الاختراق السيبرانى الإسرائيلى الذى استهدف منظومة الاتصال لحزب الله، وأدى لتفجيرات أجهزة «البيجر» التى راح ضحيتها 37 قتيلا حتى الآن، وأكثر من 3250 مصابا، كان ضربة مؤلمة، عسكريا ومعنويا لحزب الله، قد تترتب عليها نتائج كارثية.. فالهجوم هو العملية الأكثر دموية ضد حزب الله منذ إنشائه عام 1982، ويمثل انتهاكًا كبيرًا للبروتوكولات الأمنية للحزب. الهجوم مهم لسببين بالنسبة لإسرائيل، الأول يتعلق بإمكانية إثارة حرب أوسع بين حزب الله وإسرائيل. فقد حاولت إيران وحزب الله تجنب مثل هذا الصراع بأى ثمن فى الأشهر الأحد عشر الماضية، ويرجع ذلك جزئيًا للتهديدات الأمريكية بالتورط فى حالة نشوب حريق إقليمى أوسع نطاقًا. فى الوقت نفسه يزيد الهجوم من الضغوط على حزب الله للرد، نظرا لتأثيره على معنويات الحزب ووقوع إصابات فى صفوف أفراد عائلات قياداته. والسبب الثانى هو أن العدد الهائل من الضحايا الذين تكبدهم حزب الله خلال الصراع مع إسرائيل، يثير تساؤلات حول القدرات العملياتية للحزب فى المرحلة المقبلة. المؤكد أن حكومة الاحتلال تلقت مساعدة من حلفاء غربيين فى هذه العملية، فقد سبق أن ساعدت المخابرات الأمريكية إسرائيل فى هجمات سابقة ضد حزب الله. من بينها اغتيال عماد مغنية فى دمشق عام 2008 وكالعادة، نفت واشنطن علمها بالعملية الأخيرة. السؤال الأهم الآن هل أصبح الاشتباك الأكبر بين حزب الله وإسرائيل وشيكاً بعد تفجيرات البيجر وبعد الغارة الجوية التى شنتها إسرائيل على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت الجمعة؟ فرغم قيام حزب الله، بإطلاق أكثر من 150 صاروخًا من لبنان تجاه مستوطنات الشمال فإن الحزب حتى الآن مقيد برغبته فى تجنب حدوث انفجار كبير. فالحرب الشاملة ستسهل وصول ترامب للبيت الأبيض (حيث سيلقى العديد من الناخبين اللوم على الديمقراطيين لأنهم سمحوا بحدوث حرب كبيرة فى الشرق الأوسط) ومع ذلك فإن الحزب أصبح فى موقف يفرض عليه ضغوطاً لتصعيد الأمور، وهذا بدوره قد يعطى جيش الاحتلال ذريعة لتصعيد عملياته جنوبلبنان خاصة أن إسرائيل لم تنجح فى تحقيق أهدافها الأساسية فى غزة، وفى حاجة لأن تحقق إنجازًا على الجبهة الشمالية مع حزب الله.