ليتفضل فضيلة المرشد وليقل لنا كيف سيحارب إسرائيل؟ فضيلته يورِّط رئيسه وبلده فى تصريحات انتفاخية دعا فيها إلى الجهاد ضد إسرائيل.. كويس جدًّا وعظيم خالص أن المرشد تذكر فلسطين وأرشدنا إلى عدونا الصهيونى وحرَّضنا على حربه والجهاد ضده. لكن السؤال إزاى فضيلتك؟ عرفنا خلاص حسب ما جاء فى رسالتك الأسبوعية لأعضاء جماعتك، ومنهم السيد الرئيس محمد مرسى أن «تحرير القدس لن يتم فى مؤتمرات الأممالمتحدة.. وأن إسرائيل لا تفهم إلا لغة الحرب، ولذلك فإن تحرير القدس من قبضة الاحتلال الإسرائيلى لن يكون إلا عبر الجهاد». لكن يبقى الاستفهام حاضرًا رغم ذلك، وهو كيف سنجاهد ونحارب؟ فضلاً عن هل هذه الرسالة تكليف للرئيس محمد مرسى عضو جماعتك بالتنفيذ أم أنها تشجيع وتدعيم وتعضيد وتأييد (ومين عارف.. وتنسيق) مع الجماعات الجهادية فى سيناء التى تتخذ من جزيرتنا المصرية «قاعدة» للجهاد، أو أنه تشجيع وتحشيد لأعضاء التيارات الجهادية فى مصر كلها لشد الرحال نحو سيناء، للمشاركة فى تحرير فلسطين باحتلال الجهاديين سيناء، خصوصًا أن الدكتور محمد بديع، فى رسالة مفترض أنها دقيقة ومراجعة من قيادات الإخوان ومفهوم تأثيرها ودلالتها، يفتح سيناء تقريبًا للجميع عربًا وغير عرب، وبالتبعية غير مصريين طبعا، حين يقول فى رسالته إن «الجهاد فرض على جميع المسلمين لاستردادها، يستوى فى ذلك المسلم العربى وغير العربى، فالجميع مُطالَب بصيانة مقدساته، وفى مقدمتها أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبى صلى الله عليه وسلم ومعراجه». ليس هناك لبس ولا سوء فهم إذن. ثم إن عضو الجماعة السيد محمد مرسى لم يعلِّق ولم يعلن عن موقفه إزاء تصريحات ودعوات مرشده حتى الآن، وقد اعتبرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية تصريحات المرشد بمثابة إعلان حرب، ثم تساءل الإسرائيليون عن موقف الجيش فى سيناء، هل يحارب المتطرفين أم يستعد لحرب إسرائيل؟ البعض فى تل أبيب استخفَّ بهذه التصريحات (خصوصا مع استقبال الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز سفير مصر فى تل أبيب بعد أن عينه مرسى).. إيلى شاكيد السفير الإسرائيلى الأسبق فى مصر، قال إن بيان جماعة الإخوان المسلمين الهدف الرئيسى منه تشتيت الانتباه عن المشكلات التى واجهها مرسى بعد مرور أول 100 يوم له فى منصبه. أما مركز «سيمون فيزنتال» اليهودى فقد طالب الرئيس الأمريكى باراك أوباما بالتنديد العلنى بدعوة الجهاد ضد إسرائيل،وقطع كل الاتصالات مع الجماعة حتى يتم سحب هذا التهديد، الذى صدر -على حسب وصف المركز- «من رجل لديه عشرات الملايين ممن يتبعونه، إلى جانب كونه يمثل زعيمًا لجماعة تؤثر بشكل أو بآخر فى مستقبل مصر». المحصلة، نحن فى ورطة.. شعب غير مستعد، ودولة غير مؤهلة إطلاقًا للحرب مع إسرائيل، بل ولا حتى للعداء معها الآن. وهى عدو طبعًا، لكن بالنسبة إلى الحكومة والدولة فلا يوجد أى مبرر لاستثارة عداء هذا الكيان، فنحن لسنا حمل مواجهة مع ضعضعة الاقتصاد وهشاشته والفوضى والانفلات والتشتت والتشرذم وغياب القدرة والقوة، حيث تكاد تكون أى دعوة للحرب هى دعوة للهزيمة، ثم مع صعود التيار الجهادى فى سيناء وقدوم المجاهدين والمتطرفين والإرهابيين من كل بقاع الأرض، كأن سيناء تتحول مع محمد مرسى إلى الجنوب اللبنانى مثلاً، وها هى ذى رسائل ودعوات مثل ما أصدره المرشد العام للإخوان ترحِّب وتشجِّع ولعلها تدعم. علينا أن نقلق من قدرة مرسى وإخوانه على الحفاظ على أمن واستقرار مصر وعدم الدخول بها فى مغامرات جنونية قد تفجر مآسى لا تتحملها البلد. لا أكاد أجد أى منطق فى رسالة المرشد إلا أحد احتمالين: الأول، نزوات السلطة ونزق القوة المتوهمة. والثانى، أن المرشد فى رسالته يضع فى حسبانه الرئيس الإخوانى وموقفه، حيث المرجح أنه تخيَّل أنها تفيد مرسى وسياسته، فالذكاء الريفى الذى تتمتع به جماعة الإخوان يهيئ لها أن رسالة مثل هذه تشكل تهديدًا سوف يقوى مرسى، حيث يسارع الغرب حين قراءتها باسترضائه لتخفيف جهاد جماعته، فيقدمون ثمن الاسترضاء المن والقرض والمنح. وهو أسلوب تلخصه هذه الفقرة فى رسالة المرشد حين يقول: «ويوم أن يستيقنوا من أننا سنسلك هذا السبيل، ونرفع علم الجهاد فى سبيل الله، وسنتقدم إلى ميدان الجهاد، فإن ذلك سوف يكف أيديهم ويمنع طغيانهم». كأنه يقول: يا مرسى يوم يخافون من الإخوان وجهادهم ضد إسرائيل سوف يأتون لك جريا لإنقاذ اقتصادك وإنعاش خزائنك. ربنا يستر على البلد من الرئيس ومرشده!