أكد خبراء سياسيون، أن نصوص مواد المفوضية الوطنية للانتخابات بمشروع الدستور الجديد، تخلو من أى إشارة إلى وجود إشراف قضائى كامل على العملية الانتخابية، واعتبروا أن مهام عمل المفوضية دون إشراف القضاء سيكون أسوأ من طريقة إدارة النظام السابق للانتخابات، وتفتح الباب لعودة التزوير بشكل أكبر مما سبق. وتنص مواد المفوضية على إلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات بعد مرور 10 سنوات على إقرار الدستور، لتكون المفوضية بموظفيها هى المسئولة عن عمليات الفرز والاقتراع، وهو ما اعتبره السياسيون، تحايلاً على القضاء ويعكس حجم الأزمة والعداء بين جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسة القضاء. وتنص مواد «مفوضية الانتخابات»، حسب مشروع الدستور، على أن تختص المفوضية وحدها بإدارة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والمحلية والنيابية، بدءاً من إعداد قواعد بيانات الناخبين، وتحديد ضوابط الإنفاق الانتخابى. ويتولى إدارة المفوضية مجلس مكوّن من 10 أعضاء يختارون من بين نواب رؤساء محاكم النقض والاستئناف ومجلس الدولة وقضايا الدولة والنيابة الإدارية، وتنتخبهم جمعياتهم العمومية من غير أعضاء مجالسها الخاصة، وينتدبون ندباً كاملاً للعمل بالمفوضية لدورة واحدة مدتها 6 سنوات، وتكون رئاستها لأقدم أعضائها من محكمة النقض، ويتجدد نصف عدد الأعضاء كل 3 سنوات، كما يتولى إدارة الاقتراع والفرز فى الاستفتاءات والانتخابات أعضاء تابعون للمفوضية، ويكون تحت الإشراف العام لها، ويمنحون الضمانات اللازمة لعملهم بحياد واستقلالية، واستثناءً من ذلك تسند المفوضية الإشراف على الاقتراع والفرز لأعضاء من السلطة القضائية لمدة 10 سنوات على الأقل من تاريخ بدء العمل بالدستور؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون. وقال الدكتور وحيد عبدالمجيد أستاذ العلوم السياسية وأحد الأعضاء المنسحبين من التأسيسية، إن مشروع الدستور مشوه بالكامل، ويشوبه البطلان، ويمثل خطراً على مستقبل مصر، وأضاف، إن مواد المفوضية الوطنية للانتخابات جزء صغير من مشكلة كبيرة. ورأى، أن تلك المفوضية بمثابة عملية التفاف مفضوحة على الإشراف القضائى، وتفتح الباب للعودة إلى تزوير الانتخابات كما كان يحدث فى العهد السابق عندما غاب إشراف القضاة، وتحديداً 2010، مضيفاً: «إمكانيات التزوير ستكون أعلى بكثير مما سبق، خصوصاً بعد إلغاء الإشراف القضائى عن الأمانات العامة أيضاً، وليس الأمانات الفرعية فقط». وأشار إلى أن مفوضية الانتخابات تعكس الموقف العدائى والمتربص للإخوان تجاه السلطة القضائية. وقال الدكتور جمال سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إن جوهر ما طرأ هو تغيير المسمى والتركيب من وجود لجنة عليا للانتخابات إلى مفوضية وطنية، وتساءل: «هل تتمتع المفوضية بالصفة القضائية أم تنزع منها، ولماذا لم تنص مواد المفوضية على فكرة الإشراف القضائى الكامل، ويكون كل قاضٍ يشرف على صندوق انتخابى؟». وأضاف، إن النص الانتقالى بمواد مفوضية الانتخابات الخاص بإشراف أعضاء من السلطة القضائية لمدة 10 سنوات على الانتخابات دون النص صراحة بإشراف قضائى كامل على الصناديق واللجان الفرعية، يحتمل التأويل، وإذا امتنع القضاة عن الإشراف الانتخابى، فهذا النص يعطى الحق بإجراء انتخابات بأقل عدد ممكن من القضاة المشرفين على العملية الانتخابية، ومن الممكن أن يشرف قاضٍ على كل لجنة عامة مثلما فعل النظام السابق فى آخر انتخابات برلمانية أجراها من إلغاء الإشراف القضائى ولم تمثل المعارضة داخل البرلمان، بعكس ما حدث فى انتخابات 2005 التى حصلت جماعة الإخوان خلالها على 88 مقعداً فى ظل وجود إشراف قضائى. واستطرد سلامة: «النص غامض وبه فجوات وقصور فى الصياغة والتشريع، وكان يجب أن ينص على الإشراف القضائى الكامل، وإلا فإنه يفتح الباب للتزوير، وإذا لم يشرف قاضٍ على كل صندوق انتخابى، فستكون المفوضية الانتخابية أسوأ من لجان ممدوح مرعى وزير العدل الأسبق»، وانتقد إشراف أعضاء تابعين للمفوضية على الفرز والاقتراع دون وجود آليات محددة لاختيارهم. وقال الدكتور عمرو حمزاوى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن مواد مفوضية الانتخابات بها مساحة من الغموض، وأضاف: «كان يجب أن ينص صراحة على الإشراف القضائى الكامل، وإلا فهذا معناه تحايل على القضاة، وإجراء الانتخابات بأقل عدد من القضاة وهذه مشكلة كبيرة». فى المقابل، أكد الدكتور جمال جبريل، رئيس لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية، أن نجاح أو فشل فكرة مفوضية الانتخابات مرهون بالتطبيق الفعلى على أرض الواقع، قائلاً: «هذه مسألة تنظيمية ومواد تشكيل وإدارة المفوضية تحاول أن تجعل منها مؤسسة مستقلة، وستستعين بالقضاة للإشراف على الانتخابات لفترة 10 سنوات من إقرار وبدء العمل بالدستور، ثم تدير المفوضية بموظفيها بعد ذلك شئونها بما فيها الاستفتاءات والانتخابات بعد اكتمال التشكيل والتأسيس، كما تختص المحكمة الإدارية العليا بالفصل فى الطعون على قرارات المفوضية المتعلقة بالاستفتاءات والانتخابات ونتائجها، ويكون الطعن على انتخابات المحليات أمام القضاء الإدارى». ورأى الدكتور عمرو هاشم ربيع، رئيس وحدة الديمقراطية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الغرض من المفوضية إنهاء دور القضاء فى الإشراف على الانتخابات، واصفاً الأمر بالإيجابى، وأضاف: «الإشراف القضائى لا يمنع التزوير، ويتوقف ذلك على النوايا والإرادة السياسية»، وانتقد إشراف المفوضية على انتخابات النقابات، ودعا إلى أن يقتصر دورها فقط على انتخابات المحليات والرئاسة ومجلسى الشعب والشورى.