للأسبوع الثانى على التوالى أغرد خارج السرب، أسبح ضد التيار، وأتفادى الكتابة عن مجريات التطورات فى المنطقة، رغم مناسبة مرور عام على الحدث الأبرز خلال الحقب الماضية، وهو السابع من أكتوبر، وأسعى إلى تناول تطورات ومسار الأزمة بين إسرائيل والمنظمات الدولية، والتى وصلت إلى مرحلة غير مسبوقة، بعد إعلان تل أبيب، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش شخص غير مرغوب، ومنعه من دخول إسرائيل، والذى جاء على لسان وزير الخارجية الإسرائيلى يسرائيل كاتس، الذى قال (إن أى شخص لا يمكنه إدانة الهجوم الإيرانى الشنيع على تل أبيب، لا يستحق أن تطأ قدمه التراب الإسرائيلى) واتهمه بالعداء لإسرائيل ودعم الإرهابيين والمغتصبين والقتلة) فهى لم تقبل من جوتيرتش أن يجمع بين تل أبيب وطهران، رغم حرصه فى جلسة مجلس الأمن، على إدانة الهجوم، ولكنه انتقد كلا الطرفين، منددًا بدوامة العنف المقززة فى منطقة على حافة الهاوية، هذا الموقف، وذلك التصريح، مثل مستوى من التبجح الإسرائيلى، فهى تبحث عن مواقف على مقاسها، ومسئولين دوليين يروجون لمواقفها، رغم تناقضها التام مع المواثيق والقوانين الدولية، وقد سبق لها خلال العام الماضى، منع المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان فرانشيسكا البانيز من دخول إسرائيل، وهددت مرارًا المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، بعد طلبه إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وقادة إسرائيل، رغم أن الطلب يشمل أيضًا قادة حماس. وكان لأنطونيو جوتيرش الحظ الأكبر من الاستهداف، والهجوم ومحاولة النيل منه ومن دوره، بعد اتخاذه فى ديسمبر الماضى قرارًا بتفعيل المادة 99 من الميثاق، والتى تمنحه صلاحية الطلب من مجلس الأمن، المساعدة لتجنب وقوع كارثة إنسانية، ومناشدته العمل على وقف إنسانى لإطلاق النار فى غزة، وجن جنون تل أبيب بعد إصداره قائمة العار فى يونيو الماضى، ضمت الجيش الإسرائيلى وحماس وسرايا القدس، باعتبارهم أطرافًا متحاربة ترتكب جرائم جسيمة فى حق الأطفال، وقد تنوعت أشكال ومستويات الهجوم على الأمين العام، وقادها نتنياهو، الذى تفادى اللقاء به أثناء مشاركته فى أعمال الدورة الأخيرة للأمم المتحدة، رغم أنه تقليد متعارف عليه، بل وشن هجوم غير مسبوق عليه والمنظمة الدولية، واتهمها بأنها تتعامل مع بلاده بشكل غير منصف، وقال (إلى أن يتم التخلص من هذا المستنقع المعادى للسامية، سيبقى الأشخاص المنصفون فى أنحاء العالم، ينظرون إلى الأممالمتحدة على أنها ليست أكثر من مهزلة ومثيرة للازدراء)، كما دعاه مندوب إسرائيل فى المنظمة الدولية جلعاد أردان إلى الاستقالة، وقال (لا يمكنك أن تستمر فى منصبك دقيقة واحدة، أنت تعانى من عفن أخلاقى). وحقيقة الأمر، أن إسرائيل تسعى إلى فعل ذلك، أو على الأقل، ضمان عدم التجديد له العام بعد القادم، لم يجد الرجل من يتضامن معه، أو يدافع عنه، سوى مجلس الأمن، ومن خلال بيان باهت حيث انتقد توقيت الإعلان، دون التنديد برمزيته ومضمونه، الذى جاء - وفقًا للبيان - فى سياق التوترات الحالية فى الشرق الأوسط، ودعا الدول لضرورة أن تكون على علاقة مثمرة وفعالة مع الأمين العام، وأن تمتنع عن أى إجراء من شأنه أن يقوض عمله، وعمل أجهزته. ودعونا أخيرًا نتفق على أن جوتيريش ليس شخصًا غير مرغوب فيها، ولكن إسرائيل هى دولة غير مرغوب فيها، منذ إنشائها فى أربعينات القرن الماضى بقرار من المنظمة التى دأبت على الهجوم عليها، فهى وراء حالة عدم الاستقرار فى منطقة بأهمية الشرق الأوسط، فرضت على دوله صراعات وحروب، خصمت من قدرتها على النمو والتقدم، وارتبط وجودها بجرائم ضد الإنسانية، وحالة تعالٍ غير مبرر، على القوانين والمواثيق الدولية. فهل تتم إعادة الاعتبار للرجل، وهذه المرة من المشرفين على جائزة نوبل للسلام، بالإعلان يوم الجمعة القادم عن منحه إياها لهذا العام، أتمنى.