أجمل ما فى خالد صالح أنه يحرص على التنوُّع فى أدواره، لذا نادراً ما نجد له دورين متشابهين فى أى عمل. وقد عُرض له مؤخراً فيلم «فبراير الأسود» الذى حقق إيرادات معقولة رغم ظروف عرضه الصعبة، ورغم أنه من نوعية الكوميديا السوداء الأقرب إلى الواقع الذى نعيشه. وينتظر جمهور السينما عرض فيلمه الجديد «الحرامى والعبيط» الذى يشاركه بطولته خالد الصاوى، ويراهن «صالح» على دوره فيه، لأنه يقدم شخصية صعبة ومركّبة. عن كل هذا وعن مسلسله الجديد «مشوار فرعون» الذى يصوّره حالياً، ورؤيته لحكم «الإخوان» يدور هذا الحوار. * قدّمت قالباً كوميدياً من خلال مسلسل «9 جامعة الدول».. هل ستكرر التجربة فى «مشوار فرعون»؟ - «9 جامعة الدول» كان يتميز بالطابع الكوميدى البسيط وفكرته تختلف عن فكرة «مشوار فرعون»، حيث أقدم هذا العام نموذجاً مختلفاً عن رجل يصعد من القاع إلى القمة ويتحوّل إلى فرعون يستخدم ماله وقوته بطريقة خاطئة فى استغلال الناس، لكن العمل لن يخلو أيضاً من الطابع الكوميدى. * ما المغزى أو الرسالة التى تريد تقديمها؟لا أجسد شخصية «نخنوخ» وكنت مرعوباً من توقيت عرض «فبراير الأسود» - هناك مثل دارج يقول: «إيه فرعنك؟.. قال ما لقيتش حد يلمنى». الناس هم الذين يجعلون الحاكم فرعوناً بطاعتهم الكاملة له وخوفهم الشديد منه وانصياعهم وراء أوامره، فخوف الناس وسكوتهم على ظلم الرئيس السابق «مبارك» هو الذى جعل منه فرعوناً، لكننى أقدّم القالب البسيط لهذا المعنى بعيداً عن الحديث عن رئيس أو حاكم. * ماذا لو طبّقنا هذا الكلام على عهد الرئيس «مرسى»؟ - كل ما أخشاه أن يتحول «مرسى» إلى فرعون جديد يسعى لتحويل مصر إلى إيران أخرى دون أن ندرى، لأن «الإخوان» يسعون لترسيخ هذا المبدأ بأسلوب «أحقر» هو الابتسامة المسمومة على طريقة «خليهم يتسلوا». وأراهن أنهم يسعون لهذا الغرض بعد تعويد الناس على وجودهم وجعلهم يملون من التظاهرات والمقاومة حتى يستسلموا للأمر الواقع، وهذا ما لا أتمنى حدوثه. * العام الماضى ظهرت ب«لوك» الشعر الأبيض، وهذا العام حلقت شعرك نهائياً؟ - عملت هذا ال«لوك» خصيصاً فى المسلسل الجديد بالاتفاق مع المخرج، ليتناسب مع الشخصية. * هل صحيح أنك أنت الذى رشّحت جومانا مراد للبطولة؟ - جاء ذلك بتحمُّس منى واتفاق مع المخرج والشركة المنتجة، حيث يربطنى تفاهم فنى مع «جومانا»، فضلاً عن صداقتنا القوية، فهى فنانة طموحة ومتميزة، وطبيعة شخصية «سحر» التى ترافق «رجب» الذى أقوم بتجسيده تناسبها، وهى خير من يجسّد الدور رغم أنها سورية، لأنها تفهم المناخ المصرى جيداً. * تردد أنك تُقدّم فى هذا المسلسل شخصية «صبرى نخنوخ»؟ - غير صحيح، فالعمل يناقش كيف يتحوّل الناس إلى فراعنة، وتلك النماذج يمكن أن نراها فى الشارع، وهى نتاج لما تعرّض له الشعب المصرى من تغيُّرات اجتماعية خلال ال30 عاماً الماضية، وجميعنا نعى ما يمثله ذلك من خطورة. * هل كنت متخوّفاً من عرض فيلم «فبراير الأسود» فى هذا التوقيت؟ - بل كنت مرعوباً، لكننى مؤمن بالرزق وأن هذا الشعب وسط هذه الظروف يعشق الفن ولديه ذوق خاص يدفعه إلى دخول السينما وتمييز الأعمال الفنية الجيدة، وهذا ما حدث بفضل الله مع الفيلم. * هل أنت راضٍ عن ردود الأفعال؟ - راضٍ جداً، بدليل الإيرادات التى حقّقناها رغم الحالة الاقتصادية التى تمر بها مصر وحالة الكساد التى تعيشها السينما. * ماذا جذبك فى تجربة «فبراير الأسود»؟ - جودة العمل، كما أننى لا أتعمّد تقديم خط سياسى، وإن اتفقت مع الجميع على أن أغلب ما قدمته يتضمن خطاً سياسياً واحداً عدا عملين أو ثلاثة، وأرى أن السر فى ذلك هو تكوينى الشخصى. * هل تعتقد أن الوقت كان مناسباً لتقديم كوميديا سوداء من نوعية «فبراير الأسود»؟ - استقبال الناس وإيرادات الفيلم الجيدة تعبّر عن افتقاد الجمهور هذه النوعية من الأعمال، خصوصاً أن الواقع الذى نعيشه حالياً أقرب إلى كوميديا سوداء، ونحن كشعب نجيد الضحك على مآسينا، إضافة إلى أن الفيلم الجيد ليس له وقت، خصوصاً إذا كان مقدّمه هو المخرج محمد أمين الذى يمتلك مشروعاً سينمائياً مميزاً.كنت خائفاً من العمل مع «السبكى».. لكننى وجدته متعاوناً للغاية وأحيى دوره الحالى فى السينما * يماهى الفيلم الطبقة الوسطى مع طبقات أخرى فى المجتمع.. ما المغزى؟ - الفيلم يقدّم هذه الفكرة باعتبارها طوق نجاة من الغرق والضياع، وستلاحظين أن الطبقة المتوسطة تحاول الوصول إلى بر الأمان والطمأنينة بعد أن تم دفنها تحت طبقات من الرمال، ونحاول من خلال الفيلم توصيل استغاثة تلك الطبقة المهمة لإحداث توازن فى المجتمع، وهذه رسالة إلى نظام «الإخوان». * ما أكثر ما جذبك إلى فيلمك الجديد «الحرامى والعبيط» المنتظر عرضه قريباً؟ - هذا الفيلم من أحب الأفلام لدىّ، خصوصاً أننى أتعاون فيه مع صديقى خالد الصاوى وأحمد عبدالله، فقد عملنا سوياً فى مسرح الجامعة وتربطنا صداقة قوية، وكنا لفترة طويلة نبحث عن عمل جيد يجمعنا، إلى أن وجدنا ضالتنا فى هذا الفيلم، الذى أجسد فيه شخصية مختلفة وجديدة عما قدّمته، وسيفاجأ الجمهور بها، خصوصاً أننى عادة ما كنت أقلّد شخصية «العبيط» أمام أصدقائى فى بداية عملى، لكننى اجتهدت حتى تخرج بشكل مختلف، لأنها شخصية شديدة الصعوبة. * أشيع أنك كنت ترفض العمل مع أحمد السبكى.. فما الذى دفعك للعمل معه فى هذا الفيلم؟ - بصراحة كنت متخوّفاً من التعاون معه لما أشيع عن أنه يتدخل فى كل صغيرة وكبيرة، وعندما أعجبتنى قصة الفيلم وجلست معه وجدت العكس، حيث كان متعاوناً للغاية ووفّر للفيلم كل الإمكانيات اللازمة، كما أننى أحيى دوره فى السينما حالياً لأنه ما زال ينتج فى الوقت الذى توقّف فيه الكثيرون. * أنت من أكثر الفنانين وجوداً على الساحة.. هل ترى أن ذلك فى صالحك أم ضدك؟ - فكرت فى الأمر كثيراً وخفت أن أكون «محروقاً» لدى الجمهور، لكن أكثر ما يشجعنى على الوجود هو الأدوار التى تُعرض علىّ، خصوصاً أن جميعها مختلف، وليس وجوداً لمجرد الوجود، وهذه أرزاق، والحمد لله أن كل أعمالى لاقت ترحيباً من الجمهور. * هل الفن بالنسبة لك مهنة.. أم أكل عيش؟ - الفن هو «لقمة عيش»، لكننى لا أتقبل هذه الحقيقة لأننى أحببت الفن عندما لم يعطنى وأحببته عندما أعطانى، وأحبه حتى لو تنازلت عن جزء من هذا الأجر نظراً للأحداث والظروف الإنتاجية الصعبة، فهو بالنسبة لى عشق خاص ولا أجد نفسى إلا فيه. * ما المهنة التى عملت بها وأحببتها قبل الفن؟زوجتى تقف خلف نجاحى وهى طبيبة تتحمّل توترى وتداوى جراحى - التجارة.. كنت تاجر حلويات ناجحاً، وهذه المهنة أحببتها كثيراً منذ صغرى لأنها فى حد ذاتها فن. * يقولون إن «وراء كل رجل عظيم امرأة».. هل ينطبق ذلك عليك؟ - وراء نجاحى كفنان.. طبيبة عظيمة هى زوجتى التى أحبها كثيراً، لأنها تتعامل معى بحكمة الطبيب وتتحمّل توترى وتداوى حزنى، لذا أقدّرها وأحبها وسأظل أحبها حتى أموت. * كنت متحمساً لحكم «الإخوان» فى البداية وضد انتخاب أحمد شفيق.. هل مازلت عند موقفك؟ - الله يخرب بيت اليوم اللى جالنا فيه «الإخوان».. كان يوم أسود. الإخوان لم يقدّموا جديداً، بل زادوا الناس جوعاً وفقراً وألماً مثلما كان يحدث فى عهد «مبارك» وأكثر، لكن هذا اليوم لم يكن ليقل سواداً لو كان «شفيق» هو الذى تقلّد أمور الحكم، وكل ما أملكه هو أن أدعو لمصر برئيس يحبها من قلبه حتى يعبر بها إلى بر الأمان.