أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ضرورة الوقف الفورى للحرب الدامية فى قطاع غزة والتى تسببت فى كارثة إنسانية، فضلاً عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، وتنفيذ حل الدولتين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، بوصفه مسار تحقيق السلام والأمن المستدامين بالمنطقة.. جاء ذلك خلال استقبال الرئيس السيسى، بقصر الاتحادية بالقاهرة، رئيس ألمانيا الاتحادية «فرانك فالتر شتاينماير»، الذى يقوم بزيارة رسمية لمصر برفقة وفد موسع من رؤساء كبرى الشركات الألمانية، حيث أُجريت مراسم الاستقبال الرسمى وتم عزف السلامين الوطنيين.. وذكر السفير أحمد فهمى المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية أن الرئيسين عقدا جلسة مباحثات مغلقة أعقبتها جلسة موسعة بحضور الوفدين الرسميين، حيث أعرب الرئيس السيسى عن ترحيبه بزيارة الرئيس «شتاينماير» الأولى لمصر كرئيس لألمانيا، والأولى لرئيس ألمانى منذ 25 عاماً، مؤكداً تقدير الشعب المصرى للصداقة الوثيقة مع الشعب الألمانى، وما حققته ألمانيا من تقدم صناعى وتكنولوجى، تتطلع مصر لتعظيم الاستفادة منه، من خلال المشروعات المشتركة بين الجانبين، والدور المهم الذى تضطلع به الشركات الألمانية فى نقل التكنولوجيا وبناء القدرات للكوادر المصرية.. وأعرب الرئيس الألمانى عن اعتزاز بلاده بمصر قيادة وشعباً، مشدداً على حرص بلاده على مواصلة تعزيز علاقاتها مع مصر فى مختلف المجالات، بما فيها العمل التنموى والاستثمارى، وفى قطاعات الطاقة والهجرة ومكافحة الإرهاب، فضلاً عن الدفع بالتعاون العلمى والثقافى الممتد بين البلدين، ومعرباً فى هذا الصدد عن سعادته بافتتاح الجامعة الألمانية الدولية بالعاصمة الإدارية الجديدة، وكذا حرصه على اصطحاب وفد من رؤساء كبرى الشركات الألمانية خلال زيارته الجارية لمصر، وتفقده لعدد من مواقع العمل والإنتاج التى تنخرط فيها شركات ألمانية، تعمل جنباً إلى جنب مع شركات وعمال مصريين يتسمون بالمهارة والكفاءة.. وأضاف المتحدث الرسمى أن اللقاء شهد التباحث حول مُختلف الموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المُشترك، وعلى رأسها تطورات الحرب على قطاع غزة. وفى مؤتمر صحفى مشترك للرئيسين: السيسى: زيارة الرئيس الألمانى للقاهرة إضافة كبيرة للعلاقات ملف مياه النيل أولوية لنا ونحاول التوصل لاتفاق قانونى ملزم بشأن سد النهضة شتاينماير: معاناة سكان غزة لا يمكن وصفها والوضع الإنسانى كارثى أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن زيارة الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير إلى مصر تمثل إضافة كبيرة ومهمة لمسار العلاقات المصرية الألمانية وانعكاسا لتاريخ ممتد من علاقات الصداقة والتعاون المشترك بين الدولتين والشعبين الصديقين. جاء ذلك خلال كلمة الرئيس السيسى فى المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير بقصر الاتحادية بحضور وفدى البلدين. وقال السيسى: «فخامة الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير الرئيس الاتحادى لجمهورية ألمانيا الفيدرالية، اسمح لى أن أرحب بك ضيفا عزيزا مرتين، المرة الأولى كأول رئيس ألمانى لزيارة مصر، والمرة الثانية أنه لم يزرنا رئيس لألمانيا على مدى 25 عاما، وأرحب بك فى أول زيارة لمصر وكرئيس لجمهورية ألمانيا والوفد المرافق لكم». وأضاف الرئيس السيسى أن مصر تقدر الشراكة وحريصة عليها وعلى تعزيز التعاون مع ألمانيا، احتراما لدولة ألمانيا وللشخصية الألمانية التى يتم تقديرها والاعتزاز بها، كما نعتز بأن ألمانيا أحد أهم وأكبر الشركاء لنا فى مصر. وأشار الرئيس السيسى إلى أن معظم المشروعات فى مصر خلال السنوات الماضية كانت بمشاركة لشركات ألمانية مقدرة فى مشروعات كبيرة مثل مشروعات الطاقة والنقل، وكان إسهام الشركات كبيرا ورائعا ومقدرا من الجانب المصرى.. مشيراً إلى أن تلك المشروعات القومية كان لها تأثير كبير على البنية الأساسية فى مصر.. معربا عن شكره وترحيبه بهذه الشركات التى تعمل فى المشروعات القومية بمصر. وقال الرئيس السيسى إنه بحث مع الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير عدة قضايا سواء على المستوى الثنائى أو الإقليمى.. مؤكدا أهمية تطوير علاقات التعاون بين البلدين وتشكيل آلية للتعاون الاستراتيجى بين الجانبين تحت إشراف وزيرى الخارجية. وأشار السيسى إلى أن المباحثات تطرقت إلى ملفات التعليم وبناء القدرات بين البلدين وهو أمر تقدره مصر.. قائلا: إننا على استعداد للتحرك مع الشركاء الألمان للتعاون بأكبر حجم ممكن من الجامعات والمدارس لأننا بحاجة إلى ذلك فى مصر». وأضاف الرئيس السيسى: «إننا نرحب بالشركات الألمانية للاستثمار والتعاون فى مصر، وأؤكد لهم أن استثماراتهم مؤمنة ومحمية بشكل كبير وهو التزام أكدته خلال المباحثات الثنائية مع الرئيس الألمانى وأسجله أمامكم الآن.. أننا نلتزم بحماية الاستثمارات بصفة عامة والالمانية والمستحقات للشركات الألمانية». وتابع السيسى: «من المهم أن يعلم الناس أن مصر تعرضت على مدى أربع سنوات إلى أزمات ضخمة ليست لها دخل بها ابتداء من أزمة كورونا إلى الأزمة الروسية الأوكرانية وأزمة قطاع غزة». ودعا الرئيس السيسى إلى ضرورة أن تبذل أوروبا جهداً كبيراً خلال هذه المرحلة لتشجيع الأطراف المعنية أو الضغط عليها للوصول إلى اتفاق يحقق الاستقرار ويخفف من معاناة الفلسطينيين فى قطاع غزة. وقال السيسى «إننا اتفقنا على أهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإيجاد آلية لزيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وكذلك إطلاق سراح الرهائن.. مؤكدا أن مصر تسعى بجدية لدور إيجابى مع الفلسطينيين خصوصاً مع حماس، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدةالأمريكية، لكن من المهم أيضاً أن تلعب أوروبا دوراً حيوياً فى دفع الجهود الإضافية لتحقيق هذا الهدف. وأضاف الرئيس السيسى: «إن أكثر من 40 ألف شخص سقطوا جراء هذا الصراع ثلثاهما من النساء والأطفال فضلا عن وجود أكثر من 100 ألف مصاب، وعلاوة على ما سبق تم استخدام الجوع كسلاح داخل القطاع ضد الفلسطينيين، مما أثر بشكل كبير جدا على مصداقية وفكرة القيم الخاصة بحقوق الإنسان التى تحدثنا عنها لسنوات طويلة». ووصف السيسى ما يحدث فى قطاع غزة بأنه «انتهاك صارخ لحقوق الإنسان» وأنه يجرى على مرأى ومسمع من الجميع ولم يستطيعوا فعل أى شىء. وأشار الرئيس السيسى إلى أنه بحث مع الرئيس الألمانى عددا من الموضوعات من بينها ضرورة إعادة الاستقرار إلى المنطقة خاصة فى السودان وليبيا وبقية الدول التى تشهد صراعا.. مؤكدا أن حالة الاضطراب الموجودة بالإقليم يجب أن تنتهى وتتراجع وأيضا يجب أن لا تنزلق المنطقة إلى اضطراب أكثر من ذلك، حتى لا يتسع الصراع أكثر من ذلك فى الضفة الغربية وجنوب لبنان واليمن وغيرها. وحول ملف مياه النيل.. أكد الرئيس السيسى على أهمية وأولوية ملف مياه النيل.. قائلا: «إن ملف مياه النيل وتحديدا سد النهضة مهم جدا ونضعه فى أولوياتنا».. وأضاف الرئيس السيسى أنه ناقش مع شتاينماير ملف مياه النيل وتحديدا سد النهضة والتفاوض مع أثيوبيا فيما يخص الوصول إلى اتفاق قانونى ملزم بشأن ملء وتشغيل السد. وأشار السيسى إلى أن مصر تحاول منذ أكثر من عشر سنوات الوصول إلى اتفاق طبقا للمعايير والقوانين الدولية للمياه أو الأنهار العابرة للحدود.. قائلا: إن مصر ليس لديها مصادر أخرى للمياه غير نهر النيل الذى يتحرك منذ آلاف السنين بلا عوائق. وقال الرئيس السيسى: «إننا على حدودنا الثلاثة سواء فى الاتجاه الجنوبى مع السودان أو الغربى مع ليبيا أو حتى فى الوقت الراهن مع إسرائيل وقطاع غزة، غير مستقر وله تداعيات كبيرة جداً». وأشار السيسى إلى أن تأثير هذه الأوضاع كان واضحاً خلال السنوات العشر إلى الاثنتى عشرة الماضية، حيث وصل عدد الضيوف الذين نزحوا إلى مصر نتيجة الأزمات فى بلادهم مثل اليمن وليبيا وسوريا والسودان وجنوب السودان إلى أكثر من 9 ملايين شخص.. مضيفا «أن مصر لم تصف هؤلاء بالنازحين أو اللاجئين، وهم لا يعيشون فى معسكرات بل تم دمجهم فى المجتمع المصرى». ومن جانبه وصف الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير، العلاقات التى تربط بلاده مع مصر بأنها تاريخية تقوم على الثقة المتبادلة والتنوع، معربا عن خالص شكره للرئيس عبدالفتاح السيسى على الدور الذى تقوم به مصر من أجل إنهاء التوترات والعنف فى الشرق الأوسط. وقال شتاينماير: «أعبر عن خالص شكرى للرئيس السيسى على دعوته لى لزيارة مصر، لا سيما وأن آخر زيارة قام بها رئيس اتحادى ألمانى إلى مصر كانت منذ ما يقرب من 25 عاما». وأضاف الرئيس الالمانى: «إن «مدة 25 عامًا» بمعايير الحضارة المصرية العريقة برهة زمنية قصيرة، إنما بآفاق السياسة الخارجية التى يحدث فيها أشياء كثيرة فإن تلك المدة تبدو كأنها دهر مضى». وقال فرانك شتاينماير، إن مباحثاته مع الرئيس السيسى تناولت تبادل وجهات النظر حول فرص تعزيز أواصر التعاون بين البلدين فى مجالات التعليم والعلوم والسياسية الخارجية، مشيرا إلى أن التعليم الألمانى يتمتع بمكانة عالية جدا. وأعرب شتاينماير عن سعادته بأن التعاون بين مصر وألمانيا فى مجال التعليم جيد جدا، حيث يوجد فى مصر 7 مدارس ألمانية معتمدة بالخارج و29 مدرسة مشتركة أخرى يتم بها تدريس اللغة الألمانية، كما توجد جامعتان «ألمانية - مصرية». وأضاف الرئيس الألمانى: «ما جعلنى أشعر بالفخر أن المؤسسات التعليمية الألمانية تتمتع بسمعة ممتازة لاسيما المدرسة الألمانية سان شارل بورومى بالقاهرة والإسكندرية وكذلك المدرسة الألمانية الإنجيلية الثانوية بالقاهرة، حيث زرت المدرسة الألمانية سان شارل بورومى، وتمكنت من مشاهدة مستوى التعليم العالى، والذى كان له أثر طيب على نفسى وأعجبت بالثقة بالنفس والانفتاح والرغبة فى المعرفة وحب الحوار الذى استطعت أن أراه بين الطلبة». كما أعرب الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير، عن سعادته بزيادة أعداد المصريين الراغبين فى تعلم اللغة الألمانية، حيث تضاعف العدد فى السنوات الخمس الماضية ليصل إلى حوالى 420 ألفا، مشيدا بدعم الرئيس السيسى لمشروع بناء 100 مدرسة ألمانية مصرية، حيث توجد الآن 7 مدارس وسيتم إنشاء 93 مدرسة أخرى. وحول العلاقات الاقتصادية بين البلدين.. أشار الرئيس الألمانى، إلى وجود نحو 250 شركة ألمانية تعمل فى القاهرة بشكل متميز، معربا عن أمله فى تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين. وأشار الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير، إلى وجود اتفاق لتوقيع اتفاقية تتعلق بتشغيل السكك الحديدية وتدريب سائقى القطارات، وهو ما يعد نموذجا رائعا فى مجال العمالة الفنية بين البلدين، فضلا عن الرغبة فى تقوية التعاون فى مهن أخرى. وأضاف الرئيس الالمانى: أن الوضع الراهن فى الجوار المباشر لمصر فى الشرق الأوسط من القضايا الهامة، فالحرب فى غزة قد طالت، ويتعين أن يكون هناك نهاية للمعاناة والموت، ونهاية لهذه الحرب أيضا، وأن يكون هناك توافق، وأن الطريق إلى هناك هو طريق صعب، ولكن يمكن أن الوصول إليه بما يسمى ب «خطة بايدن» ووقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين. ووصف الوضع الإنسانى فى غزة بأنه «كارثى»، وقال: نحن متفقون بأنه يتعين تغيير هذا الوضع.