التزام مصر نحو القضية الفلسطينية ثابت وواضح لا تشوبه شائبة، ولا يمكن المزايدة عليه أو التغطية على تضحياتها، ولا يملك أى مراقب قريب الصلة بمجريات الأحداث وتفاصيل الملف، سوى أن يقدم التحية للموقف المصري، الأمين والقوى والمساند للحقوق الفلسطينية مهما كانت الكلفة والأعباء، ووسط منطقة شديدة الالتهاب وعلى وشك الانقسام، وتتوالى عليها العديد من الأحداث والأطراف التى تقذف بكرة النار فى كل مكان بالمنطقة، ويبدو من ظاهر الأمور أن الكرات تسقط هنا وهناك بصورة عشوائية، ولكن القراءة المتعمقة للأمور توضح بما لا يدع مجالا للشك أن هناك من يرمى بتلك الكرات فى التوقيت والمكان المقصود بكل دقة لخدمة أهداف محددة، وهكذا كانت المعركة الدبلوماسية المركبة التى تخوضها مصر جنوبا وشرقا وغربا وشمالا، وهكذا ندرك ونتفهم حجم الجاهزية المطلوب لمواجهة كل احتمالات تطور الأوضاع، وكذلك التركيز على وحدة وتضامن الشعب المصرى مع قيادته السياسية فى نضالها الخارجى والداخلى من أجل تحقيق معيشة أفضل للمواطنين، وتأمين كل احتياجاتهم وإتاحتها لهم، فضلا عن الحفاظ على الأراضى المصرية وكافة مجالات مصر الحيوية. وعلى تلك الخلفية التى لابد منها، توقفت للحظات أمام فقرة تضمنها بيان مدريد المشترك، الذى اختتم أعماله قبل أيام، تقول: بعد مرور ثلاثة وثلاثين عامًا على مؤتمر السلام الذى عقد فى هذه المدينة، لم تتمكن الأطراف والمجتمع الدولى من تحقيق هدفنا المشترك، والذى لا يزال قائماً، وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية........»، نعم مرت 33 عاما على مؤتمر مدريد.. وأيضا 31 عاما على توقيع اتفاق أوسلو و22 عاما على طرح المبادرة العربية للسلام، مرت كل تلك العقود ومازالت سلطة الاحتلال تفعل كل ما تريد من جرائم ضد الإنسانية، حتى وصلنا للدرجة القصوى من الجرائم العلنية ضد الإنسانية، ولم نر سوى مبادرة أمريكية منزوعة الشرف، انتهت بقرار لمجلس الأمن، مرت عليه الأسابيع ولا أقول الشهور، دون أن يدخل حيز التنفيذ. لا يخفى على أحد أنه لاشيء يتم بدون رضاء المؤسسة الأمريكية، ولا يمكن أن تستمر إسرائيل فى مجازرها، بدون الحصول على الضوء الأخضر الأمريكى مهما نددت بجرائمها فى العلن، وهو ما جعلها تقوم بتوسيع العدوان ليشمل الضفة الغربية والعمل على طمس هويته الجغرافية والديموجرافية كما فعلت فى غزة، ويتضاعف عدد الشهداء والجرحى والجوعى، والعالم المتقدم بزعامة أمريكا يكتفى بإبداء قلقه وأسفه، أقول ذلك برغم أننى لست من الذين يبالغون فى توزيع الاتهامات أو من كارهى الغرب، فليس من الطبيعى أن تحدث كل تلك الكوارث الإنسانية، ويغمض العين عنها كل العالم الحر، وفى مقدمته مؤسسات الضمير الإنسانى، وخاصة الدينية، وهو ما يجعل الجميع شريكا فيها. لم يضع الوقت على المؤسسة الأمريكية أن تستفيق وأن تتخلص ممن ورطوها فى جرائم غزة، وفى الصمت أيضا على الوجود غير الشرعى للاحتلال الإسرائيلى فى ممر فيلادلفيا، دون تقدير لعواقب ذلك الغباء السياسى، لأن أمريكا شريك استراتيجى من أجل استقرار كل المنطقة وليس إسرائيل فقط، ولو استمر صمتها وطال احتضانها لمجرم حرب يلعب بالنار فى كل المنطقة، فسوف تكون العواقب وخيمة على الجميع، ولا أعتقد أن الداخل الأمريكى سيكون بعيداً عنها، والقاعدة لم ولن تتغير، فمن يلعب بالنار فسوف يأتى يوم وتحرقه وتبيده، كما أن التغيرات فى الداخل الأمريكى والأوروبى فى أوساط الأجيال الجديدة تؤكد أن غضبها الساطع آتٍ، ولا بديل عن دخول إسرائيل الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، بما يضمن امتثال القوة القائمة ب«الاحتلال» لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، ووقف عدوانها ضد الشعب، حان وقت استعادة الفصل السابع من اللصوص الذين لفقوه لمن لا يستحق، وغضوا النظر عمن يستحق! ودائما ودوما وأبدا.. تحيا مصر ◄ بوكس الاتحاد قوة فى كل شىء!!