كنا نواجه القنابل والرصاص حين انفض جمع التحرير إلى الانتخابات بحماس وأمل، وذهبت لأدلى بصوتى فسألنى رفقة الموت عن السبب فقلت: باحب أشارك الشعب حبيبى وشريانى. كما أننى كنت متأكدة من أن المنتخب المتحمس سيتلقى صدمة عمره حين يشاهد أول جلسة برلمانية، مما سيسهم فى استمرار الشحن الثورى. فالمواطن الذى جلس فى بيته يائسا لن يشعر بسخونة القفا الذى شعر به المواطن الذى أجهد نفسه فى النزول والتصويت، وقد كان. الجميع الآن يتحسس قفاه. وأنا أحب أن أشارك الجموع الغفيرة فى تحسس القفا بدلا من مشاركة القلة التى عادة ما تمصمص الشفاه: مشيم.. مشيم.. مش قلنا لكم؟ لأ ماباحبش أنا دور عواجيز الفرح ده. الآن، سننزل جميعا لانتخاب الأستاذ كلينكس، أو بقول آخر: الرئيس القادم، الذى لخص عمرو أديب مهامه: إن شاء الله حيقص الشريط، ويصلى العيد. ولك أن تتخيل يا مؤمن حين أستشهد أنا اللى هو أنا بعمرو أديب اللى هو عمرو أديب وطول عمرى باقول عليه عمرو أديب، شوف بقى إحنا وصلنا لفين؟ لكن.. وكما تقول فيروز: «إيه فى أمل». ما يهمنى الآن هو جمع التوكيلات لصالح المرشحين الذين عرفوا بانحيازهم إلى الثورة: خالد على، وحمدين صباحى، وبثينة كامل، وعبد المنعم أبو الفتوح... إلى جانب أى مرشح يرغب فى الانضمام إلى هذا الائتلاف، اللى أنا عملته دلوقت حالا من غير ما استشير حد... أنا حرة على فكرة، ما كله شغال مبادرات إشمعنى أنا؟ وبالطبع هناك ائتلاف غير معلن لما يسمى مرشحى الفلول، ألا هو أعضاء نادى ربيع العمر، والمتزلفين للمجلس العسكرى، وهم معروفون. كلنا يرى الاختفاء المبهم للمجلس العسكرى، والتخريب المتعمد للبلاد، والهبل الهيستيرى للبرلمان، ولا أعلم إن كان المجلس العسكرى سيسمح لانتخابات الرئاسة أن تمر، أم أنه سيستخدمها لإحداث مزيد من الفوضى والخراب، حتى يتمكن من إحكام سيطرته، فتهرع إليه الجماهير مستغيثة به أن يبقى ويحل البرلمان الفاشل، ليحمى البلاد. ما احنا عارفين مخهم. الله أعلم، لا أزعم أننى أحسن التنبؤ، لكن، لنتخيل سويا أسوأ السيناريوهات، ولنقل مثلا، مسلسل تفجيرات، أو جرائم، أو حرائق، أو تهديد بالحرب... مثلا مثلا، وهى وسائل جيدة سيستخدمها المجلس العسكرى الذى يعلم أنه بمجرد خروجه من السلطة ستتم مقاضاته على الدماء التى أراقها، ويبقى الإخوان يبلوا الخروج الآمن ويشربوا ميته. أو لنقل إن المجلس العسكرى سيسمح لانتخابات الرئاسة بالمرور، ثم يزور الانتخابات، تزويرا ناعما، لتمرير المرشح الذى يتقن أداء دور شرابة الخُرج.. خلاص كده؟ فى كل الأحوال، ليس لدينا بديل عن العودة إلى الشارع بقوة، واللى مشَّىَ مبارك يمشّى المجلس العسكرى واللى يتشدد للمجلس العسكرى، واللى عايز يخرّجه آمن، ويبقوا يدّنوا فى البرلمان من هنا للصبح. لكن، أنى لنا أن نعود إلى الشارع بمطلب واضح، وخارطة طريق جلية، والناس فى حالة تيه بهذا الشكل؟ لن ينقذ الشارع من التيه إلا توكيلات، لا ينفرد بها مرشح رئاسة واحد، مهما وثقنا فى نزاهته، وأنا بصراحة ماباثقش فى حد، وإنما، يتم توزيعها على مرشحين يتبنون خطاب الثورة، ويختلفون فى توجهاتهم السياسية، لنضمن أن إصبع كل مرشح تحت ضرس الباقين، يقوموا ماياكلوناش على قفانا... علشان بصراحة إحنا قفانا ورّم! مضت مرحلة المواءمات، وأخذ المجلس العسكرى على قدّ عقله، ومحايلته: «قناوى يا بنى.. ده أنا حاجوزك هنومة، قوم يا قناوى إلبس بدلة الفرح». خلاص... قناوى اتجنن، وقتل من قتل، وخرب، وأحرق، وهتك، وطلع ناصح، ولن يرتدى بدلة الفرح، قرر يقلع لنا مالط كما نرى جميعا. الأمل الآن فى توكيلات لمرشحى الرئاسة السالف ذكرهم، بما أن السادة أعضاء المجلس الموقر لا يراعون الله، ولا يحترمون من انتخبهم. ولو أن أعضاء المجلس الموقر لديهم الحد الأدنى من الإنسانية والأخلاقية والوطنية، لخرجوا علينا معلنين أن المجلس العسكرى يحكم البلاد خلف ستارهم، وإنه يمارس الضغوط عليهم، وأنهم لا يستطيعون تقديم الخدمة المناسبة للمرتبات التى يتقاضونها من قوت الشعب، ولنزلوا إلى الشارع ولوقف الشعب جميعه معهم، لكن نقول إيه؟ الاحترام مابيشتريش. الاقتراح بتوكيل مرشحى الرئاسة لا ينبع من ثقة عمياء فى أخلاقيتهم، هذه مجازفة ما كان لمواطنة أوسع الجميع قفاها سكعا أن تأتى بها، وإنما ينبع من تلاقى المصلحة الشخصية لكل مرشح مع الإرادة الشعبية.... واهو نجرب، ليس لدينا شىء نخسره... صدقونى، لما يوصل الأمر إلى أننى أنا وعمرو أديب نتفق فى حاجة يبقى أقسم لكم بالله أننا ليس لدينا شىء نخسره.