لم يأت في مخيلة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أن تدور الأيام ويقف أحد رجالات جماعة الإخوان المسلمين، التي خاضت صراعات على السلطة في مصر معه، إلى جانب زعماء دول حركة عدم الانحياز، مستكملا لمسيرة ناصر التي بدأها حين أسس الحركة إلى جانب رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو والرئيس اليوغوسلافي تيتو. اليوم .. يذكر الرئيس محمد مرسي القطب الإخواني، خلال خطابه أمام دول عدم الانحياز، إحدى منجزات ناصر خلال الستينات، والتي انتقدها في أول خطاب رئاسي له قائلا "وما أدراك ما الستينات"، وذلك على خلفية الصراع بين الجماعة وناصر، والذي انتهي بتنحي الجماعة عن الشارع السياسي. "دول عدم الانحياز" .. بدأت مع بداية الحرب الباردة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد السوفيتي، عقب نهاية الحرب العالمية الثانية وتدمير دول المحور، وكان هدف الحركة الابتعاد عن سياسية الحرب الباردة، وتصفية الاستعمار ومساندة الشعوب التي لم تنل حريتها، ونجحت في مساعدة كثير من الدول والشعوب في تحقيق استقلالها. وعقد المؤتمر التأسيسي للحركة بباندونج بإندونيسيا عام 1955، بمشاركة 29 دولة، ووضعت خلالها مبادئ "باندونج العشرة"، كما انعقد المؤتمر الرسمي الأول للحركة ببلجراد عام 1961، بمشاركة 25 دولة، حتى وصل عدد الأعضاء حتى الآن إلى 118 دولة. وتتلخص مبادئ باندونج العشرة في احترام حقوق الإنسان الأساسية، وأهداف ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة، واحترام سيادة جميع الدول وسلامة أراضيها، إقرار مبدأ المساواة بين جميع الأجناس، والمساواة بين جميع الدول، كبيرها وصغيرها، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى أو التعرض لها، احترام حق كل دولة في الدفاع عن نفسها، بطريقة فردية أو جماعية، وفقا لميثاق الأممالمتحدة. علاوة على عدم استخدام أحلاف الدفاع الجماعية لتحقيق مصالح خاصة لأي من الدول الكبرى. وعدم قيام أي دولة بممارسة ضغوط على دول أخرى، الامتناع عن القيام، أو التهديد بالقيام، بأي عدوان، والامتناع عن استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة، وتبني الحل السلمي لجميع الصراعات الدولية، وفقا لميثاق الأممالمتحدة. وتعزيز المصالح المشتركة والتعاون المتبادل، احترام العدالة والالتزامات الدولية. وعلى الرغم من المبادئ العشرة، فلم تلتزم الدول بها، فقد كانت سياسات الهند ومصر ويوغسلافيا في مرحلة تاريخية على سبيل المثال أقرب إلى سياسات الاتحاد السوفيتي، ومن بعد أكتوبر باتت مصر حليفة إلى الولاياتالمتحدة، في حين أن سياسات باكستان ودولا أخرى تميل إلى الولاياتالمتحدة منذ البداية. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي اختلفت الرؤية حول استمرار الحركة التي قام مضمونها عن الابتعاد عن الصراع القائم بين القوتين العظمتين. في 2006، دافعت قيادات الحركة عن استمرارها بإعلان التزامهم بمبادئها والأهداف التي قامت عليها الحركة، والمبادئ والأهداف المنصوص عليها في ميثاق الأممالمتحدة، مؤكدين أن اختفاء أحد القوتين لا يعني انتفاء الدور الحيوي للحركة في التنسيق بين الدول النامية.