رغم أننى قلت مراراً وتكراراً إننى لا يمكن أن أمنح شفيق صوتى، لأنى أعتبر هذا خيانة لدماء الشهداء، إلا أن كتائب الإخوان الإلكترونية عادت تنشط وتمارس حرباً نفسية ضروساً حتى على من ينصح جماعة تندفع بقوة الصاروخ إلى الهاوية. وهذه مسألة ألفناها منذ الاستفتاء المشئوم على تعديلات الدستور، لكنها لم ولن تمنعنا عن قول ما نعتقد فيه بتجرد ونزاهة، دون اعتبار لألاعيب السياسة، وخصال طلاب السلطة، وعبدة المناصب، والزاحفين على بطونهم حول أهداف ضيقة لا تغادر أنوفهم التى جدعها التغطرس، ودون نظر إلى أى منفعة أو مصلحة شخصية، فأنا قلت وأقول إن «الموهبة هى المنصب الذى لا يستطيع أحد أن يقيلك منه سوى الله»، واسألوا الدكتور سليم العوا الذى قلت له: «الكاتب الذى يترشح حتى للرئاسة يقدم تنازلات، فحاجة الدنيا إلى الكتاب أولى من حاجتها إلى الرؤساء». وسأقتدى وأهتدى فى مواجهة هؤلاء بقول الله سبحانه وتعالى: «لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِى». هذه من وجهة نظرى مقدمة لأزمة، قبل أن أقول إننى اتصلت الليلة قبل الفائتة بقيادات فى الحرية والعدالة وطرحت عليهم أن يقبلوا بأحد هذين الاقتراحين: 1- انسحاب مرسى لصباحى ليصلح الإخوان الصورة السلبية التى رسمت لهم بالرغبة فى الاستحواذ على السلطة، وكون فرص حمدين فى هزيمة شفيق أكبر، وتعامله مع التيار الإسلامى أسلس، ولن يتصلب العسكر فى مواجهته كما سيفعلون حيال تنظيم الإخوان، ولن تتعرض الوحدة الوطنية لخطر، وكل هذا بشرط أن يكلف حزب الحرية والعدالة بتشكيل حكومة إنقاذ وطنى لو فاز. 2- قيام البرلمان بتشكيل جمعية تأسيسية من خارجه وبعيداً عن الأحزاب السياسية تضم مائة شخصية وطنية مرموقة لوضع الدستور، وتحديد أربع شخصيات، يسارى وليبرالى ومسيحى وامرأة، كنواب لمرسى حال فوزه مع تحديد صلاحياتهم من الآن، وإعلان تشكيل فريق وزارى من شخصيات وطنية مشهود لها بالكفاءة يتولى إدارة البلاد. ويكتب هذا فى وثيقة تعرض أمام الرأى العام وتوقع عليها الأطراف المعنية. الآن الإخوان أمام مسئولية تاريخية وعليهم الاختيار، وليعرفوا أن شخصيات عامة مرموقة مع هذين الاقتراحين. ولا يقع هذا فى مجال الابتزاز كما توهم الواهمون، فلا أحد يطلب شيئاً لنفسه، إنما من أجل إنقاذ الثورة ومسارها، وإيجاد فرصة لتوحيد قواها. فإن وجد الإخوان أنهم مكتفون بذاتهم، وليسوا فى حاجة إلى التعاون مع أحد، أو ظنوا أن الناس ستقف معهم لإنقاذ مشروعهم هم، فهذا خطأ قد يكلفهم الكثير، وليمعنوا النظر فى نتيجة الانتخابات، ويقوموا بواجبهم حيال تجميع قوى الثورة حول مشروع للجميع وليس مشروعاً للجماعة، فالثورة شارك فيها الكل، وهناك كثيرون لن يقبلوا أن يجنى ثمارها طرف واحد، هذا ليس توزيعاً لغنائم، لأنها لا توجد أصلاً، بل هو توزيع لأعباء علينا أن نحملها جميعاً لكن وفق ضمانات وإجراءات لا لبس فيها.