اخبار مصر أرجع خبراء تحسن مؤشرات الاقتصاد المصرى وتماسكها مؤخرا إلى الأموال الخليجية التى تلقتها الحكومة بعد ازاحة حكم الاخوان المسلمين فى 3 يوليو الماضى، مشيرين الى انه لا توجد خطط اقتصادية واضحة للحكومة الحالية لدفع مؤشرات النمو الاقتصادى وأن ما يدور بشأن التحفيز قائم على مزيد من المساعدات. وحصلت مصر خلال الشهور الخمسة الماضية على مساعدات عربية تقدر بنحو 12 مليار دولار فى شكل ومنح وقروض من الامارات والسعودية والكويت. فيما أعلنت مصادر حكومية مؤخراً عن قرب الاتفاق على حزمة مساعدات جديدة مع الكويت، والسعودية بقيمة 7 مليارات دولار، كما تم الاتفاق مع البنك الدولى لتقديم قروض لمشروعات تنموية بقيمة 2 مليار دولار. وفى اول رد فعل على وصول 5 مليارات دولار من المساعدات العربية خلال شهر يوليو الماضى أعلن البنك المركزى عن ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى بنحو 3.96 مليار دولار ليصل إلى 18.88 مليار دولار حيث يعتبر هذا المستوى الأعلى منذ نوفمبر 2011 ثم ارتفع بنهاية أغسطس الماضى ليصل الى 18.91 مليار دولار. وأرجع الدكتور صلاح الدين فهمى، استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، هذه الزيادة الى المساعدات الأجنبية التى تلقتها مصر بعد 3 يوليو، مشيراً الى أن المؤشرات الحقيقية للاقتصاد لم تتحسن خاصة السياحة والبترول، وأن الحكومة الحالية لم تقدم اى جديد للاقتصاد. ولفت الى أن رفع التصنيف الائتمانى لمصر سيفيد من التقليل من تكلفة الاقتراض اذا قبلت اى دولة أو مؤسسة تمويلية اقراض مصر فى الظروف الراهنة. يذكر أن مؤسسة ستاندرد آند بورز قامت برفع تصنيفها لديون مصر طويلة وقصيرة الأجل بالعملتين المحلية والأجنبية إلى «B -/B » من «CCC +/C »، مبررة هذا القرار بتوفير النقد الأجنبى لتمويل الميزانية والمدفوعات الخارجية فى الأجل القصير مشيرة الى أن نظرتها المستقبلية للتصنيف المصرى مستقرة. ومن جهة أخرى تحسن مركز الجنيه المصرى فى مواجهة الدولار حيث ارتفعت قيمته بنسبة %2.4 ليصل الى نحو 6.88 جنيه للدولار مقابل 7.05 جنيه قبيل 3 يوليو، كما تراجعت السوق الموازية لسوق الصرف بشكل كبير، كما أقدم الكثير من الأفراد على بيع رصيدهم من الدولار تحسباً لمزيد من التحسن لقيمة الجنيه، مما قد يسبب لهم خسائر كبيرة. واشار صلاح الى أن تحسن قيمة الجنيه لا يعود الى زيادة الانتاجية أو تحسن حقيقى فى الاقتصاد، لافتًا الى أن الجنيه سيعود الى التراجع أمام الدولار مع اقدام المضاربين على اكتناز العملة الصعبة. وكان عدد من الأفراد قد أقدموا على شراء الدولار قبل 30 يونيو فى ظل اشتعال أزمة أسعار الصرف تحسباً لمزيد من انخفاض الجنيه أو لتحقيق أرباح كبيرة مع استمرار الدولار فى الصعود. وقد لجأت الحكومة الحالية بعد الحصول على المساعدات العربية الى ضخ 29.7 مليار جنيه لتحفيز الاقتصاد مستهدفة توفير التمويل اللازم للمشروعات التى أوشكت على الانتهاء، ومن المتوقع ضخ نحو 24 مليار جنيه كحزمة ثانية للتحفيز خلال الفترة المقبلة. وبناءً على ذلك ارتفعت قيمة الاستثمارات العامة المستهدف تنفيذها خلال العام المالى الحالى بشكل كبير، لتصل الى 290 مليار جنيه. ومن المستهدف أن تشمل تلك الاستثمارات مشروعات يتم تمويلها بالمساعدات العربية مثل بناء صوامع لتخزين القمح والحبوب بسعة 15 ألف طن للصومعة الواحدة، وبناء وحدات للرعاية الصحية الأساسية (طب الأسرة) فى الريف وخطوط لإنتاج أمصال اللقاحات، بما يرفع الاكتفاء الذاتى وانشاء وحدات سكنية ومدارس جديدة وتطوير مزلقانات على تقاطعات الطرق مع السكك الحديدية وتطوير خدمات النقل الجماعى، الى جانب دعم مشروعات ومبانٍ ومرافق كل من جامعة الأزهر والكنيسة الأرثوذكسية المصرية. وتعتمد حكومة الببلاوى على المساعدات العربية فى تحجيم عجز الموازنة المستهدف خلال العام المالى الحالى ليصل الى 10 % من الناتج المحلى الاجمالى مقابل 14 %، بالاضافة الى تحقيق نسبة نمو تصل الى 4 % مقابل 2 % نهاية العام المالى الماضى. وقد دفعت المساعدات العربية بعض مسئولى الحكومة الحالية الى اعلان عدم حاجة مصر الى قرض صندوق النقد الدولى الذى تقدمت مصر بطلب للحصول عليه بعد ثورة 25 يناير ولم يتم التوصل الى اتفاق نهائى بخصوصه حتى الآن. ويرى الدكتور أشرف كمال الخبير الاقتصادى أن قرض الصندوق لا تحتاج مصر إليه الا من أجل الحصول على شهادة الثقة من المجتمع الدولى، وإن تم تأجيله فإن مصر ستحتاج إليه عاجلاً أو آجلاً. وأضاف أنه على الرغم من هذه المؤشرات الايجابية، فان الاقتصاد المصرى بحاجة الى الاعتماد على الذات من خلال وضع خطط اقتصادية تنموية وزيادة الانتاج، الأمر الذى يتطلب عودة الاستثمار الأجنبى المباشر والسياحة إلى مصر، حيث يشكلان المحرك الرئيسى للنمو. وأشار الى أن المساعدات العربية تعتبر أحد الحلول السريعة للأزمة الاقتصادية بمصر، حيث انها تعتبر اجراء مضادًا للانكماش فى المدى القصير لمنع الركود، على الرغم من آثارها على جانب النفقات فى الميزانية لما لها من تبعات تنشيطية اذا تم ذلك فى قطاعات المقاولات والتشييد. وأضاف ان المساعدات العربية يجب النظر اليها، على أنها فقط مساعدات وعدم الاعتماد عليها على المديين المتوسط والبعيد حتى لا يتحول الاقتصاد الى اقتصاد غير منتج والاعتماد على الاقتصاد الحقيقى المتمثل فى الصناعة والزراعة وقطاعات الاقتصاد العينى. ولفت الى أن ذلك يعتبر أحد الدروس المستفادة من تجربة الدول المتقدمة فى الأزمة الاقتصادية 2008، حيث ان السلع الزراعية ساهمت فى تخفيف الآثار السلبية ومن ثم فان مصر أولى بذلك لأن مصر دولة مستوردة للغذاء وليس لديها قاعدة صناعية كبيرة تتناسب مع الموارد البشرية المتاحة. واتفق معه نادر عبدالهادى، رئيس جمعية المشروعات الصغيرة والمتناهية، حيث انتقد تجاهل الحكومة للقطاع الصناعى الذى يعتبر فرس الرهان الحقيقى للتنمية، متسائلاً عن أسباب عدم توفير المبالغ اللازمة للانتهاء من اقامة 10 مجمعات صناعية بتكلفة لا تتجاوز 2 مليار جنيه وفق قوله. وأكد أهمية قيام هيئة التنمية الصناعية بتخصيص الاراضى بحق الانتفاع لصالح المستثمرين بمبالغ بسيطة لتشجيع الصناعة. واشار الى أهمية قطاع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر فى هذا المجال، حيث يقدر عددها فى مصر بنحو 2.7 مليون مشروع يمكن فى حالة دعمها أن توفر آلافًا من فرص العمل وزيادة الانتاج، موضحاً أن الحكومة لا تولى بها أى اهتمام سوى التصريحات الصحفية والاعلامية التى لا تجد طريقها الى أرض الواقع.