أكد ولي عهد الكويت الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، أن العالم يشهد حاليا ممارسات لا يقبلها دين، ولا يقرها قانون، ولا تتفق مع الفطرة الإنسانية السوية، من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث يشهد العالم كله تصاعدا خطيرا للعمليات العسكرية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وباقي الأرض الفلسطينيةالمحتلة، بما فيها القدس والضفة الغربية. وأشار ولي العهد الكويتي أمام الدورة ال79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بمقر المنظمة في مدينة نيويورك ووفقا لوكالة الأنباء الكويتية مساء الخميس إلى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عقاب جماعي واستهداف المدنيين العزل بغارات جوية متواصلة، أدت إلى قتل عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء أطفالا ونساء ورجالا فاق عددهم ال41 ألف شهيد، وإمعان القوة القائمة بالاحتلال في استهداف مقار المنظمات الدولية والبنى التحتية ومرافق سبل الحياة، واستمرارها للتهجير القسري لسكان القطاع وقال إن السلام في منطقتنا لن يتحقق ولن ننعم به إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها (القدسالشرقية)، على حدود الرابع من يونيو 1967، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وأضاف ولي العهد أن "دولة الكويت ترحب بالاعتراف بدولة فلسطين من قبل العديد من الدول خلال الأشهر الماضية، وتدعو الدول الأخرى إلى اتخاذ خطوات مماثلة كما ستظل دولة الكويت مساندة للحق الفلسطيني داعمة لشعبه، وقد تشرفت بتقديم مرافعة خطية وشفهية أمام محكمة العدل الدولية بشأن العواقب القانونية الناشئة عن انتهاكات القوة القائمة بالاحتلال للأرض الفلسطينيةالمحتلة.. كما تشرفت دولة الكويت رفقة المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية سلوفينيا ومائة وعشرين دولة أخرى أعضاء في الأممالمتحدة بالتوقيع على وثيقة (الالتزامات المشتركة) لدعم وكالة الأونروا، حيث إن ما طال هذه الوكالة ما هو إلا تأكيد الجانب الآخر لغياب أي رغبة جادة في الوصول إلى السلام الحقيقي". وتابع أن "ما يشهده السودان من أحداث مؤسفة جراء الاشتباكات المسلحة لهو مدعاة للقلق البالغ، داعين إلى ضرورة الوقف الفوري للقتال واللجوء إلى منطق الحوار والعودة إلى المسار السياسي السلمي؛ بما يحفظ أمن السودان واستقراره ووحدة أراضيه، معربين عن الدعم لكافة المبادرات الإقليمية والدولية الجارية؛ بما يقود إلى حل سياسي يكفل إنهاء الأزمة، وتوفير الحماية المطلوبة للمدنيين، تسهيلا لوصول المساعدات الإنسانية، مؤكدين أهمية احترام سيادة السودان وسلامة أراضيه". وحول الأوضاع في اليمن قال ولي عهد الكويت، إن "دولة الكويت تجدد دعمها للجهود التي تقوم بها الأممالمتحدة عبر المبعوث الخاص للأمين العام لليمن، من أجل استئناف العملية السياسية والوصول إلى تسوية شاملة وفق المرجعيات الثلاثة المتفق عليها، صونا لأمن واستقرار اليمن ووحدة أراضيه كما نشيد بالجهود التي تبذلها كل من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية بهدف تحقيق حل شامل مستدام في اليمن.. معربين عن قلقنا إزاء تطورات الأحداث في منطقة البحر الأحمر، مؤكدين احترام حق الملاحة البحرية وفقا لأحكام القانون الدولي واتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار لعام 1982". وفي ما يتصل بالأوضاع في سوريا، قال ولي العهد إن "دولة الكويت تؤكد ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى حل سياسي وبملكية سورية خالصة، وبما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرار 2254، ويحقق تطلعات شعبها الشقيق إلى الأمن والاستقرار، وكذلك الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها". وفيما يتعلق بالشأن اللبناني، أكد أن "دولة الكويت تدين وبأشد العبارات الغارات الجوية والعمليات العسكرية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الجمهورية اللبنانية، والتي أودت بأرواح المئات من المدنيين الذين لا ذنب لهم من هذا التصعيد الخطير للعدوان الإسرائيلي الذي تتسع رقعته يوما بعد يوم، في انتهاك صارخ لكافة الأعراف والقوانين الدولية بما فيها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وهو الأمر الذي دائما ما كنا نحذر منه ومن عواقبه على دول الجوار والمنطقة. كما نعرب عن إدانتنا للانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال لإسرائيلي للسيادة اللبنانية ومحاولة جره للصراع القائم بالمنطقة، وتجاهله للإرادة والمناشدات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، داعين في الوقت ذاته إلى أهمية التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 1701". وشدد ولي عهد الكويت على أن دولة الكويت "تتابع بقلق بالغ التطورات الأخيرة في دولة ليبيا، داعين إلى تغليب الحكمة وصوت العقل، واللجوء إلى الحوار السياسي لحل الخلافات، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبما يحفظ أمنها واستقرارها وسيادتها، ويحقق تطلعات شعبها بالتنمية والازدهار.. وعلى الصعيد الإقليمي وترسيخا لقواعد حسن الجوار الواردة في ميثاق الأممالمتحدة، فإننا نجدد الدعوة للجمهورية الإسلامية الإيرانية لاتخاذ تدابير جادة لبناء الثقة للبدء في حوار مبني على احترام الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية". وتابع الشيخ صباح الخالد الصباح: "لقد عمدت دولة الكويت من خلال (رؤية الكويت 2035) المستندة في عدد من آلياتها على مواكبة ومتابعة كافة المؤشرات الاقتصادية والمالية الدولية، وما يرتبط بها من تطورات ومؤثرات بهدف إيجاد أواصر الربط والجذب والتنبؤ بالفرص المتاحة، لتحويل دولة الكويت إلى مركز مالي تجاري ثقافي متفاعل مع محيطه الإقليمي والدولي، وبصورة تكون معها السياسة الخارجية حاضرة في هذه العملية التنموية الموسعة وفق دبلوماسية مستندة على الرقمنة، لنقل العمل الدبلوماسي من الأطر التقليدية إلى صناعة تتفاعل على نحو متواصل مع المعطيات والواقع الدولي، وفق عمليات ترتكز على عنصر المبادرة النابع من إرث إغاثي وإنساني جبل عليه الآباء والأجداد". وقال إن "الحفاظ على فاعلية منظمة الأممالمتحدة وإنتاجيتها مسؤولية يقع على عاتق الدول الأعضاء والمجتمع الدولي في مواجهة كافة أشكال التحديات"، مشيرا إلى قمة المستقبل التي حاكت واقع حال عالمنا اليوم، وسلطت الضوء على تحديات جسيمة بحاجة إلى وقفة تأمل وإرادة جادة لإصلاح مؤسسات رئيسية، من أهمها مجلس الأمن والمؤسسات المالية العالمية. وأوضح ولي العهد الكويتي أن "التاريخ مليء بمحطات انطلاق مختلفة، ولا نريد أن تكون قمة المستقبل هذه محطة عالمية لا تستثمر بالشكل الأمثل؛ فقد ثابر الأمين العام للأمم المتحدة كي نقف ونتأمل في مسيرة عملنا المشترك في المجال المتعدد الأطراف كما حرص على أن يجمع قادة الدول الأعضاء لنؤكد أن المخاطر تحدق بنا جميعا، ولا يوجد من هو بمنأى عن تبعات هذه المخاطر، فلا طريق أمامنا إلا من خلال التعاون والتعاضد نحو الأهداف المشتركة". ◄ اقرأ أيضًا | جوتيريش: لا بديل للأونروا وهي مصدر الأمل الوحيد لسكان غزة الذين يعيشون في الجحيم وقال إن "الحديث عن تجديد التضامن الدولي لا يصلح إلا بتوافر إرادة سياسية دولية جادة للإصلاح، خاصة في مجلس الأمن، وتحديث آليات العمل الدولي بما يقود إلى المواكبة المطلوبة لمواجهة ودرء أي خطر يهدد أمن عالمنا واستقراره.. وللأسف نرى أن هذه الإرادة ما زالت مفقودة، حيث لمسنا عن قرب أن وجود تلك الإرادة السياسية يتطلب مناخا تسوده الثقة والمشاركة الفاعلة، وما ذلك إلا من منطلق إيماننا بأن مجلس الأمن هو المسؤول الأول عن حفظ الأمن والسلم الدوليين، ويجب أن يبنى العمل فيه على الديمقراطية في اتخاذ القرار، والتمثيل العادل للدول الأعضاء، فضلا عن أهمية أن يكون ذا تجاوب أكبر مع عالم اختلف كليا عما كان عليه في العام 1945، وصولا إلى مجلس أمن شامل.. شفاف.. كفء..فعال.. ديموقراطي.. خاضع للمساءلة". وأضاف ولي العهد الكويتي أن "وتيرة الابتكارات التكنولوجية والاستخدام الخاطئ للذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر خطاب الكراهية والتحريض والتجنيد الإرهابي وبث المعلومات الخاطئة والمضللة.. باتت تزعزع وتمس الأمن السيبراني، الأمر الذي يجب أن نعيره الاهتمام اللازم، فلقد راح ضحية هذا الاستخدام السلبي شباب في مقتبل أعمارهم، وكل ذلك يؤكد أن مكافحة هذه الآفات يتطلب تعاونا دوليا". وأشار إلى أنه "وفي سبيل تحقيق تطلعات شعوبنا وآمالها وتأمين مستقبل مشرق لها، فإنه من غير الموضوعي أن نتطلع إلى هذا المستقبل دون أن تكون هناك محاسبة ومساءلة لكل من تعدى على نصوص ميثاق الأممالمتحدة ومبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فلن تتحقق العدالة والمساواة في ظل معايير مزدوجة، ولن يكون هناك مستقبل مشرق إلا عند يقين الجميع وتمسكهم بقيم ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي". وقال ولي عهد الكويت: "نحتفي هذا العام بالذكرى الثالثة والأربعين لتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي أثبت خلال مسيرته المباركة عبر العقود الأربعة الماضية أنه ركيزة أساسية للاستقرار والازدهار في منطقتنا وفي هذا السياق، يطيب لي أن أعرب عن تقديرنا العميق لدولة قطر الشقيقة؛ لما تقوم به خلال رئاستها الحالية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية من جهود مخلصة تسهم في تعزيز مسيرة دول المجلس على الصعيدين: الثنائي والمتعدد الأطراف. واليوم، ودولة الكويت على أعتاب تولي رئاسة المجلس الأعلى لمجلس التعاون في ديسمبر المقبل، فإننا نجدد التأكيد على عزمنا الراسخ لمواصلة هذه المسيرة المباركة؛ وتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع المنظمات الإقليمية والدولية، وتحقيق الأهداف السامية التي نتطلع إليها جميعا، فقد كان مجلس التعاون وما يزال وسيظل بإذن الله تعالى - صوت الحكمة والاعتدال ومنارة للحوار البناء في محيط يعج بالتحديات والتحولات المتسارعة". وشدد على أن "دولة الكويت تتطلع إلى الفعاليات الإقليمية والدولية التي سوف تستضيفها دول مجلس التعاون مجددين التهنئة في هذا السياق للأشقاء في المملكة العربية السعودية بمناسبة فوزها باستضافة معرض إكسبو 2030، وبطولة كأس العالم لكرة القدم 2034، مؤكدين تسخير كافة إمكانيات دولة الكويت للمساهمة مع الأشقاء في المملكة لإنجاحهما. وأنه وإيمانا من دولة الكويت بمبدأ حسن الجوار، فقد حرصت ومنذ قرابة عقدين من الزمن على مساعدة جمهورية العراق الشقيق للنهوض بنفسه من خلال العمل الوثيق المتواصل الهادف لإعادته إلى وضعه ومكانته الإقليمية والدولية، بما يحقق آمال شعبه الشقيق وتطلعاته، حيث تدعو دولة الكويت جمهورية العراق إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة حاسمة عاجلة لمعالجة كافة الملفات العالقة بين البلدين، وفي مقدمتها ترسيم الحدود البحرية لما بعد النقطة (162)، وفقا للقوانين والمواثيق الدولية.. والانتهاء من ملف الأسرى والمفقودين والممتلكات الكويتية، بما في ذلك الأرشيف الوطني، في نطاق المتابعة الأممية ومجلس الأمن تحديدا". وتابع ولي العهد الكويتي: "كما نحث الأشقاء في جمهورية العراق على الالتزام بالاتفاقيات الثنائية ذات الصلة بالجانب الأمني والفني للممر الملاحي في خور عبد الله، وهي الاتفاقيات التي من شأنها تعزيز مفهوم الحفاظ على البيئة، وتنظيم الملاحة ومحاربة الإرهاب والتجارة غير المشروعة للسلاح والمخدرات والبشر مؤكدين أهمية الحوار واستمراره، تأسيسا لعلاقات واعدة ومستقبل مشرق مبني على التفاهم والاحترام المتبادل بين البلدين الشقيقين"، مؤكدا تمسك دولة الكويت بالنظام الدولي المتعدد الأطراف ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة وأهدافها، وبما يكفل تطوير الحوكمة الدولية وتعزيزها؛ لضمان تحقيق رسالتها السامية في حفظ السلم والأمن الدوليين وخدمة البشرية جمعاء، معربا - في هذا الصدد - عن تطلع دولة الكويت للتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في سبيل تحقيق طموحات كافة الشعوب وآمالها في العيش بعالم مزدهر يسوده الأمن والأمان.