يعرف الرجال في أوقات الصعاب، ففي الوقت الذي تمر فيه المنطقة بمنعطفات غير مسبوقة، دوما يأتي صوت الحكمة من مصر، حيث التحذيرات من مغبة اتساع رقعة الصراع، واستمرار هذه الاضطرابات على الإقليم. نلحظ جميعا أن آلة الإرهاب الإسرائيلي لا تتوقف عن ارتكاب المجازر وحصد أرواح الأبرياء، والمشهد الكارثى يتفاقم يوماً بعد الآخر. فالأوجاع تمتدّ من غزة إلى لبنان. رائحة الموت تخيم على الجنوب، مخلفةً وراءها دماراً واسعاً وتهجيراً قسرياً لأكثر من مليون شخص. كل هذا يحدث وسط صمت دولي مطبق، يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية. أفعال نتنياهو لا تتوقف عند إشعال الحروب وتوسيع رقعتها، بل تمتد لإطالة أمد الصراعات وإحراق المنطقة ، و لعل تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي، تؤكد تعطش آلة الاحتلال الإسرائيلي، حيث قال: " إن القضاء على الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خطوة مهمة للغاية لكنها ليست كل شيء.. سنستخدم كل القدرات التي لدينا، لإعادة سكان الشمال"، ملوحا بالتقدم البرى وارتكاب المزيد من جرائم الحرب والدمار. رد الفعل الإيراني تجاه الزلزال الذي ضرب حليفها "حزب الله" وإن كان مثار دهشة لكنه ليس مستغربا، فتصريحات الرئيس الإيراني مسعود بشكيان الأخيرة ل"cnn"، بدت مهادنة بشكل للولايات المتحدةالأمريكية. حيث صرح بأن "حزب الله وحده غير قادر على مواجهة إسرائيل، ودعا الدول العربية والإسلامية لتحمل مسؤوليتها في مواجهة هذه المأساة التي تهدد أمن المنطقة"، وبات السؤال: هل تخلت إيران عن حزب الله، أم أنها تعامله كأداة لا شريك؟ وبينما يشتعل الصراع وتتصاعد المخاطر، تتعهد الولاياتالمتحدة بدعم إسرائيل بشكل لا يلين، مما يوفر غطاءً سياسياً وعسكريا لنتنياهو لتنفيذ أجندته فى إعادة رسم خريطة المنطقة، ولا يبالى بما ستواجهه المنطقة وإسرائيل في المقدمة من مخاطر. في هذا الظرف شديد التعقيد، ورغم الأعباء الجسيمة التي تقع علي عاتق مصر في مواجهة الأزمات، فالدور المصري واضح للجميع ، ولدينا قيادة سياسية تسعى بحكمة ووعى لإيجاد مسار سياسي لنزع فتيل الأزمة وتحقيق الاستقرار بالمنطقة. الرئيس عبدالفتاح السيسي حذر مرارا من اتساع رقعة الصراع ، الذى يهدد استقرار الشرق الأوسط، وجدد الرئيس نداء الحكمة بالأمس، _ خلال احتفال "أكاديمية الشرطة" _ بتخريج دفعات جديدة من هذا الصرح العلمي والأمني الشامخ، وإعلان انضمامهم لكتيبة حماة الوطن فى حضور اللواء محمود توفيق وزير الداخلية.. حيث جدد الرئيس السيسي الذي شرف الحفل بحضوره، تحذيره من اتساع رقعة الصراع الذى يهدد استقرار المنطقة بأسرها، كما حذر من استمرار هذا الاضطراب الذى سيؤدى إلى عواقب وخيمة. هنا ونحن نتحدث عن حرب شرسة يقودها جيش الاحتلال تهدف إلى محو دول وتغيير خريطة المنطقة بأكملها، لا يمكننا تجاهل حرب أخرى تسعى لتفكيك الأوطان دون إطلاق رصاصة واحدة، وهي حرب الشائعات والأكاذيب، التي تمكنت من تدمير العديد من الدول، ولعلنا نرى ذلك بوضوح إذا نظرنا حولنا. وهو الأمر الذى حذر منه الرئيس السيسي فى رسائل مهمة وجهها للداخل والخارج ، أكد فيها ضرورة الانتباه والتصدى للأكاذيب التى تحاك ضد مصر وتهدف إلى زعزعة الاستقرار. وأكد الرئيس خلال حوار مفتوح أجراه مع الإعلاميين على مأدبة إفطار على هامش الاحتفال، أن مصر ستظل آمنة بفضل تلاحم و تماسك شعبها وقوتها العسكرية. وأن الدولة المصرية تستغل كل قدراتها للوساطة في النزاعات الإقليمية، وتسعى دائمًا لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة، فثوابت السياسة المصرية تقوم على التوازن والاعتدال والإيجابية. وخلال لقائه اليوم مع عدد من طلاب الأكاديمية العسكرية الذين أنهوا دراستهم بالأكاديمية، بحضور الفريق أول عبدالمجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة، أكد الرئيس السيسي أن حماية الأمن القومي عملية مستمرة بلا كلل أو ملل، وأن تماسك ووحدة الشعب المصري هما محور الارتكاز والحماية الاستراتيجي للدولة المصرية والضامن الأساسي للحفاظ على أمن واستقرار الوطن. منطقتنا كما أكد الرئيس السيسى، تمر بمفترق طرق خطير للغاية، وهو ما يتطلب الانتباه والعمل على إيجاد حوار استراتيجي للوصول إلى حالة من التفاهم للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.