تمهل لا تغضب ولا تشتم، فلست وحدك فأنا وهو وهى وهؤلاء كلنا مثلك وأرجو أن أستثنى أحدًا. ولنكن أكثر رقة ولطفًا ولنقل أنت (متناقض) وبعض التناقض فساد. تخيل معى أننا على جهاز كشف الفساد أو التناقض كما اتفقنا، فهل : نلعن الرشوة ونلجأ إليها لإنجاز مصالحنا مع صياغة منمقة لمبررات فعلتنا. نرفض الغش التجارى بالدواء والمنتجات ونغض الطرف إذا كان الغش مساعدًا لأولادنا فى النجاح والتفوق حتى بات الغش (شطارة) - وللأسف - أسلوب حياة. نحتقر (الواسطة) ونسميها (كوسه) وظلمًا للكفاءة واختلالًا للعدل، ونلهث بحثًا عنها لمساعدة قريب أو نسيب فى الحصول فرصة ولو جار على حق غيره. نرفض مبدأ توريث السلطة حتى ثرنا ضده ونقاتل لتعيين أبناء العاملين كحق لا فصال فيه. نكره أن يغتابنا أحد ونمارس النميمة ولو بالتواجد فقط على طريقة التدخين السلبى. نتلمس الستر ويستهوى بعضنا التنقيب عن أسرار الآخرين. إذا كذب غيرنا استحق الجلد وإذا كذبنا فهذه دبلوماسية وكذب أبيض!. نكره النفاق ويشنف آذاننا مديح الناس لمزايانا وإن غابت!. نكره من يتزوج حبنا الأول وننسى أننا غالبا قد تزوجنا من كان غيرنا يحبها. نطالب بالمساوة بين المرأة والرجل وإذا طبقت ذلك أمام (الأسانسير).. فأين (الإتيكيت)؟ نحقد ونتآمر ويشغلنا ما فى أيدى الناس وننسى النعم التى فى أيدينا. نغضب من استغلال المدرس الخصوصى، الطبيب، المهندس، المحامى وكل صاحب مهنة غير مهنتنا وربما نحن أيضًا مستغلون لم تتح لنا الفرصة. نعم كلنا متناقضون نلعن الفساد علنًا ونتعاطاه سرا، نتفق معه إذا صب فى مصالحنا والويل له لو تسبب فى تعكير صفو هوانا، نكذب حتى على أنفسنا لنصدق أننا ضحايا مجبرون، مضطرون، لنصون ضمائرنا من عبث مواجهة الذات. تعالوا نعترف ونقر (أنا وإياكم) بأننا نختار طواعية الانسحاب من أهم معاركنا ضد النفس الأمارة بالسوء فنعيش نعيم عبوديتها ونرفض تحرر أرواحنا لنعود بشرًا فى هذه الغابة الموحشة التى يسمونها الدنيا.