوات، مكافآت، أرباح، حوافز، بدلات، وبدل وجبة) ثم يتم قسمة ذلك علي 21 شهرا بعد خصم التأمينات، ثانيا: عمال مصر الذين صنعوا ثورتيها كان يجب ألا يقدروا بذلك فقط، بالإضافة إلي أن هذا القرار سيثير الفتن والبلبلة بين العمال الجدد والقدامي، كما أن الحكومة جانبها الصواب عندما أعلنت ذلك دون وضع الضوابط والآليات اللازمة لتنفيذه.