هل من الديمقراطية فى شىء أن مرشحى الرئاسة، الذين شاركوا فى الجولة الانتخابية الأولى ولم يقاطعوها ولم يدعوا مؤيديهم لمقاطعتها وبعد أن أكدت تقارير المراقبين على أن تجاوزات الانتخابات لم تقض على نزاهتها، يأتون اليوم قبل جولة الإعادة التى أبعدهم الصندوق عنها ويطالبون بعدم استكمال الانتخابات؟ بالقطع لا. هل من الديمقراطية فى شىء أن مرشحى الرئاسة الذين شاركوا فى الجولة الأولى وكانوا على دراية كاملة بأن قانون العزل (تعديل مباشرة الحقوق السياسية) لم يطبق وأحيل للمحكمة الدستورية العليا ولم يعترضوا على ذلك، بجدية أو هددوا بالانسحاب من الانتخابات الرئاسية، يأتون اليوم ويطالبون بتطبيق العزل قبل جولة الإعادة التى خرجوا منها وإلا انقلبوا على العملية الانتخابية وامتنعوا عن الاعتراف بنتائجها؟ بالقطع لا. هل من الديمقراطية فى شىء أن مرشحى الرئاسة، الذين شاركوا فى الجولة الأولى وابتعدوا فى طرحهم السياسى عن المطالبة بتشكيل مجلس رئاسى مدنى لإدارة مرحلة انتقالية تبدأ من المربع رقم 1 وبمسار به الدستور أولا قبل الانتخابات وبعضهم كان من المصوتين بنعم فى استفتاء التعديلات الدستورية الذى أقر الانتخابات قبل الدستور، يأتون اليوم ويطالبون بإلغاء نتائج الجولة الأولى وتشكيل مجلس رئاسى مدنى لا يعلم أحد من سيشكله ولا بأية شرعية؟ بالقطع لا. هل من الديمقراطية فى شىء أن مرشحى الرئاسة، الذين تنافسوا على أصوات المصريات والمصريين قبل الجولة الأولى وحصل بعضهم على ملايين الأصوات، يأتون اليوم وبعد خروجهم من السباق لينتقصوا من أهلية المواطن ويقللوا من شأن صوته الذى شارك به بالمطالبة بعدم استكمال الانتخابات؟ بالقطع لا. تحرك الشارع وعاد المواطن للميادين للمطالبة المشروعة بإعادة محاكمة مبارك وأعوانه بعد عملية تقاضٍ منقوصة الأدلة وأحكام ليست عنوانا للحقيقة (من قتل وأصاب المصريين أيام الثورة؟)، وإعادة المحاكمة ضرورة وطنية تتجاوز المواقف السياسية والانتخابية. تحرك بعض السياسيين والشخصيات العامة ما إن أعلنت نتائج الجولة الأولى، واستقر أن التجاوزات لا ترقى لمستوى تزوير الانتخابات لدعوة المصريات والمصريين لمقاطعة الإعادة بإبطال الصوت وتشكيل كتلة ثالثة بين من يريد إعادة إنتاج النظام القديم ومن يهدد باحتكار السياسة والدولة، وكان هذا وما زال موقفى، لا للنظام القديم ولا لاحتكار الإسلاميين ونعم للعمل كقوة ديمقراطية تعارض وتراقب وتتلاحم مع شارع المواطنين. تحرك البعض قبل الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية ونادى لمقاطعة مبدئية ولم يشارك احتجاجا إما على البيئة القانونية والسياسية القاصرة (دستور غائب) أو على عدم تطبيق قانون العزل، فقط هؤلاء هم الذين يملكون شرعية الحديث عن المجلس الرئاسى المدنى وعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، وليس بعض المرشحين للرئاسة الذين عدلوا البوصلة ما إن أخرجهم صندوق الانتخابات من الإعادة. إعادة محاكمة مبارك ضرورة، وللمقاطعة فى جولة الإعادة بإبطال الصوت جوهر وطنى وديمقراطى واضح (ومن ثم فلا يزايد أحد على وطنيتنا ونحن نبتعد عن كلا المتنافسين فى الإعادة)، ومن حق من قاطع الانتخابات الرئاسية قبل الجولة الأولى أخلاقيا وسياسيا أن يستمر فى مقاطعتها وفى الدعوة لمجلس رئاسى مدنى أو لغيره. معضلتهم هنا هى فى الشرعية التى أعطاها ملايين المواطنات والمواطنين للانتخابات بالمشاركة بها وغياب الشرعية الديمقراطية عن المجلس الرئاسى المقترح (من يعينه وبأى صلاحيات وأين صوت الناخب)، أما مرشحو الرئاسة خارج منافسة الإعادة فما يقومون به الآن، بعد مشاركتهم فى الجولة الأولى على الرغم من غياب الدستور وعدم تطبيق العزل وبعد أن سعى بعضهم لتشكيل فريق رئاسى مع مرشح حزب الحرية والعدالة قبل الإعادة وبعد أن أقرت فرق المراقبين بنزاهة الانتخابات، فليس من الديمقراطية ولا من بنائها ولا من احترام أصوات المواطنين فى شىء، وإن كان لديهم من الأسباب ما يدفعهم لموقفهم المنقلب على انتخابات شاركوا بها ويخفى علينا، فليعلنوه فورا ويخاطبوا الرأى العام به. وإن لم يكن فليتضامنوا كحالنا جميعا مع مطلب إعادة محاكمة مبارك وليتركوا الدعوة للمجلس الرئاسى لمن قاطع الانتخابات منذ البداية ويتركوا للكتلة الرافضة للنظام السابق ولاحتكار الإسلاميين الحق فى مقاطعة الإعادة بإبطال الصوت.