قبل أيام خرج علينا أحد الشيوخ السلفيين من أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور وأخبرنا عبر حوار صحفى أن الأحزاب السلفية تريد أن يُعدل نص المادة الثانية بدستور 1971 قبل أن تُضمَّن بالدستور الجديد، بحيث يصبح منطوقها «الشريعة الإسلامية هى المرجع الأساسى للتشريع» بدلاً من «مبادئ الشريعة الإسلامية». وأضاف عضو التأسيسية أن السلفيين تناولوا أمر المادة الثانية فى تواصل مع المهندس خيرت الشاطر وأن الأخير وعد بإحداث التغيير المراد. أهكذا يُكتب الدستور؟ طلبٌ فوعدٌ بالتغيير على سبيل تسديد فواتير انتخابية، والضحية هى التوافق الوطنى الواسع بشأن ضرورة الاحتفاظ بنص المادة الثانية مشيراً إلى مبادئ الشريعة. أهكذا يُخبَر المصريات والمصريون عن مواد دستورهم الجديد على لسان أحد أعضاء التأسيسية مبلغاً عن أمر هام وتحول جوهرى إن حدث ودون نقاش مجتمعى وإعلامى حقيقى؟ نبهت كثيراً إلى أن المحاصصة الحزبية داخل الجمعية ستجعل وضع الدستور وإقراره تحت سيطرة اتفاقات حزبية بين من لهم الغلبة العددية من الإخوان والسلفيين، وأن بقية الأعضاء سيُفرض عليهم قبول هذا بأغلبية الأصوات المضمونة للحرية والعدالة والنور (57 بالمائة). قبل أيام أيضاً خرج علينا بعض أعضاء التأسيسية ليبشرونا بأن الدستور الجديد سيتم الانتهاء منه فى غضون أسابيع وأنه سيُطرح للاستفتاء قبل أن يحل تاريخ 4 سبتمبر 2012، اليوم الذى قد يقرر به القضاء الإدارى مصير الجمعية التأسيسية ومدى شرعية تشكيلها. أهكذا تُختصر عملية وضع الدستور لأسابيع محدودة ويتم التحايل على التحفظات القانونية المشروعة على الجمعية بتعجل إنهاء المهمة بدلاً من إعادة النظر فى تشكيل الجمعية؟ أهكذا يعلى من شأن الاعتبارات والمصالح الحزبية للممسكين بزمام الجمعية على حساب حق المجتمع وقطاعاته وفئاته المختلفة فى أن يُستمع لآرائهم فى الدستور (فى لجان استماع تجوب المحافظات)؟ أهكذا يهمش حقنا فى نقاش مجتمعى وإعلامى جاد حول دستورنا الجديد، ونعود كما كنا مع التعديلات الدستورية 2011 مع بضعة أيام فقط للمناقشة العامة ثم دعوة لاستفتاء، وهذه المرة على دستور كامل؟ حذرت كثيراً من «سلق الدستور» وتغييب حقنا فى مناقشة جادة بجمعية تأسيسية متوازنة وبمجتمع يحتاج أفراده لوقت لبناء رأى موضوعى فى مواد الدستور الجديد ومن ثم التصويت بالموافقة أو الرفض. أم هل يريد البعض التحايل مجدداً بجعل الاستفتاء الدستورى استفتاء على الدين ومن معه ومن ضده، والدين من كل هذا براء؟ كفانا عبثاً بمصير الوطن والمواطن.