الشاعر الفرنسى جان كوكتو يقول: ما الشعر إلا أكاذيب ولكنها تقول الحقيقة، وفى عالم السياسة - حيث لغة المصالح هى المعتمدة دوليا - تجد كبار الساسة غارقين فى الكذب ويتصدرون القائمة، ويكون الكذب ليس مجرد وسيلة بل عقيدة لدى حفنة من محترفى الإجرام معدومة الإنسانية، لم تمر الأخلاق قريبا من بابهم أو ديارهم، وإن سئلتَ عن الكذب فقل: هو صناعة إسرائيلية بامتياز، احترفها كبيرهم نتنياهو. فى عالم تتداخل فيه الحقيقة مع الخيال، وتُستخدم فيه المعلومات كسلاح أكثر فتكًا من الرصاص، تظهر بعض الدول بتكتيكات تعتمد على تشويه الواقع وتزييف الحقائق لتحقيق أهدافها (سلطة الاحتلال الإسرائيلى نموذجا).. على مدى عقود، استغلت الأكاذيب والمعلومات المضللة كجزء أساسى من استراتيجيتها السياسية والعسكرية، ساعية لتبرير أفعالها وتحقيق مكاسب على حساب حقوق الشعب الفلسطينى. توظيف الأكاذيب لم يعد مجرد وسيلة للدعاية، بل أصبح أداة للتلاعب بالرأى العام الدولى وتبرير الانتهاكات المستمرة من خلال سرد مجموعة من الادعاءات والمزاعم التى تفتقر إلى الأدلة، تسعى إسرائيل إلى رسم صورة مشوهة للواقع، محاولةً إخفاء الحقيقة وتوجيه الأنظار بعيدًا عن ممارساتها، فهى تريد دفن مجازر غزة والضفة بمجازر الجنوب اللبنانى، هذه الاستراتيجية لا تؤثر فقط على فهم العالم للصراع القائم، بل تزيد من معاناة الشعب الفلسطينى المحروم من الحقوق الأساسية. لعبت هذه الادعاءات والروايات الكاذبة، التى غالبًا ما تضخمها وسائل الإعلام الدولية، دورًا رئيسيًا فى تشكيل تصورات الجمهور أثناء الصراع. العديد من هذه الأكاذيب تم تصحيحها أو فضحها لاحقًا، إلا أن الضرر الأوَّلى الذى لحق بالحقيقة والخطاب الدولى كان قد حدث بالفعل، نسرد هنا بعض الأكاذيب الفجة لعام دموى كاد يطوى صفحاته: 1- حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية (أكتوبر 2023): زعم المسئولون الإسرائيليون أن حماس كانت تستخدم المدنيين فى غزة كدروع بشرية. ومع ذلك، كشفت التحقيقات أن العديد من الوفيات بين المدنيين كانت نتيجة لغارات جوية إسرائيلية عشوائية على مناطق مكتظة بالسكان، وليس قيام حماس عمدًا بوضع المدنيين فى طريق الأذى. 2- أطفال رضع ونساء حوامل محترقون (7 أكتوبر 2023): زعمت وسائل إعلام إسرائيلية، نقلاً عن مصادر عسكرية ومتطوعة، أن مقاتلى حماس أحرقوا أطفالًا ونساء حوامل أحياءً أثناء هجماتهم. وقد وجدت تقارير من منظمات مثل هآرتس لاحقًا أن هذه الروايات غير دقيقة. 3- الحصار الشامل كعقاب جماعى (أكتوبر 2023- فبراير 2024): أعلنت إسرائيل «حصارًا شاملاً» على غزة، ومنعت دخول الغذاء والماء والأدوية، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية فى المنطقة. 4- تحقيق الأممالمتحدة فى العنف الجنسى (مارس 2024): اتهمت إسرائيل حماس بارتكاب عنف جنسى واسع النطاق خلال هجوم 7 أكتوبر. وبينما أشارت بعض التقارير الأولية إلى أدلة على العنف الجنسي، لم تتمكن الأممالمتحدة من التحقق من هذه المزاعم بسبب عدم القدرة على الوصول إلى الضحايا والمواقع. 5- مزاعم معبر رفح (مايو 2024): أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودى، مما منع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى غزة، وقد تمت إدانة هذه الخطوة على نطاق واسع باعتبارها عقابًا جماعيًا. 6- الدعم المصرى لحماس (أكتوبر 2023 - سبتمبر 2024): اتهمت إسرائيل مصر بدعم حماس من خلال السماح للأسلحة والمقاتلين بالمرور عبر الأنفاق تحت الحدود بين غزة ومصر. ونفت مصر هذه الادعاءات وأكد مسئول عسكرى إسرائيلى فى تصريحات نقلتها رويترز: لم نجد سوى 9 أنفاق تؤدى إلى مصر وكانت جميعها مغلقة !! 7- منع المساعدات الإنسانية (أكتوبر 2023): زعمت إسرائيل أن منع المساعدات الإنسانية إلى غزة كان ضروريًا لأسباب أمنية. ومع ذلك، انتقدت المنظمات الدولية هذا باعتباره عقابًا جماعيًا. 8- تقارير كاذبة عن الأسلحة الكيميائية (نوفمبر 2023): زعمت إسرائيل أن حماس لديها إمكانية الوصول إلى الأسلحة الكيميائية. لم يتم إثبات هذه الادعاءات، ولم تجد التحقيقات أى دليل على استخدام الأسلحة الكيميائية. 9- تدمير المرافق الطبية (نوفمبر 2023): زعمت إسرائيل أن حماس تستخدم المستشفيات والمرافق الطبية فى غزة لتخزين الأسلحة وإجراء العمليات العسكرية. ومع ذلك، لم تتمكن التحقيقات المستقلة من إثبات هذه الادعاءات. 10- عدد القتلى غير الحقيقى للمدنيين الإسرائيليين (أكتوبر 2023): فى البداية بالغت السلطات الإسرائيلية فى تقدير عدد المدنيين الإسرائيليين الذين قتلوا خلال اليوم الأول من الصراع. وأظهرت التحقيقات اللاحقة أن العديد من القتلى كانوا جنودًا أو أفراد أمن. 11- ادعاءات الضربات الصاروخية الإيرانية (نوفمبر 2023): زعمت إسرائيل أن صواريخ إيرانية تم اعتراضها فى طريقها لضرب أهداف إسرائيلية. ومع ذلك، أظهر التحقيق أنها لم تكن مرتبطة بشكل مباشر بالصراع فى غزة. 12- تصريح نتنياهو الكاذب لبايدن (أكتوبر 2023): زعم رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو كذبًا للرئيس الأمريكى جو بايدن أن مقاتلى حماس قيدوا وأحرقوا وأعدموا العشرات من الأطفال. وقد ثبت لاحقًا زيف هذا البيان. 13- ادعاءات كاذبة عن قيام حماس بقطع رءوس النساء (أكتوبر 2023): زعم المسئولون الإسرائيليون أن حماس قطعت رءوس النساء أثناء الهجمات، ولكن لم تجد التحقيقات أى دليل يثبت هذا الادعاء. 14- مزاعم حصار الوقود المصرى (فبراير 2024): اتهمت إسرائيل مصر بمنع شحنات الوقود إلى غزة، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائى فى المستشفيات. ومع ذلك، كشفت التحقيقات أن القيود والحصار الإسرائيلى كان السبب الرئيسى لنقص الوقود. 15- حماس تعدم الرهائن (أكتوبر 2023): زعمت التقارير الإسرائيلية أن حماس كانت تعدم الرهائن بشكل جماعى فى غزة. ومع ذلك، وجدت التحقيقات أنه لم يكن هناك دليل على عمليات إعدام جماعية. 16- قدرات إطلاق الصواريخ المبالغ فيها (ديسمبر 2023): زعمت إسرائيل أن حماس عززت بشكل كبير قدراتها الصاروخية بدعم من إيران. ومع ذلك، وجد المحللون العسكريون أن إسرائيل بالغت فى تقدير قوتها النارية. 17- ادعاءات ضد الأونروا (UNRWA): زعمت إسرائيل مرارًا أن الأونروا (وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) متواطئة مع حماس، وأن العديد من موظفيها هم أعضاء فى حماس، كما ادعت أن المدارس والمستشفيات التى تديرها الأونروا تُستخدم لتخزين الأسلحة وتنفيذ العمليات العسكرية. ومع ذلك، لم تثبت أى من هذه الادعاءات بشكل قاطع، وكانت تُستخدم بشكل رئيسى لتبرير الضربات ضد المنشآت المدنية التى تديرها الأونروا. 18- الاتهامات الموجهة إلى الأممالمتحدة: زعمت إسرائيل أن الأممالمتحدة متحيزة ضدها فى النزاع مع حماس، وأن قرارات الأممالمتحدة الداعية إلى وقف إطلاق النار تعرقل الجهود الإسرائيلية للدفاع عن نفسها، كما زعمت أن بعض تقارير الأممالمتحدة حول الانتهاكات الإسرائيلية فى غزة كان مبالغا فيها أو غير دقيقة. 19- عرقلة حماس للهدنة: ادعت إسرائيل أن حماس تعرقل بانتظام جهود التوصل إلى هدنة أو وقف إطلاق نار، مشيرة إلى أن حماس تستغل فترات التهدئة لإعادة التسلح والتجهيز لمزيد من الهجمات. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن بعض فترات التهدئة فشلت بسبب شروط إسرائيلية صعبة أو بسبب غارات إسرائيلية جرت أثناء التفاوض. 20- أما الكذبة العشرون: فكانت على أهالى الأسرى الذى طالما تحدث إليهم نتنياهو أن حربه الفاجرة على المدنيين الأبرياء فى غزة، وأن حربه المقدسة هدفها تحرير الرهائن، وأن حربه المقدسة على لبنان هدفها إعادة 60 ألف نازح من الشمال الاسرائيلى (بسبب صواريخ حزب الله) ليعودوا إلى منازلهم.