إذا كان سبب البراءات المتتالية هو غياب الأدلة، فليتفضل الرئيس محمد مرسى ويجيب الأدلة. نعم هذه هى مسؤوليته منذ تولى الحكم، وهى فى إمكانه منذ أكثر من مئة يوم وهى تحت أمره تالت ومتلِّت، فليتكرم ويحضرها ويقدمها سيادته حتى يفهم المصريون راسهم من رجليهم. الأدلة فى أى قضية أو محاكمة هى إما تسجيلات سمعية تثبت تورط المتهمين أو فيديو مصور ومسموع لهم أو وثائق خطية تكشف تدبيرهم وتواطؤهم أو اعترافات شركائهم مثبتة ومؤكدة. من يملك الأدلة أو يستطيع الحصول عليها إذا ما كانت متصلة بجهات الدولة ومسؤوليها مثلا؟ إنها مسؤولية ثلاثة أجهزة، هى المخابرات العامة والمخابرات الحربية وأمن الدولة وقد صار اسمه الآن الأمن الوطنى.. عظيم، إذن هذه الأجهزة تملك الأدلة إن وُجدت وإن أرادت. كويس خالص.. طيب ما يورينا بقى الرئيس مرسى الأدلة. لقد عيّن الرئيس مرسى مديرًا للمخابرات على عينه وقد جربه فى المسؤولية أربعين يومًا ثم أقر تعيينه، وهو ابن الجهاز، ليس غريبا عنه ولا من الوارد التآمر عليه، لا من داخل الجهاز ولا من خارجه، حيث هو موضع ثقة الرئيس، ثم إن المدير الجديد أقسم أمام العالم كله عيانا بيانا على الولاء للرئيس مرسى، فليس هناك إطلاقا ما يعوق مرسى عن أن يطلب من مدير جهازه المخابراتى أن يأتيه بالأدلة التى يملكها الجهاز عما جرى منذ خمسة وعشرين يناير وياريت بالمرة الأدلة عن اختراق حماس وحزب الله الحدود وحصار السجون واقتحامها، وليقدمها الجهاز المخابراتى بناء على تعليمات السيد الرئيس المقسم على الولاء له إلى النائب العام، حيث الرجل على أحرِّ من الجمر للإمساك بأى أدلة، حيث نعلم أن العثور والحصول على الأدلة ليسا مهمة النيابة، بل التحقيق فيها هو مهمتها. ثم إن المخابرات الحربية كان يديرها بكفاءة واقتدار الرجل الذى صار وزيرًا للدفاع والذى اختاره الرئيس حين أراد أن يطيح بما يحلو له ولأنصاره أن يصفوه بحكم العسكر، أى أن وزير الدفاع الجديد موضع ثقة الرئيس، حتى إنه من أنهى به حكم العسكر على حسب زعم الزاعمين، ومن ثم فمن المؤكد أن حُسن التعاون ومتانة العلاقة وقوة الثقة سوف يجعل السيد الوزير يستجيب لرئيسه إن طلب الأدلة التى تملكها المخابرات الحربية عما جرى منذ خمسة وعشرين يناير، «ويا ريت بالمرة الأدلة عن اختراق حماس وحزب الله الحدود وحصار السجون واقتحامها وليقدمها الجهاز المخابراتى بناء على تعليمات السيد الرئيس إلى النائب العام». ثم إنها تاهت ولقيناها، فجهاز أمن الدولة الذى كان يدبر كل شىء ويتحكم فى كل شىء ويمسك بكل شىء فى مصر ويتلصص ويتجسس ويتنصت على مصر كلها من قيادات الجيش والقضاء وحتى الإخوان والحزب الوطنى، صار الآن جهازا تحت ولاية السيد الرئيس شخصيا، سواء بأن عين الرئيس وزير داخليته والرجل لا يترك فيمتوثانية بدون إظهار الولاء للرئيس والشرعية الرئاسية، فضلا عن أن الرجل الذى يجلس على مقعد رئاسة جهاز الأمن الوطنى تمتد بعض الألسنة التى تستأهل قطعها وتزعم أنه رجل الإخوان فى الجهاز منذ زمن، وهذا، وأيم الله، افتراء يدخل فى بند ابتزاز رئيس الجهاز سياسيا ونفسيا، لكنه عموما يعبر عن علاقة سوية وحسنة وسلسة بين الإخوان وجهاز الأمن الوطنى، وبالطبع بين الرئيس الإخوانى والأمن الوطنى، إذن ليطلب الرئيس من مدير جهاز أمنه الوطنى الأدلة التى يملكها الجهاز عما جرى منذ خمسة وعشرين يناير، «وياريت بالمرة الأدلة عن اختراق حماس وحزب الله الحدود وحصار السجون واقتحامها وليقدمها الجهاز بناء على تعليمات السيد الرئيس إلى النائب العام». ولأننا لم نر هذه الأدلة حتى الآن فى أى محاكمة فنحن أمام أربعة احتمالات: 1- أن الرئيس لم يطالب هذه الأجهزة بالأدلة. 2- أن الرئيس لا يريد لهذه الأدلة أن تظهر. 3- أن هذه الأجهزة لم تتعاون مع الرئيس ولم تقدم له الأدلة. 4- أن هذه الأجهزة لا تملك أصلا أدلة. ريَّحوا دماغكم واسألوا الرئيس إذن عن الأدلة!