أكد الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، أن القوى المدنية المشكَّلة لجبهة الإنقاذ الوطنى التى نظمت مليونية «حماية الثورة»، لن تترك ميدان التحرير قبل إسقاط الإعلان الدستورى الذى أصدره الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، الذى أفقده جزءاً من شرعيته. وأضاف فى حوار ل«الوطن»: «لن نقبل بحلول وسطية فى مثل هذا الموضوع». وأشار إلى أن الفترة الماضية من حكم «مرسى» شهدت كثيراً من الأخطاء، و«أنصحه أن يعود للحق»، ورأى أن الجمعية التأسيسية فقدت النصاب اللازم لإقرار الدستور. * كيف ستواجهون الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس؟ - لدينا الآن قيادة سياسية موحدة، ولجنة التنسيق التى تمثل جبهة الإنقاذ الوطنى، وأيضاً هناك قيادة ميدانية تدير ميدان التحرير، فاليوم أصبح لدينا تنظيم سياسى وميدانى لاستمرار هذا التفاعل والثورة لحين إسقاط الإعلان الدستورى، ولحين تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، ليس فقط سياسياً وإنما اجتماعى أيضاً. * ما خطوات التصعيد؟ - الميدان سيظل فى حالة اعتصام لحين إلغاء الإعلان الدستورى أو على الأقل إيقافه أو تجميده. وكل الخيارات مطروحة، والاعتصام قائم، لأن الشباب والأحزاب والحركات الثورية لن يغادروا الميدان قبل سقوط هذا الإعلان حتى لو استمر سنوات، لن نغادر قبل إلغائه أو إيقافه أو تجميده، وسنرفع مطالب إسقاطه، وتشكيل تأسيسية جديدة ووضع قانون للانتخابات البرلمانية بتوافق كل الأحزاب والقوى السياسية. ولن نقبل بحلول وسط، اعتراضنا على كل الإعلان وليس جزءاً منه، لأنه صدر من غير ذى صفة، فالرئيس لا يملك حق إصدار إعلانات دستورية، لأننا انتقلنا من شرعية ثورية لشرعية دستورية ورئيس منتخب.«البدوى»: لن نقبل بحلول وسط.. وفترة الرئيس مليئة بالأخطاء وأنصحه أن يعود للحق * كيف ترى مظاهراتكم بميدان التحرير لرفض الإعلان الدستورى؟ - المظاهرات ستكون شبيهة بيوم الجمعة الماضى، وهو اليوم الذى جاء فيه الشباب والفتيات والرجال والسيدات بلا أى حشد، وبتلقائية شديدة، وأتصور أن اليوم سيأتون بنفس التلقائية، لأن المواطن المصرى لم يعُد وعيه محاصراً كما كان فى الماضى، واستعاد وعيه السياسى، وبمجرد أن أعلنا عن تشكيل جبهة الإنقاذ الوطنى ليلة الإعلان الدستورى، جاء المواطنون لميدان التحرير بتلقائية شديدة. والمظاهرات ستكون من الأيام التاريخية فى تاريخ مصر، التى تقول من الصعب بل من المستحيل أن يتحكم فى أقدار هذا الشعب شخص واحد أو سلطة معينة، ولن نسميها مليونية، هى تظاهرات، أدعو الشعب إلى أن يشارك فيها ويعبر عن رأيه لرفض الإعلان الدستورى ويكون تعبيراً بشكل سلمى ومتحضر يليق بحضارة هذا الشعب، وبثورته، وما حدث يوم الجمعة الماضى هو صورة طبق الأصل من يوم 25 يناير 2011، هى نفس الروح التى أراها فى ميدان التحرير. * البعض يعيب على القوى المدنية ضعف الحشد؟ - أعتقد أن المواطن المصرى ليس بحاجة لتعبئته فى أتوبيسات كى يأتى مدافعاً عن حقوقه، وعيب أن نستخدم كلمة حشد المواطنين، هم يأتون بتلقائية، والحضور دون وسائل نقل، هذا ما يعبر عنه الرأى العام الحقيقى، وهو تلقائية الحضور. * لكنكم اختلفتم حول تجميد الإعلان أو إلغائه؟ - لم يحدث خلاف، هناك اقتراحات، ما بين الإلغاء أو الإيقاف أو التجميد، وال3 اقتراحات معانيها واحدة، التجميد النهائى يعنى الإلغاء وهذا ما نريده وليس لدينا أية اقتراحات خلاف هذا. * وكيف تقيم فترة ال5 شهور الأولى للرئيس مرسى؟ - لديه أخطاء كان أولها قرار عودة مجلس الشعب، وتصدينا وقتها لهذا القرار، أما الخطأ الثانى فهو إقالة النائب العام للمرة الأولى، وتصدينا أيضاً له، ليس دفاعاً عن شخص النائب العام، بل دفاعاً عن السلطة القضائية وعدم جواز السلطة التنفيذية لإقالته وهو محامى الشعب، أما الخطأ الثالث فكان إصدار الإعلان الدستورى، وكان يجب مع كمّ هذه الأخطاء خلال هذه الفترة القليلة أن يحاسِب مستشاريه الذين أوقعوه فى هذه الأخطاء الجسيمة. وهذه مأساة كبيرة جداً بغض النظر أياً كان هذا الشاب الذى استشهد مؤخراً فى دمنهور أو ما يحدث بين أبناء الوطن الواحد من عنف، ومن إراقة للدماء هذا أمر مرفوض، لأنهم فى النهاية مواطنون مصريون، ونحن أبناء وطن واحد، ولأول مرة تشهد مصر مثل هذا العنف، وواجبنا جميعاً إيقافه، والتعبير عن الرأى بشكل سلمى، وحرية الحوار وتظاهرات سلمية، لكن استخدام العنف أو حتى حرق مقار الإخوان المسلمين، فهذا أمر مرفوض منا جميعاً. والدكتور محمد مرسى الذى أعرفه طويلاً يجب أن يستجيب للرأى العام، والرأى العام هنا ليس فقط عشرات الآلاف الذين جاءوا لميدان التحرير، لكنه ممثل فى مفكريه ونخبته وهم يشكلون وجدان الوطن، ولا بد أن يستجيب ويعود للحق، لأن العودة للحق فضيلة، ولن يعيبه أن يتراجع، وأعتقد أن مرسى الذى أعرفه قبل أن يكون رئيساً، لو فكر بتفكيره السابق لا بد أن يلغى هذا الإعلان الدستورى. * وبماذا تنصح الرئيس مرسى؟ - أنصح الرئيس بأن يعود للحق، لأنه فضيلة، وهو انتخب بإرادة شعبية، ولا بد أن يقيم اعتباراً للرأى العام المصرى، الذى يرفض الإعلان الدستورى. * لكنهم يقولون إن الإعلان الدستورى يخدم الاستقرار وتحصين المجالس المنتخبة؟ - هناك ثوابت، عندما تتحدث عن اعتداء على استقلال القضاء، لا تقُل لى إن هذا سيقبله الرأى العام المصرى، تحصين قرارات الرئيس لا يقبله الرأى العام، وإيقاف نظر قضايا منظورة أمام المحاكم لا يؤيده الرأى العام ولا يمثله اتجاه واحد. * أنت تطالب بسحب الإعلان الدستورى، فى حين يؤيده آخرون؟ - عندما يحكم قاضٍ بحكم بلا سند قانونى، ويأتى الناس ليؤيدوا هذا الحكم، هل يجوز أن يسرى هذا الحكم، للأسف الإعلان الدستورى صدر دون سند، لأن الإعلانات الدستورية يجب أن تصدر بشكل مؤسسى، إما من خلال جمعية تأسيسية منتخبة، أو عقب ثورة مثل ثورة 52، أو 25 يناير، وكان يملكها مجلس قيادة الثورة أو المجلس العسكرى، هذه المؤسسة كان من حقها إصدار إعلانات دستورية، أما وقد انتخب رئيس جديد للبلاد، على إعلان دستورى وضع فى 30 مارس واستفتى الشعب عليه، أصبح ليس من سلطته إصدار مثل هذه الإعلانات، لأنه رئيس منتخب، ومن ثم فإن هذا الإعلان باطل، ليس فقط لأنه يكرس للاستبداد وحكم الفرد، بل لأنه بلا سند أو مشروعية. * الأزمة الأخيرة أحدثت شرخاً مجتمعياً وسياسياً.. برأيك كيف نعالجها؟ - العلاج هو إيقاف هذا الإعلان أو سحبه بأى شكل، فالحاكم يحكم شعباً اختاره، ومن ثم لا بد أن ينزل عن رأى هذا الشعب، وأعتقد أن ما حدث من النخبة السياسية والأحزاب السياسية يعبر عن أن تيارات كثيرة من الشعب ترفض هذا الإعلان، نحن لا نعبر عن أشخاصنا، بل نعبر عن آراء متنوعة، والإعلان لا يعبر عن ذاته، بل يعبر عن المفكرين الكتاب، وهم ضمير الأمة، وحين يقولون إنه صدر بلا سند من قانون أو من شرعية لا بد أن يسقط. * وكيف تابعت دعوات جماعة الإخوان لمليونية دعم الرئيس قبل أن يقرروا إلغاءها؟ - نحترم هذه المظاهرات، لأنها تعبر عن آراء، شريطة أن تكون بشكل سلمى، وألا تحتك بمظاهرات أو تيار آخر يتظاهر. * وما مصير الجمعية التأسيسية بعد هذا الإعلان؟ - أعتقد أنه بالانسحابات التى حدثت، فقدت «التأسيسية» النصاب اللازم لإقرار الدستور، وهو التصويت بنسبة 67 عضواً، لأن عدد المنسحبين تجاوز ال33 عضواً، لو أضفنا إليهم الكنيسة والأحزاب والشخصيات المستقلة. * هل «جبهة الإنقاذ» ستستمر بعد انتهاء الأزمة؟ - هى جبهة سميت «جبهة الإنقاذ الوطنى»، لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وليس هناك مانع بعد إسقاط الإعلان الدستورى أن تنضم جميع التيارات الأخرى، لأننا نريد أن ننتشل مصر من عثرتها، وليس هناك مانع من وجود حزب الحرية والعدالة، فالجميع يجب أن يتعاون لانتشال البلد. * تعتقد أن «الوفد» سيعود مرة أخرى لقيادة الصف المدنى؟ - بعيداً عن القيادة، الوفد تاريخياً له مواقفه، ونحن شركاء فى هذه الجبهة. * كيف تنظر لشرعية الرئيس مرسى بعد إصدار الإعلان الدستورى؟ - اكتسب الرئيس شرعية شعبية بانتخابه، وشرعية دستورية حين أقسم اليمين الدستورية، وعندما يحنث بالقسم يفقد جزءاً من شرعيته. * هل تعتقد أن القوى المدنية ستجتمع مرة أخرى حول هدف محدد؟ - ما جمعنا موقف، ومن يتخلف عنه يخون الأمانة الوطنية، ويخون رسالته كسياسى، وسنظل مجتمعين حتى تحقيق هدفنا، لأن أهداف الثورة لم تتحقق، مثل العدالة الاجتماعية، والأزمة الاقتصادية، و«جبهة الإنقاذ الوطنى» ليست موجهة ضد أحد، لكن لمساعدة الوطن للخروج من أزماته المختلفة، وكانت أول أزمة نواجهها هى الإعلان الدستورى. * ترددت أنباء عن تواصل بين «جبهة الإنقاذ» والفريق أحمد شفيق للانضمام إليها.. هل هذا صحيح؟ - هذا لم ولن يحدث على الإطلاق، فكلها شائعات مغرضة لتفتيت وحدة الصف.