ثلاثة أعوام انقضت فى مفاوضات مكثفة كان بطلها «مكتب الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة»لمواجهة الإرهاب الدولى فى تكنولوجيا المعلومات والجرائم السيبرانية.أثمرت تلك الجهود عن»اتفاقية دولية»يوثق نصها نهاية العام الجاري(2024)من قبل»الجمعية العامة للأمم المتحدة». تقف هذه»الاتفاقية»أمام تصاعد الخطر السيبرانى الذى أفضى إلى خسائر ضخمة وكوارث اقتصادية مهولة كلفت الترليونات بسبب الاختراقات الإلكترونية وتجميد الأنشطة الحيوية وتزايد ضحايا الاستغلال والسرقة والنهب والقرصنة. إنه موقف دولى مشهود يبعث على الأمن والأمان خاصة للدول النامية. تفتح تلك»الاتفاقية»سبل التعاون القضائى وتبادل الأدلة الإلكترونية، وتقديم كافة أوجه الدعم الفنى لبناء أسس المواجهة وتنظيم آليات المتابعة والتنفيذ. كلنا نتذكر ذلك اليوم(الجمعة 19 يوليو 2024)عندما كسى اللون الأزرق(رمزالصفاء والنقاء والسماء)شاشات الحواسيب التى تحولت إلى»موات»أدخلت العالم بأسره فى نفق مظلم أدى إلى شلل تام فى العديد من المجالات (النقل-البورصات-البنوك-المستشفيات-المطارات...إلخ). لقد انبرت هذه»الشركة»عن كاهلها وانخرطت فى عملية «تبييض الوجه» وأبدت عميق أسفها عن خطأها(بل خطيئتها)فى تلك النكبة التقنية الأسوأ فى العالم مؤكدة أن ما حدث ليس على الإطلاق» هجوما سيبرانيا» ولكنه بالأحرى» فني».إن الانهيار التكنولوجى والخسائرالناجمة لاتوجب فقط مجرد الاعتذار(وكفى المؤمنين القتال)ولو حتى على مستوى العالم، وكأنها تغسل يدها من المسئولية..بالطبع لا!!. والسؤال الذى يدق الرؤوس،هل هناك من«القوانين» ما يدفع ساحات القضاء والعدالة للعمل برؤية واضحة جلية وتطمئن لإصدار الأحكام المنصفة برد الحق للمستحق ورفع الضر عنه؟. الإجابة ليست عصية، فإن غياب»الكود الأخلاقي»وبالتالي» الإطار القانوني»فى مجال الأمن السيبرانى يجعل من تلك النزاعات أمام المحاكم نوعا من»قبض الريح».إن عوادى الزمن و»اتفاقية الأممالمتحدة» المشار إليها ترفع من مستوى التفاؤل. وبما أن»القنافد»ليس فيها أملس، فإن مواجهة تلك الشركات العملاقة التى تستحوذ على المعرفة التكنولوجية وترسم خرائط النفوذ لن تتأتى إلا بالاستقلال الرقمى وترسيخ السيادة التقنية.