انتشرت بشكل ملحوظ ظاهرة الطلاق داخل المجتمع المصرى كالسرطان الذى ينهش فى جسد الأسر المصرية، والطلاق يعنى أطفالا تتشرد، وقد يتحولون لأطفال شوارع مدمنين غير أسوياء، يقال أن المرأة المصرية التى كانت مشهورة بقدرتها على الصبر أصبحت أقل صبرًا وأكثر حدة في التعامل مع زوجها خاصةً بعدما دخلت مجال العمل وأصبح لديها دخل مستقل تستطيع به الإستغناء عن الزوج والعيش فى استقلالية مع أبنائها بعيدا عن تحكم الزوج فى حياتها، كما أن غياب دور الدين فى الحياة الزوجية وعدم التوافق الفكرى والتوافق فى الطباع والشخصية وعدم تحمل المسئولية والأنانية من كلا الزوجين وسوء معاملة الزوج من ضرب وإهانة وتدخل الأهل فى حياتهم من أبرز الأسباب التى تؤدى إلى حدوث الطلاق وقد ذكرت دراسة صادرة عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء ان مصر شهدت أكثر من 75 ألف حالة طلاق فى العام الماضى، وأشارت الإحصائية إلى أن 45 ألف حالة من حالات الطلاق وقعت بسبب استخدام الزوج للإنترنت وانشغاله عن زوجته، فضلا على ان ما يقرب من 56% ممن شملتهم الدراسة انشغلوا بمشاهدة مواقع إباحية والتى أصبحت بديلا عن الزوجة. الجدير بالذكر أن معدل حالات الطلاق فى مصر إرتفع إلى أرقام قياسية عالمية حيث أشارت دراسة صادرة عن مركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء أن مصر الأولى على مستوى العالم في حالات الطلاق وأشارت الدراسة أن معدلات الطلاق خلال الخمسين عامًا الماضية ارتفعت من 7% إلى 40% حيث يقع فى اليوم الواحد 240 حالة طلاق ووصل عدد المطلقات في مصر إلى 2.5 مليون مطلقة وأغلب حالات الطلاق تحدث في العام الأول من الزواج وقد زادت هذه النسبة بعد صدور قانون الخلع المصرى، وحذر خبراء من تفشى ظاهرة الطلاق داخل المجتمع المصرى مطالبين في الوقت ذاته بالبحث عن سبل سريعة لمواجهة هذه الظاهرة قبل تفكك وانهيار العديد من الأسر المصرية. الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع والباحثة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ذهبت إلى القول بأن ظاهرة الطلاق زادت بشكل غير متوقع فى السنوات الأخيرة وذلك نتيجة لعدة مظاهر و متغيرات حدثت فى المجتمع المصرى ويمكن تلخيص أسباب الطلاق إلى الآتى أولا حدث إختلاف فى أسلوب تربية الأسر للأبناء بحيث أصبح الأبناء غير قابلين على تحمل المسئولية فنجد أن البنت لا تهيأ أن تكون زوجة ولا الولد أيضا فى تحمل المسئولية لذلك عندما يتزوجون تكون عندهم صدمة زواجية السبب الثانى المؤدى إلى حدوث الطلاق هو الندية فأصبح هناك صراع شديد بين الإحتياجات فنجد أن كلا الزوجين يريد أن يحقق إحتياجاته بأنانية مطلقة دون النظر إلى الطرف الآخر كما أنهم يفتقدوا إلى عنصر الإحترام وأى إختلاف فى وجهات النظر ممكن أن يتحول إلى مشاجرة يستخدم فيها تبادل الألفاظ غير اللائقة التى قد تؤدى فى النهاية إلى الطلاق السبب التالى لحدوث الطلاق هو أن التربية المجتمعية بها نوع من أنواع الصراع بين الرجل والمرأة حيث نجد أن كل واحد داخل الأسرة لابد أن يكون له الرأى الأخير. وتؤكد كريم أن الإعلام ومجلس المرأة ساعدوا فى وجود هذا الصراع فنجد أنهم دائماما يزجوا بالمرأة بأنها لابد أن تتساوى تماما بالرجل كما أن قانون الأحوال الشخصية ساعد المرأة على طلب الطلاق، وأن اختيار الزواج ممكن أن يؤدى إلى الطلاق لأن عملية الإختيار لا تقوم على التوافق بل تقوم على الجانب المادى فقط فإذا وجدت البنت رجل لديه إمكانيات مادية من الممكن أن تقبل به زوجا إنما التوافق الزواجى من حيث البيئة والعائلة والتعليم والسن والمعنويات و الطباع كل هذه الأشياء أصبحت ليس لها الإهتمام الأكبر بجانب الماديات كما تؤكد كريم أن أهم سبب وجدناه فى الطلاق المبكر هى العلاقة الخاصة فنجد أن كثير من الشباب عنده ضعف جنسى وهذا الضعف جاء نتيجة تأخر سن زواج للرجل والبنت كما أن رؤية المشاهد الجنسية سواء فى الإنترنت أو الفضائيات التى تدفع الشاب فى سن صغيرة أن يمارس العادة السرية التى تجعله بعد ذلك غير قادر أن يمارس الحياة الزوجية بشكل جيد مع زوجته وبالتالى نجد أن نسبة كبيرة من الطلاق فى السنوات الأولى من الزواج وأحيانا يقع الطلاق بعد الشهر الأول من الزواج تحمل كريم الإعلام المسئولية الأكبر لحدوث الطلاق الذى يوجه الناس إلى أن الأسرة (كلام فارغ) على حد تعبيرها كما أنه لا توجد إلى الأن أى مؤسسة تدعو إلى الترابط الأسرى فأصبح الطلاق أو الخلع سلوك سهل بعد أن كان شبه مستحيل فى المجتمع المصرى والعربى كله وعن مصير الأطفال لأبوين منفصلين تؤكد كريم أنهم هم الخاسرين فهى ترى أن الزواج فى سن متأخر يدفع الزوجين إلى الإنجاب سريعا و بعد شهر أو أكثر نجد أن الزوجة حامل قبل ما تتعرف إلى طباع زوجها ولذلك يحدث الطلاق والمرأة حامل من هنا الذى يدفع الثمن غاليا هم الأطفال لأن أى تربية من طرف واحد فهى تربية لن تشبع الأخلاقيات ولا السلوكيات ولا الإحساس النفسى للطفل ومن ثم تبدأ معها الإنحرافات فنجد أن نسبة الإدمان لأبناء المطلقات بشكل كبير جدا والأسواء من ذلك أن أبناء المطلقات بينفصلوا أيضا لأنهم لم يعتادوا الحياة المستقرة من جانبها تقول الدكتورة هبه قطب إختصاصية العلاقات الزوجية هناك طلاق بمجرد الزواج وموجود بكثرة ويرجع السبب فيه إلى عدم الإحساس بالمسئولية فعلى مدار العشرين سنة الماضية ربت الأسر أبنائها على أنهم مستهلكين أى يتحملوا كل المسئوليات بدلا عنهم وبعد الزواج يفاجئوا بأنهم أمام المسئولية بمفردهم لا يتصرفوا بشكل سليم وهذا من شأنه عمل إرتباك نفسى شديد جدا. تؤكد قطب أن العلاقة الخاصة بين الزوجين ليست السبب الوحيد فى الطلاق لكن المسئولية تأتى من كل إتجاه تشير قطب أن كلا الزوجين دأب على الأخذ دون عطاء وبالتالى عندما يأتى الوقت لكى يعطى يرتبك، مشيرة إلى أن وصايا الأهل أصبحت من نوع خاص جدا أنا غير راضية عنها فيحدث الصدام بشكل غير محسوب وتقول قطب أن الحل ينبع من المشكلات فلابد من الإستماع لكلا الطرفين كل على حدة ونبدأ فى توجيه المفاهيم الخاطئة عن الزواج ونقومها لأن العلاقة الزوجية مثل (البينج بونج) على قدر الأخذ يأتى العطاء كما تؤكد قطب أن الأسلم والأوقع والأأمن أن التقويم يجب أن يأتى من البيت والأسرة وتصحيح مفاهيم الزواج لدى الأبناء عن رأى الأزهر فى إنتشار الطلاق داخل المجتمع المصرى يقول دكتور محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق أن الله شرع الطلاق حين تستحيل الحياة بين الزوجين حيث أن الله عرف الزواج وذكره بأنه سكن ومودة ورحمة وقال ( ومن أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) ويعنى ذلك أن يكون كلا الزوجين مستودع أسرار وألام الآخر كما أن المودة تظل قائمة إلى أبد الأبدين وسيدنا النبى قال ذلك (لا يفرك مؤمن مؤمنة ) أى لا يمقت ولا يعادى ولا يخاصم إن كره منها خلقا رضى منها آخر و يتجاوز عن ما لا يعجبه إلى ما يعجبه حتى يعيشا فى هناء وسعادة. يضيف عاشور أن الرجل الحكيم منذ الأزل قال لو بينى وبين زوجتى شعرة ما إنقطعت ويجب على كلا الزوجين أن يخافا على الآخر خوفه على نفسه ولا يشق عليه فى أمر ولا يحمله ما لا يطيق وإنما يتعاونان على بأساء الحياة وضرائها وطالب عاشور بضرورة نشر ثقافة الأسر والزواج بين من يريدون الزواج من خلال دورات تدريبية لكى يعرفوا ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات وكيف تكون الحياة بين الزوجين وكيف يتحامل كل منهما الآخر. كان لابد لنا أيضا من معرفة الرأى القانونى فى مشكلة الطلاق يرى نبيه الوحش المحامى أنه تلاحظ فى الفترة الأخيرة تزايد حالات الطلاق ليس بسبب قانون الأسرة فحسب وإنما بسبب تردى العادات والتقاليد والإنفلات الأخلاقى حيث ذكر معهد البحوث الجنائية والإجتماعية أن كل 3 ثوانى تتم حالة طلاق والذى زاد الطين بلة موضوع الخلع وإنشاء محاكم الأسرة وهى كلمة مستوردة حيث ورطتنا فيها سوزان مبارك زوجة المخلوع. يؤكد الوحش أن إنشاء محاكم الأسرة تم بطريقة غير لائقة فى عهد المستشار فاروق سيف النصر وأغلب محاكم الأسرة عبارة عن أكشاك خشبية لا تليق لا بالمحكمين ولا بالأخصائيين النفسيين ولا المترددين على محاكم الأسرة. وعن ضرورة الحد من تفشى ظاهرة الطلاق يقول الوحش يجب على الدولة أن تسارع فورا بإصدار قانون خاص بالأحوال الشخصية يتوافق مع الشريعة الإسلامية حيث أن قانون الخلع الحالى غير إسلامى لأن الخلع المصرى بينتزع ولاية الرجل ويجعل الولاية فى يد القاضى ويجبر الزوج على قبول مقدم الصداق التى تعرضه الزوجة وهو مقدم سورى عبارة عن 25 قرش أو جنيه فقط فى أغلب الأحيان وهذا مخالف للشرع أما الخلع الإسلامى يجبر الزوجة على أن ترد للزوج كل ما آل إليها من مهر وشبكة وهدايا طالما هى التى طلبت الخلع وليس للخلع المصرى الحالى سبب سوى أن الزوجة تخشى على نفسها الفتنة لكن التطليق والخلع الإسلامى يوجب البحث فى أسباب الضرر. يشير الوحش إلى أن المشكلة ليست فى الطلاق فحسب بل فى الأضرار المترتبة على الطلاق وهى أطفال الشوارع حيث أن حالات الطلاق الكثيرة أدت إلى تفكك الأسرة المصرية. وطالب الوحش مجلس الشورى الحالى أن يسارع بإصدار وتشريع القوانين التى تحمى الأسرة المصرية، كما طالب بضرورة وجود معاش للمطلقة التى ليست لها عائد وأن يقوم الزوج بتوفير مسكن بعد الطلا ق لأولاده ومطلقته حيث أن القانون الحالى جعل هذا الشرط جوازى وهذه كارثة وكثير ما نجد الأم التى ليس لها أهل أو أسرة تضطر أن تنحرف أو تتشرد