علم «المشاكس» من مصادره المطلعة أن الرئيس السابق مبارك حرص على حضور جلسة إعادة محاكمته، رغم العرض القانونى الذى قدمه له فريد الديب محاميه الخطير «اقعد مطرحك يا ريس وأنا سداد هاقوم باللازم» لكن مبارك رد عليه «سيبلى الطلعة دى يا ديبو.. محتاج أخرج شوية والناس تشوفنى وكمان عندى كده كام رسالة عايز أوصلهم للبعيد مرسى على الله يفهمها.. رتب إنت أمورك القانونية وقل لهم يستنونى.. أنا جاى وغلاوتك جاى». حار «الديب» فى أمر رئيسه وموكله «عايز يقول إيه ده أحسن يعكها علينا ويبوظ القضية أنا ما صدقت لقيت المخرج»، فاتحه فى مخاوفه لكن بأدب جم اعتاده مع رئيسه، فهاله أن سمع ضحكة مجلجلة من مبارك سارع بعدها الديب بالقول: «ياريس إحنا فى المستشفى خد بالك أحسن حد يسمعنا وينشك عين ويقول صحتك تمام»، فخفض مبارك من صوته وهو يقول «ما انت يا ديب السبب ضحكتنى وانا المفروض عيان، بص ما تقلقش عليا، أنا حكمت البلد دى 30 سنة إنت عندك شك إنى باعرف أتكلم كويس جدا وأوصّل اللى عايزه حتى من غير كلام.. دى مهارات يا ديب ما يغركش اللى بيحصل فى البلد دلوقتى.. صدق المثل اللى قال مش كل اللى بيتقال له يا ريس يبقى ريس بجد». اتفق الطرفان، الديب يحضر مرافعته ودفوعه، ومبارك يحضر رسائله، وقف مبارك حائرا أمام دولابه «ألبس إيه يا جماعة ساعدونى، الترنج ده طلعت بيه قبل كده.. أنا راجل شيك طول عمرى نزيه ومعوّد شعبى ما يشوفش منى حاجة وحشة أبدا.. طب النضارة دى أحسن عايز الناس تشوف نظراتى من ورا النضارة.. لأ بلاش كاب ما يناسبش سنى ومركزى ده غير إنى عايز أبين شعرى أمال أنا صبغته ليه؟». تأهب الرجل للقاء الذى انتظره، ساوره بعض الخوف من احتمالات الإفراج عنه فى 13 أبريل، لكنه تبدد حينما أدرك بذكائه الخطوة التى سيقدم عليها الإخوان «أنا عارفهم وحافظهم هيطلعوا لى قضية مش بعيد تكون تبديد مخزون الرئاسة من التونة أو اختلاس الملح اللى كان فى البرطمان.. عشان أفضل فى الحبس.. فاكرين إنهم كده بيضايقونى، دى أكبر خدمة ممكن يعملها نظامهم، أنا كده بطل فى نظر شعبى الحبيب، وفى نفس الوقت لو طلعت ممكن واحد فيهم يتجنن ويخلص عليا، لكن كده أنا فى حمايتهم».. لم يخيب الإخوان ظن مبارك بهم، وتم تجديد حبسه فى قضية جديدة، أخذ يومها يضحك من فرط ثقته فى نفسه وفى ذكائه: «الله عليك يا واد يا مبارك ده انت دماغك سم.. فين اللى كانوا بيقولوا عليا عجوز عشان يشوفوا دماغى اللى بتطلع دهب دى». لم يكن مبارك طوال الفترة التى سبقت إعادة محاكمته معنيا بالأمر، بل لم يهتم حتى بقراءة الجرائد، ومبرره الذى ساقه لمحاميه، حسب المصدر شديد الاطلاع: «وأبص على الجرايد ليه، ما أنا عارف اللى فيها، احتجاجات على شوية تصريحات من ناس فاضية واخدة المعارضة سبوبة، على سقطات للإخوان وفضايحهم، على مليونيات للعيال اللى مش وراهم غير الفيس بوك وتويتر.. أقرأ إيه بقى؟ المقالات.. نص اللى بيكتبوا إخوان والنص التانى معارضين ليهم والاتنين بيشتموا فى بعض وبينهشوا فيا».. منطقه فى هجر القراءة كان يحترم على الأقل من وجهة نظر الديب، الذى صدق على كلامه بعبارات تفخيم «طول عمرك أستاذ يا ريس فعلا هو ده اللى بيحصل، إنت كده لخصت كل اللى بنقراه فى الجرايد يوماتى صحيح العلم فى الراس مش فى الكراس». «وصلت الطائرة».. يقولها الحرس لمبارك الذى يبتسم «وحشنى ركوب الطيارات.. أنا صحيح بطلت الموضوع ده من زمان بس محدش ينسى إنى ضابط طيار ليا صولات وجولات فى الحرب يعنى الناس شافت أماراتى مش مستنية دلالة إنى رحت ناسا ولا خدت دكتوراه» يدلف إلى الطائرة عبر حراسته وطاقم تمريضه فى الكرسى المجهز لحركته «حاسبوا عليا يا ولاد أنا الحركة الكتير بتتعبنى».. يندهش الديب الذى حضر الحوار ويقول «سلامتك يا ريس اوعى تكون تعبت تانى»، فيلقيه مبارك بنظرة غضب قبل أن يهمس «تعرف تسكت انت أنا زى القرد وعارف بأعمل إيه.. ده عشان التعاطف يا بنى.. التعاطف»، فهم الديب مغزى كلمات مبارك قبل أن يغادره فى طريقه إلى المحكمة، فى الطريق عبر الطائرة أعاد مبارك ترتيب أوراقه، والرسائل التى يحملها لنظيره مرسى، وجاء الموعد المتفق عليه ودخل مبارك القفص. تحية للجماهير أرسلها مبارك من وراء قفصه، وابتسامة أمل بانت فى عينيه قبل شفتيه غيرت من الصورة الذهنية التى رسمها كثيرون لظهور الرئيس المخلوع فى إعادة محاكمته بعد عامين من الثورة: «مش هو ده مبارك؟ ده كأن الزمن لا راح ولا جه عليه» التعليق تردد غير مرة على مسامعه من حضور الجلسة.. وفيما يلى نص الرسائل التى تعمد مبارك إرسالها لمرسى: 1- الابتسام حمل رسالة: «أنا مبسوط كده.. أنا مرتاح كده.. اوعى تفكر تخرجنى من السجن». 2- الابتسامة مع التلويح تحمل رسالة إلى مرسى والمصريين معا مفادها: «اللهم لا شماتة». 3- النظارة الشمسية واللون الأحمر اللى هيبك من خدوده يحمل رسالة: «هى دى النهضة.. حد عايز نهضة تانى؟ أنا معايا بزيادة». 4- وقوف علاء وجمال إلى جواره طوال الجلسة يحمل رسالة: «إحنا أسرة مع بعضينا.. يعنى خارجين كلنا مع بعضنا.. اوعوا تفتكروا إن واحد فينا هياخد حكم». 5- الرسالة الأخيرة التى أرسلها مبارك لمرسى: «بص بقى على الفيس بوك وتويتر وكل وسائل الاتصال والتواصل واعرف مين فينا الريس ومين المحبوس». والسلام ختام رئيسك الوفى مبارك