فى تقرير بعنوان «الجنرال الهادئ»، تساءلت مجلة «نيوزويك» ماذا يريد حاكم مصر فى إشارة إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع. وقالت إنه بات أمر لا شك فيه أن مصر أصبحت تحظى برجل قوى جديد، وأنه منذ تدخل الجيش للإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسى، الشهر الماضى، فى أعقاب احتجاجات فى أنحاء البلاد، أصبح القائد الفعلى لمصر اللواء عبد الفتاح السيسى أكثر انتشارا فى شوارع القاهرة من تذكارات تحمل صورة أبو الهول. وقالت إن قائد الجيش تظهر صوره على جدران المقاهى ونوافذ المبانى الحكومية. الصورة منتشرة ولكنها غامضة، لافتة إلى أنه بعد أكثر من شهر من توليه السلطة يبقى السيسى غامضا مثل نظارته الداكنة، ويتم مقارنته فى مصر بالزعيم القوى صاحب الكاريزما خلال الخمسينيات والستينيات جمال عبد الناصر، لكن القليل من الناس يعلمون أى شىء عن خلفية أسرته. وأوضحت أنه نادرا ما يتحدث إلى مراسلى الصحف، وأصدقاؤه المقربون وحلفاؤه يرفضون طلبات اللقاء معهم، أو يوافقون على الحديث قبل إلغاء موافقتهم لاحقا بعد التشاور مع العاملين مع الجنرال. غير أن المجلة أشارت إلى أن فهم السيسى ضرورى لفهم إلى أين تتجه مصر، لا سيما بعد أسبوع من إراقة الدماء، شهد قمع جنوده لأنصار مرسى من متظاهرى الإخوان. وأحد الأماكن التى يمكن البدء بها هو بازار فى شارع خان الخليلى العتيق يحمل اسم «السيسى»، تزين رفوفه الصناديق المصرية المصنوعة المطعمة بالصدف بمهارة عالية. وقالت إن اللواء نشأ فى حى الجمالية، حيث الأزقة المزدحمة وسط المساجد العتيقة والفنادق التى كتب عنها صاحب نوبل ثلاثيته: بين القصرين وقصر الشوق والسكرية. عائلة السيسى متدينة كأغلبية المصريين، توجد وسط متجر السيسى عبارة «لا إله إلا الله» التى حفرها والد السيسى، كما يقول حسين خليل السيسى المعروف بحسن، مؤسس تجارة العائلة، ورب الأسرة الحقيقى فى عيون من يعملون معه. يقول مدير المتجر إنه طلب منه عدم الحديث عن اللواء السيسى الذى عرفه لسنوات، ولكنه لا يمكنه التوقف عن الحديث عن الأب. «لا تحتاجون منى الحديث عن عبد الفتاح، ولدى الحديث عن حسن، فأنت تتحدث عن أبنائه فكلهم نسخ منه». ويتابع: «حسن كان يحب القراءة عن التاريخ والقانون، وكان يعشق الاستماع إلى الموسيقى الوطنية القوية لأغانى المطربة العظيمة أم كلثوم، وكان يعرف العديد من المشايخ البارزين فى القاهرة الذين كانوا زبائنه وأصدقاءه. وكان محافظا وليس متشددا بأى صورة. وهو أب لثلاثة أبناء وخمس بنات، تلقوا جميعا تعليما جامعيا». ويمضى بالقول: «عبد الفتاح يشبه حسن تماما، كان جيدا فى إلهام كل من هم حوله»، عندما ينظر إلى عينيك يدرك ما تريد أن تقوله. حسن كان يحب التجارة، وقد تبعه حسين فى ذلك، وكان يحب القانون ولذلك أصبح ابنه أحمد قاضيا، وكان مثل الجنرال كل شىء دقيق وفى موعده المحدد، وكل شىء منظم، ولذلك أصبح ابنه جنرالا. ويقول تامر أخو حسين الذى يعمل بالمحل: «إن عبد الفتاح كان نادرا ما يمزح، وربما يجلس لوقت طويل ويقول كلمة أو اثنتين: كان مستمعا ولكنه ذو قوة»، ويتابع: «فى الحقيقة اعتادوا مناداته الجنرال منذ شبابه». وانتقلت المجلة للحديث عن السيسى بالقول إنه خلافا لحاكم البلاد القوى السابق مبارك الذى كانت زوجته وأسرته معروفين جيدا للمصريين، كان السيسى يحمى خصوصية أقربائه. وفقا لأخيه الأكبر أحمد السيسى، الذى وافق على الحديث على مضض، الجنرال لديه 3 أبناء وابنة واحدة. وزوجته ترتدى الحجاب التقليدى الذى ترتديه أغلب النساء المصريات. ويتابع أحمد: مثل زوجته، أخوات الجنرال الخمسة لا يعملن، مضيفا: «فتياتنا لا يعملن ويبقين فى المنزل لتربية الأبناء»، «وبالنسبة للأبناء الأمر مختلف، الحياة خارج المنزل، حيث يعملون فى وظائف مرموقة، ويضيف متفاخرا نحن نأتى من عائلة تقود ولا يتم قيادتها». وتعود المجلة للحديث عن السيسى، الفتى الصغير الذى سيصبح جنرالا فى المستقبل، لم يشارك فى حروب مصر الرئيسية حيث ولد عام 1954. وتتابع: إن الجيش الذى التحق به السيسى أصبح آلة قمار أكثر منها آلة حرب تدفع أرباحا كثيرة للضباط المخلصين لها والموردين الأمريكان. وتمضى بالقول إن الجيش يضم مجندين من أنحاء المجتمع المصرى، ويعد بهذه الطريقة أقرب إلى نظام يحترم المؤهلات، يوجد داخل دولة ابتليت بالوساطة والفساد. ولكن بينما يترقى الضباط فإنهم يتحركون بصور أعمق إلى عالم معزول عمدا عن بقية البلاد. فلديهم وحداتهم السكنية ونواديهم ومدارسهم ومتاجرهم الخاصة. الجيش لديه إمبراطورتيه الصناعية واستثمارات ضخمة فى مجال البناء. وتابعت: إنه تحت حكم مبارك ازدهر الجيش المصرى كما لم يحدث من قبل، وهناك مزاعم أن النخبة من قيادات الجيش مثل المشير طنطاوى والعديد من أعضاء المجلس العسكرى صنعوا ثروات طائلة. وفى المقابل يعتقد أن السيسى ظل نظيفا. وقالت المجلة إن الجنرال الذى تلقى تدريبه فى أمريكا بعد أن اختير للدراسة فى كلية الحرب الأمريكية عام 2006، ليس من المفاجئ أن يعلن أنه لا يحب أو يحتاج أمريكا، حيث اكتشف أن الحكام السنة فى الخليج أكثر كرما من أمريكا بعد أن منحوا مليارات الدولارات لمصر. واختتمت تقريرها بالقول: مع اقتراب موعد المظاهرات المخطط لها فى 30 يونيو، تلقى النشطاء تشجيعا من وسطاء يتحدثون بالنيابة عن الجيش للضغط على الشارع، وفقا لقادة الاحتجاجات ولواء متقاعد عمل كوسيط. وفى الخلفية، انتظر السيسى، انتظر بصمت اللحظة المناسبة، وأرخى لمرسى والإخوان الحبل أكثر وأكثر حتى يشنقوا أنفسهم. ثم أخيرا، مثل والده فى ورشته خرج إلى النور ليكشف ما كان يخطط له بعناية. نقلا عن الموجز