كنت قد عزمت على عرض ملف الأسرى المصريين بالسعودية، لكن، بما إن ملك السعودية قد قرر تلفيق تهمة الاتجار فى المخدرات للمحامى أحمد الجيزاوى، فقد وجب التعليق، خصوصا أننى أشتم رائحة المتسولين الذين يميلون إلى التضحية بالجيزاوى، وتشويه سمعته، وقد نسمع فى الأيام المقبلة عبارات من قبيل: وهو إيه اللى ودّاه هناك؟ وانتو إيه اللى خلّاكوا تتظاهروا لما عرفتوا إن ابنكم حيتجلد؟ وقبل أن تصيبنا نكبة كنكبة خالد سعيد، علينا أن نتخذ كل الخطط الدفاعية كى نستعيد الجيزاوى وغيره من المسجونين المصريين فى سجون آل سعود. أولا: طال عمره، طار مخه، وبيعاندنا. الأسرة تحكم شعب الجزيرة بالحديد والنار والسوط، وكما قال الشاعر تميم البرغوثى «رزق الملوك الخوف»، وكما اختبرنا بأنفسنا فى العام المنصرم، فإن الخوف وهم، فإن تغلبت عليه سقطت كل الآلهة التى أمضينا عقودا ندور حولها فى الأغلال، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. رأسمال آل سعود هو التنكيل بكل من تسول له نفسه التعامل معهم بوصفهم بشرا يصيبون ويخطئون، لا بهدف الانتقام فحسب، ولكن ليكون عبرة لغيره، لذلك، فإن الجيزاوى الذى اجترأ على مقاضاة آل سعود تجب معاقبته والتنكيل به، وإلقاء القبض عليه وهو قادم لزيارة بيت الله ومقام نبيه. وبما أن المصريين «متثورجين بقى وعاملين رجالة» فعلى الملك أن يبالغ فى التنكيل بأحمد الجيزاوى، خصوصا بعد ما اتهزّأ عند السفارة هههههههه. تلفيق تهمة تهريب المخدرات لأحمد الجيزاوى، والتى لم تظهر إلا بعد مرور أسبوع من إلقاء القبض عليه، لم يكن المقصود به سوى إرهاب شعب الجزيرة العربية ذاته، بقول آخر: مش دول المصريين اللى عاملين فيها رجالة؟ طب حاكسر مناخيرهم عشان ما تفكروش تعملوا زيهم... خاف يا عيد.. ثانيا: يبدو أن طار مخه، أبو مخ صغير، اللى حط عقله بعقل عيال من دور أحفاده عملوا له زفة قدام السفارة، قد هدد السلطات المصرية. وجميعنا يعلم أن هؤلاء الحفنة من المتسولين لا يأبهون إلا للدولارت التى تأتى من المعونة الأمريكية، والريالات التى تأتى من السعودية، ولا نتوقع أن مَن دهس المواطنين بمدرعات مرتبكة سيساند مواطنا مصريا مارس حقه فى تبنى قضية المصريين المعتقلين بالخارج، وظن طار مخه أنه حين يهدد السلطات المصرية فإنه «بيكلم كبيرنا عشان يلمّنا يعنى»... طب احنا مالناش كبير، والسلطات المصرية دى لو عاجباك خدها عندك فى جدة. السلطات المصرية كلها، بجميع مجالسها، العسكرى منها والمدنى، تشكل عبئا علينا، وليس لها أى دور فى حياتنا سوى أنها بتقلّبنا فى الفلوس وتقرفنا فى حياتنا، واحنا بنقرفهم بدورنا.. أمّال يقرفونا ونسكت لهم؟ وإن كانت السلطات المصرية عازمة على تشويه أحمد الجيزاوى توطئة لقبول حبسه، ومن ثم إعدامه فى قضية ملفقة، فنحن لا نصدق الإعلام المصرى الذى يأتمر بأمر السلطات المتسولة. ثالثا: أنا أعرف المحامى المصرى والناشط الحقوقى أحمد الجيزاوى، معرفة وثيقة منذ خمس سنوات، وبعيدا عن كون اتهامه بتهريب المخدرات ضربا من ضروب الخيال، أحمد ده لو أخد 3 أقراص ريفو يعمل دماغ، ولو شرب كوبايتين ينسون يقول أنا جدع. فإن أحمد الجيزاوى له من الأفضال على هذا الوطن ما يستحث كل مصرى لمساندته الآن وفورا. الجيزاوى هو أحد الجنود المجهولين الذين مهدت مجهوداتهم لقيام الثورة، بدءا من تحركه للتضامن مع الإخوان المسلمين فى أثناء محاكمتهم عسكريا فى عهد مبارك، مرورا برحلاته غير المنقطعة لفك الحصار عن غزة، وتطوعه لخدمة اعتصامات العمال، ونشاطه فى قضايا الفلاحين، مثل قضية القرصاية، وتعرضه المتكرر للاعتقال والتعذيب على يد أمن الدولة المصرى، ونشاطه فى مكافحة التعذيب فى أقسام الشرطة (كل المذكور آنفا هو نشاط الجيزاوى فى عهد مبارك)، ولم يكل أحمد، وآخر مَن تطوع للدفاع عنه كان الناشط أحمد دومة. وبمعرفتى أن أحمد الجيزاوى تعرض للتعذيب عدة مرات، أرى أن الزعم بأن أحمد قد وقع اعترافات على نفسه فى السعودية أمر مستحيل، اللهم إلا إذا كان قد تعرض لتعذيب أبشع بمراحل من تعذيب أمن الدولة المصرى. طيب... سيدى المواطن، هناك مواطن أمضى سنوات حياته منذ أن تخرج فى كلية الحقوق، وحتى هذه اللحظة، يسعى خلف حقك وكرامتك دون أن يبحث عن مقابل إلا أجره من الديان، يتعرض للتعذيب والتنكيل وقد يحكم عليه بالإعدام، لأن طار مخه مزاجه جايبه يذلَّك أنت وكل مواطن مصرى تجرّأ على القيام بالثورة وعايز يفتح عينين الشعوب التانية على قلة الأدب اللى اسمها ثورة.. فماذا أنت فاعل؟