مثلما كان الفنان الكبير صاحب التاريخ يذهب إلى صفوت الشريف ليحل له مشكلته ويسند إليه فى نهاية الجلسة مسلسلا أو برنامجا أو أغنية ويخرج هاتفًا للشريف الذى لا يردّ مظلومًا، حدث هذا بالضبط مع الكبيرين المخرج محمد فاضل والنجم محمد صبحى. فى واحد من الحوارات الكثيرة التى أجراها مؤخرا وزير الإعلام صلاح عبد المقصود أشار إلى أن محمد فاضل التقاه ليجد حلا لمسلسله «ويأتى النهار» الذى يحتاج إلى دعم مالى لاستكماله، كما أن محمد صبحى التقاه أيضًا للموافقة على تقديم جزء آخر ربما خامس أو سادس من مسلسله المزمن «ونيس» حيث يعد جزءا آخر باسم «ونيس فى البلاد». أشعر دائما أن الكبار ينبغى أن يبتعدوا عن الدائرة الصغيرة التى لا تتجاوز مصالحهم عندما يلتقى مخرج بحجم محمد فاضل مع وزير الإعلام يقدم له خطة من واقع خبرته لتشغيل العاملين فى ماسبيرو، أو لكى يرشده إلى موطن الخلل الذى أدى إلى أن موقع الدراما التى تنتجها الوزارة من خلال القطاعات المختلفة يحتل بلا منافس المكانة الأخيرة، حتى إن شاشة التليفزيون تخجل من عرضها فى أوقات الذروة.. مسلسلات الحكومة تعانى أيضا من عدم تسويقها مما يشكِّل خطورة على تدفق الإنتاج، هذا هو ما كنتُ أنتظره، والغريب أن مسلسل «ويأتى النهار» وُضع بالفعل على الخريطة الرمضانية ونشر العديد من الجرائد مواعيد العرض، وبعد ذلك قالوا إن فاضل هو الذى اعترض بسبب الموعد غير الملائم، وهذا يعنى أن المسلسل كان مكتملا أو لم يتبقَّ سوى أيام على استكمال المشاهد الناقصة. المسلسل يتناول الأسباب التى أدت إلى ثورة اللوتس وتلعب بطولته كعادة فاضل زوجته الفنانة فردوس عبد الحميد. من حق المخرج اختيار نجومه ولكنها بالطبع صارت مشكلة يعانى منها فاضل ويعانى منها أيضا قطاع وافر من المشاهدين بعد أن تحددت زاوية رؤيته فى أى عمل فنى، فهو بين كل نجمات الدنيا لا يرى غير فردوس.. الأهم أنه كما يبدو لا يقع اختياره على العمل إلا بعد أن يتأكد من أن فردوس ستصبح هى العنوان!! إنها حالة مزمنة ليس الآن مجال تفنيدها خصوصا أن أغلب ما تراه فى السنوات الأخيرة لفاضل، والذى تلعب بطولته فردوس من إنتاج أجهزة تابعة لوزارة الإعلام، أى أن الدولة فقط هى التى تتحمس للإنتاج ورغم ذلك يبقى أن المخرج الكبير كان ينبغى أن يخرج من لقاء الوزير بمكاسب تُنعش الدراما كلها وبدلا من حل مشكلة «ويأتى النهار» يضع خطة شاملة لنرى نهار الدراما يحلّ على تليفزيون الدولة المظلم. محمد صبحى صار هو أيضا لا يرى سوى «ونيس» وأجزاءه المتعددة، هل سادس، سابع..؟ حقيقة لم أَعُد أَعُدّ وراءه، ولكن المؤكد أن صبحى كان واحدا من أهم نجوم الشاشة وانتقل من «سنبل» إلى «ونيس» وكان نجاحه فى «سنبل» استثنائيا، وبدأت الأجزاء الأولى من «ونيس» متوازنة، ولكن الجانب التربوى التعليمى الذى يقدمه صبحى زادت جرعته كالعادة من جزء إلى آخر، كما أن الأسلوب والمنهج الإخراجى المدرسى الذى يتبعه صبحى لم يعد يشكل إيقاع ولا لغة الزمن الذى نحياه. الشاشة تغيرت كثيرا والمشاهِد أيضا وصبحى لا يزال هو الأستاذ الذى يُقدم الحصة للتلاميذ!! ورغم ذلك قد يختلف معى البعض ويرى على العكس أن صبحى من حقه أن يقدم تلك الدروس، كما أن فاضل من حقه كمخرج أن يسند البطولة إلى زوجته فى كل أعماله.. كل هذا ممكن أن أتفهمه ولكن غير الممكن أن يصبح دور الوزير هو حل مشكلات الكبار وأصحاب الأسماء اللامعة الذين يطرقون بابه فيفتح لهم لأن هناك بالفعل من غير المشاهير من لديهم مشكلات أكبر مع تلك القطاعات ولن يُسمح لهم بنفس المساحة.. الوزير يضع استراتيجية عامة ومنصفة تصبّ فى النهاية لصالح الجميع بعيدا عن الأشخاص. الكبار على باب الوزير سوف تلمحهم كثيرا فى الأسابيع القادمة وسوف تقرأ وتسمع قريبا عن رجاحة عقل الوزير الذى تدخّل وحسم المشكلات التى عانى منها فلان وعلان، وأنه لم يهدأ له بال ولم يغفل له جفن إلا بعد أن أعاد الابتسامة والبهجة لفاضل وصبحى وكأننا لم نغادر بعد محطة صفوت الشريف