أغادر طواعية وبكل إرادتي منطقة الشرق الأوسط، بكل نكباتها وإحباطاتها، أهرب في مقالي هذا من تداعيات العدوان الإسرائيلي، علي شعوب عربية بكل نتائجها الكارثية علي المنطقة العربية، ومن حدة الاستقطاب الشديد بين النخب السياسية، حول تقييم ما جري خلال الأيام القليلة الماضية، منها انتقال مسرح العمليات إلي لبنان، واستشهاد حسن نصرالله، وممارسة لعبة جلد الذات، وتحميل مسئولية ما يجري لهذا الطرف أو ذاك ، مع توقعات السيناريو الأسوأ في الفترة القادمة، واذهب الي (نقطة ضوء في نفق مظلم) ،حتي لو جسدها شخص، اسمه جوزيب بوريل مسئول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي، لأقول من خلال رصد مواقف الرجل خلال عام من العدوان الإسرائيلي علي غزة، بأن بمثله سينتصر الحق وإن تأخر، ستظهر الحقيقة وإن غابت قليلا، فالرجل أخطأ منذ عام في تقييمه لعملية طوفان الأقصي، مثلما كان عليه الكثيرون من ساسة الغرب، ووصف هجوم المقاومة بالإرهابي، واعتبر رد اسرائيل دفاعا عن النفس، ولكنه تراجع بشجاعة نادرة عن مواقفه خطوة خطوة، عندما ظهر أن الأمر أبعد من تلك النظرة المحدودة، والحكم السريع علي الأحداث وبعدها أشار إلي أن هناك حدودا لحقها في الرد، ووصف مايحدث بأنه رعب حقيقي، وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وتقدمت مواقفه تماما، بالدعوة إلي وقف إطلاق النار وتعزيز حل الدولتين، ودخل صراعا غير متكافئ مع دولة بحجم إسرائيل، بكل مالها من ثقل علي الصعيد الدولي، خاصة الأوربي، وبما لها من سيطرة علي منظومة الإعلام الدولي، فتعرض إلي هجوم غير مسبوق، حيث اتهمه وزير الخارجية الاسرائيلي بمعاداة السامية والكراهية ضد إسرائيل، واتهمه الإعلام بالكذب الصارخ وغير المقبول، ولكنه استمر في مواقفه، وأهمها دعوته إلي فرض عقوبات علي وزيري الأمن القومي بن غفير وسموتريش ،لإطلاقهم خطاب كراهية ضد الفلسطينيين تتعارض مع القانون الدولي ،وتحريضا علي ارتكاب جرائم حرب، ففتح علي نفسه أبواب جهنم الإسرائيلية. انحاز جوزيب بوريل الي حل الدولتين ودافع عنه وقال ( أن العالم كله تقريبا يدعو لذلك الأممالمتحدة ومجلس الأمن، وأكثر من 135 دولة ومحكمة العدل الدولية، ومع ذلك هذا لم يحدث ، وفي انتقاد مبطن للدول التي تتحدث عن هذا ليس الوقت المناسب ومنها واشنطن قال (متي هذا الوقت المناسب، كم من الاشخاص يجب ان يموتوا قبل أن يكون هذا هو الوقت المناسب؟) مدافع صلب عن وكالة الأونروا في مواجهة الحملة الشرسة عليها من اسرائيل التي جمدت مساهمات بعض الدول في موازنتها، فهي موجودة لان هناك لاجئين، زار مصر أوائل الشهر الماضي للمشاركة في اجتماعات وزراء الخارجية العرب ، وحرص علي أن يكون معبر رفح جزءا من البرنامج، ومن هناك قالها صراحة ( مايحدث علي الجانب الآخر ليس أزمة وراءها الطبيعة مثل الفيضانات أو الطوفان، نعجز عن مواجهته ولكنها من صنع بشر) ، ويومها رفضت اسرائيل استقباله، وطلبت منه تنسيق الزيارة بعد الأعياد اليهودية، والتي ستكون نهاية هذا الشهر، أي بعد انتهاء ولايته، آخر مواقفه يوم الجمعة الماضي، اتهامه العالم بالتخاذل وعدم وجود أي قوة قادرة علي وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وإجرامه في غزةولبنان وانتقد الإعتماد علي أمريكا وحدها، فقد حاولت ولكنها لم تنجح، بسبب الرجل والخلاف داخل الاتحاد، لم يتم التوصل الي تجديد اتفاقيات الشراكة للعلاقة بين بين أوربا واسرائيل، خاصة أن دولا داخل الاتحاد ، تتهم تل أبيب بانتهاكات حقوق الإنسان. تنتظر إسرائيل علي (أحر من الجمر) نهاية ولايته، فمن سيتولي المنصب بعده، رئيسة الوزراء الاستونية كايا كالاس ،ومواقفها تميل الي دعم لإسرائيل حيث استنكرت الهجوم الإيراني، دون النظر إلي أنه جاء رد فعل علي اغتيال اسماعيل هنية في العاصمة طهران، ووصفته بأنه تصعيد خطير، يعرض المزيد من الأرواح للخطر، وهي مع حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، الميزة الوحيدة في مواقفها من أحداث المنطقة، أنها مع حل الدولتين . وبعد ، الرجل مناصر للحق منحاز للشعب الفلسطيني، فهل تسعي أي جهةٍ عربية بالاحتفاء بالرجل وتكريمه، بعد نهاية ولايته؟ اتمني ، وأنتظر .