انفصل موسى وأخوه هارون عليهما السلام مع من أطاعه من بنى إسرائيل عن القوم الفاسقين منهم، وتاه بنو إسرائيل الفاسقون فى صحراء سيناء، وظلوا على مدار 40 عاماً فى ضياع وحيرة، يسيرون كثيراً ثم يجدون أنفسهم فى نفس الموضع الذى انطلقوا منه، وبدأوا يموتون تباعاً، ويخرجون من هذه الدنيا وهم ضعاف ومذلولون، حتى فنى جيل الذل تماماً عن بكرة أبيه. وهو ما عبرت عنه الآية 59 من سورة البقرة: «فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِى قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ». ورغم فناء ذلك الجيل عن بكرة أبيه وظهور جيل آخر لاحقاً، لبنى إسرائيل إلا أن الجيل الجديد تغير بعدما آمنوا بيوشع بن نون، وهو فتى سيدنا موسى الذى ذُكر فى سورة الكهف: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ «الكهف:60»، وقد جعل الله يوشع نبياً بعد موت موسى، وحكم يوشع بنى إسرائيل بأحكام التوراة، كما أنه وبأمر من الله فتح وقومه بيت المقدس، وهناك من يقول أن يوشع وقومه لم يصلوا الأرض المقدسة «القدس»، بل حرروا مدينة مجاورة لها ويقال إنها «أريحا» والدليل أن الآية قالت ادخلوا القرية لا الأرض المقدسة. وعلى الرغم من أن الجيل الجديد لبنى إسرائيل قد امتثل لأمر الله فى محاربة العمالقة وتحرير الأرض، إلا أن تحقيقهم المتأخر لهذا الشرط لم يحقق الوعد الذى أعطاهم إياه الله آنذاك بمنحهم الأرض المقدسة، وعليه لم يكتب الله لهم فلسطين، بل قال الله تعالى عن تنفيذهم الأمر على يد يوشع بن نون: ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا﴾ «الأعراف: 137». ولفظة»أورثنا» تعنى أنها ليست ملكاً لهم، فلو أراد الله أن يمنحهم إياها لقال «كتبنا» كما جاء فى الآية 21 من سورة المائدة . وتستمر رحلة ما بعد يهود موسى وهارون