اخبار مصر واصل الجنيه المصري انزلاقه اليوم، ليسجل مستوى جديدا لم يبلغه منذ ثماني سنوات تحت وطأة الأزمة السياسية المتفاقمة في البلاد وتأجيل قرض صندوق النقد الدولي. وبلغ الجنيه أدنى مستوياته اليوم عند 6.1605 جنيه للدولار، مقارنة مع 6.1575 جنيه عند إغلاق أمس الثلاثاء ومع 6.1170 جنيه قبل أسبوع. وأعلنت مصر أمس الثلاثاء أنها طلبت تأجيل مناقشة برنامج قرض بقيمة 4.8 مليار دولار مع صندوق النقد لإتاحة مزيد من الوقت لاطلاع الشعب المصري على إجراءات تقشف تتعرض لانتقادات شديدة. وقالت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني إن طلب التأجيل يبرز التحديات التي ينطوي عليها تنفيذ زيادات الضرائب وتخفيضات الدعم في ظل مناخ سياسي صعب. لكنها أضافت أنه إذا أدى الاستقطاب السياسي الراهن إلى مزيد من التأجيل في العملية الانتقالية وفي الموافقة على البرنامج فمن المتوقع أن تزيد الضغوط الاقتصادية والمالية وقد يتعرض التصنيف المصري لضغوط. ويعتبر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي إشارة للمستثمرين والمانحين بشأن سلامة الخطط الاقتصادية للحكومة، ودافعا أساسيا لتدفق مزيد من الأموال إلى الاقتصاد لتخفيف عجز حاد في الموازنة ومنع حدوث أزمة في ميزان المدفوعات. وجاء الإعلان عن إرجاء الاتفاق بعد إعلان الرئيس محمد مرسي يوم الاثنين وقف تنفيذ قرار زيادة في الضرائب تعتبر ضرورية للمضي قدما نحو الحصول على القرض. تزامن ذلك مع حالة الاستقطاب التي تسود المشهد السياسي وسط خلافات حادة على دستور جديد بدأ استفتاء المصريين في الخارج عليه اليوم وسلسلة لا تنقطع من مظاهرات الاحتجاج على قرارات الرئيس مرسي أو تأييدا له. ويسبب الاضطراب السياسي عبئا كبيرا على الاقتصاد أدى إلى انخفاض احتياطي العملات الأجنبية إلى نحو 15 مليار دولار وهو أقل من نصف حجمه قبل الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في فبراير شباط 2011. وأنفقت الحكومة الكثير من الاحتياطي في محاولات إنقاذ الجنيه. ويعتقد محمد النجار رئيس قسم التحليل الفني بشركة المروة لتداول الأوراق المالية أن الجنيه قد ينخفض أمام الدولار إلى 6.25 جنيه بنهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل. وقال، في تصريح له، "قد نرى مستوى 6.20 جنيه في مطلع الأسبوع المقبل." وبعد أن استقر دون تغير يذكر طوال عام تقريبا عقب الانتفاضة أخذ الجنيه مسارا نزوليا على مدى ثلاثة شهور منذ أوائل يونيو حزيران الماضي قبل أن يستقر في نطاق بين 6.09 و 6.10 جنيه للدولار وسط آمال بأن يساهم قرض الصندوق في إشاعة الاستقرار في الاقتصاد المصري. لكن الجنيه دخل في الأسابيع الأخيرة دوامة هبوط وسط أعمال عنف واشتباكات بين مؤيدين ومعارضين للرئيس مرسي خلفت قتلى وجرحى. ويرى أنتوني سايموند محلل الاستثمار للأسواق الناشئة في شركة أبردين لإدارة الأصول، أن أنباء تأجيل اتفاق قرض صندوق النقد لم تكن مفاجأة نظرا للاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد. ويتوقع سايموند أن يكون تأثير التأجيل محدودا في الأجل القصير "نظرا للدعم الذي تمكنت مصر من الحصول عليه من شركاء آخرين." إلا أنه قال، في تصريحاته، "التأثير قد يتفاقم إذا لم يتم توقيع اتفاق في غضون الشهرين المقبلين. يجب أن نتذكر أن فكرة اتفاق صندوق النقد طرحت في صيف 2011 أي أن مصر تدبر احتياجاتها بصعوبة منذ عام ونصف تقريبا." واضاف أن المستثمرين سيواصلون مراقبة الوضع من خارج الملعب إلى حين التوصل إلى تسوية سياسية دائمة. وذكرت فيتش أنه حتى لو تمت الموافقة على برنامج صندوق النقد في يناير فإن مخاطر تنفيذ الإجراءات المطلوبة ستظل تهدد صرف دفعات القرض. وقال سايموند "من المثير للاهتمام أن الجنيه المصري تراجع نحو واحد % في الأسابيع القليلة الماضية مع عدم وجود ضغوط تذكر من تدفقات محافظ الدخل الثابت. يبدو وكأن خروج أموال من سوق الأسهم كان له دور في هذا التراجع." وأضاف انه إذا لم يستطع البنك المركزي كبح الضغوط التي تدفع العملة للانخفاض فقد يكون لديه مرونة أكبر في حركة أسعار الفائدة لأن تداعياتها على معدل التضخم قد تكون أقل نظرا لأن تضخم أسعار المستهلكين تباطأ إلى 4.3 % على أساس سنوي خلال نوفمبر تشرين الثاني. وفيما يتعلق بسوق العملة المحلية قال سايموند إنه بالرغم من أن العديد من الوسطاء ينصحون بشراء أذون الخزانة ذات الآجال القصيرة لأنهم يتوقعون استقرار العملة على نطاق واسع إلا أن حيازات الأجانب من أذون الخزانة المصرية مازالت متواضعة "ولا أتوقع أن يتغير ذلك الاتجاه." ويتوقع النجار أن يكون لهبوط الجنيه تأثير سيء على الاقتصاد المصري وعلى التضخم بشكل خاص نظرا لاعتماد مصر على الاستيراد. وقال "سترتفع فاتورة الواردات بسبب ارتفاع التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه وسيكون لذلك تأثير سلبي على معدلات النمو الاقتصادي." لكن سايموند يرى جانبا ايجابيا في هبوط الجنيه ويقول "في الواقع ربما يكون ضعف العملة داعما للمصدرين وسيساعد على تعزيز القدرات التنافسية للاقتصاد."