لم يلتفت الشاب رامى كامل إلى ما يقال عن مظاهرات 24 أغسطس، لم يرها «فلولية» كما أطلق عليها كثيرون، عزفوا عن المشاركة فيها، فهو يمتلك من الأسباب ما يجعله يخرج إلى الشارع هاتفا ضد الإخوان حتى لو كان منفردا، «دى جماعة مش مشهرة، وقانون الجمعيات الأهلية مش بيتطبق عليها، كمواطن عادى مقدرش أعرف طبيعة نشاطها إيه، ولا طبيعة تمويلها إيه، طيب هى بتشتغل فى مجال السياسة ولا فى مجال المجتمع، ولا هى كيان لغسيل الأموال، وإيه يمنع أنها تكون بتتخابر مع دول أجنبية» هكذا وببساطة لخص الشاب ابن ال26 سنة أسباب نزوله إلى الشارع، فهو يرى أن تساؤله منطقى وبسيط، وهو تساؤل عن شرعية جماعة الإخوان المسلمين. لا ينسى رامى مشهد الميليشيات الملثمة التى قدمت عرضا عسكريا قبل سنوات فى جامعة الأزهر، لم ينس مشهد الزى العسكرى الموحد، وعروض القوى، وحمل السلاح، تلك المشاهد التى تجددت حين رأى بلطجية يهجمون على متظاهرى 24 أغسطس مخلفين 23 جريحا من بينهم ثلاثة فى حالة خطرة.. يرى أن الجماعة متهمة بالكثير مما تعيشه مصر الآن، «الجماعة شغالة على الأرياف، بتقلب الناس على بعضها هناك، كل الأحداث الطائفية اللى حصلت فى مصر، الإخوان المسلمين جزء منها، سواء بأنفسهم أو بفكرهم، هى جماعة مبنية على الطائفية من البداية، فصلوا نفسهم عن باقى المسلمين فى البلد، فما بالكم بغير المسلمين» الفتى شارك فى تأسيس اتحاد شباب ماسبيرو، يتساءل باستمرار: «هى الجماعة انتماؤها لمين؟» لكنه لم يلبث أن حصل على إجابة عقب تولى الرئيس محمد مرسى سدة الحكم، يقول: 50 يوما من حكم الرئيس محمد مرسى، خلتنى أعرف إن المية، والنور، والسولار وكل المنتجات المدعمة مش من حقنا كمصريين، الناس فى غزة أولى بيها مننا، وده يخلينى أقول وأنا مستريح تماما إن جماعة الإخوان المسلمين، جماعة غير وطنية، لا تنتمى إلا إلى مشروعها الخاص، حتى الجمعية التأسيسية للدستور تشكيلها طائفى، ومجرد خطوة فى طريق تنفيذ أغراضهم». السخرية التى تعرض لها متظاهرو 24 أغسطس على شبكات التواصل الاجتماعى لم تعن شيئا لرامى، كذلك قلة الأعداد، مثلت بالنسبة له عامل تحفيز لا تثبيط، «النهاردة بيذكرنى لما كنا بنقف وقفات من أجل التغيير، وبيبقى عددنا 10 و12 نفر قدام نقابة الصحفيين، دى بداية مرحلة المعارضة الحقيقية للإخوان، وإذا كانت البداية مع مبارك كانت ب10 و15 شخصا، فالبداية مع الإخوان زى ما كل الناس شافوا كانت بالآلاف، ودى بداية سقوط الإخوان الحقيقية». يسترجع الشاب الثائر مشاعره وموقفه من الجماعة نفسها قبل سنوات، حين كان كل من خيرت الشاطر وعصام العريان فى السجن، كان يذهب مع باقى الحركات الوطنية لمساندتهما والهتاف باسمهما ضد المحاكمات العسكرية، فيتعجب من تغير الناس والزمن والموقف، من كان يهتف لأجل حقهم بالامس، يهتف ضدهم اليوم، «أنا مشارك فى الأحداث فى مصر من سنة 2005، من ساعة الثلاثاء الإسود بتاع تزوير الانتخابات اللى اتضربت فيه عبير العسكرى، لكن للأسف شباب الثورة عندهم مبادئ، الإخوان مايقدروش يتصرفوا بيها، كنت أطلب الحرية لعصام العريان وخيرت الشاطر، الآن أطلب الحرية لمصر منهم ومن جماعتهم، لم أتصور إن الإخوان سيتعاملون مع الثورة وشبابها بهذا المنطلق، يرون الآن إنهم امتلكوا مصر، ولازم نفوقهم من الوهم ده» لا يرى رامى أن مصر دخلت عهدا جديدا، فنظام الرئيس محمد مرسى جزء لا ينفصل عن نظام مبارك، فى الأساليب القمعية وأساليب التعامل وشراء الذمم، ويتعجب كثيرا من اتهامه ومتظاهرى 24 أغسطس بالفلولية، قائلا: «كفاية فخاخ لغوية، الفلول هم بقايا الجيوش، وبقايا المنتفعين، الناس اللى بيقولوا على متظاهرى 24 فلول بسألهم، إحنا انتفعنا من نظام مبارك فى إيه؟ فى عهده اتحبست مع غيرى بسبب وقوفنا مع أهالى القرصاية، إنما الفلول أصحاب المصالح الحقيقية هم اللى قالوا على الفاسدين رموز وطنية، واتكلموا بوضوح عن تفاهمات، وقعدوا مع بعض على الترابيزات يقسموا الغنيمة، هم دول أولاد النظام». الحياة تتغير سريعا حلفاء الأمس أعداء اليوم، ورفاق الماضى أصبحوا خصوم الحاضر، يتعجب رامى من أحوال الدنيا، ويتذكر الحركة الوطنية للتغيير و6 أبريل، وكفاية، وكثيرا من المستقلين حين كانوا يتحركون معا خلف المظلومين، كيف دخلوا إلى ما أطلق عليه «مفرزة» تساءل باستمرار، كيف يتم اختصار 24 أغسطس فى توفيق عكاشة، وهناك شخص مثل محمد أبوحامد قد دعا إليها، وكيف يستطيع الثوار السخرية من أبوحامد الذى أنصفهم وقت أحداث وزارة الداخلية وكان الوحيد الذى قال الحق، ولم يبع ضميره للإخوان، الذين قالوا إن شباب وزارة الداخلية شباب صايع يتناول ترامادول ويحصل على 200 جنيه، كيف يصدق الناس أن الإخوان مجنى عليهم وهم من روجوا لفكرة حرق المقرات، وفى النهاية أرسلوا بلطجية يضربوننا، «أنا مستاء جدا من القوى اللى بتدعى إنها قوى ثورية، ومنتظرة لحين القضاء على مصر كلها، دلوقتى ببص للناس دى بلاقيهم حاطين مصالحهم الشخصية والفئوية فى المقام الأول قبل مصر، معندهمش مانع إن الإخوان يمتلكوا بلد بحالها فى حين إنهم يأمنوا لنفسهم شوية مناصب وفلوس». خريج الحقوق لا يرى فى نفسه غضاضة من أن يقتل فى سبيل مصر، يقول: إحنا مكملين نضالنا ضد الحزب الوطنى فى شكله الجديد، قتلنا أسهل من قتل مصر، والإخوان فى ستين يوم حولوا مصر لنظام قمعى، ولوحوا بالعنف، مش هانستنى لما كمان 10 سنين مايكونش فى مجال للكلام أصلا، الخطوة الجاية هاتكون سلسلة من الفعاليات ضد نظام الإخوان، لحين سقوطهم، وقيام دولة مدنية حديثة.