حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو»، بما فى ذلك الأحزاب التي أدين قادتها سابقًا بالعنصرية ضد العرب، أثرت بشكل كبير على الاستقرار الإقليمى. ومنذ السابع من أكتوبر 2023، شهدت المنطقة تصعيدًا دراماتيكيًا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ودخلت فى دورة جديدة من النزاع المتصاعد، مع تطور الحرب فى قطاع غزة إلى تصعيد متزايد فى لبنان والضفة الغربية، كان هناك تحول واضح نحو السياسات العسكرية العدوانية والخطاب التوسعى. وقد أدى هذا الموقف المتشدد، وخاصة فى سياق الصراع فى غزة والتوترات مع حزب الله، إلى تكثيف الأعمال العدائية الإقليمية، وجعل الوضع أكثر تعقيدًا وخلق تحديات جديدة لإسرائيل على الأصعدة المختلفة. ◄ حكومة نتنياهو تواجه ضغوطًا شديدة لإنهاء الحرب ◄ تل أبيب تتلقى مساعدات أمريكية تكميلية لقد دعت حكومة الاحتلال لتوسيع العمليات العسكرية مما أدى إلى تفاقم الصراع فى غزة وسقوط ضحايا من الفلسطينيين. وقد أدى التركيز على التصعيد العسكرى إلى تصاعد التوترات مع حزب الله، الذى رد بإجراءاته الخاصة، مما زاد من إجهاد استقرار منطقة الشرق الأوسط، وتأجيج انعدام الأمن الإقليمى، وأثار مخاوف دولية واسعة. وبعد مرور ما يقرب من 11 شهرًا على الحرب فى غزة، يعانى الاقتصاد الإسرائيلى، فى حين يواصل قادة البلاد العمل على شن هجوم على غزة لا يظهر أى علامات على الانتهاء ويهدد بالتصعيد إلى صراع أوسع نطاقًا، وفقًا لوكالة «أسوشيتد برس». ■ وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش ◄ ضغوط شديدة تواجه حكومة نتنياهو ضغوطًا شديدة من قبل الإسرائيليين، الذى يتوقع نتائج سريعة وحاسمة. تتزايد الضغوط الشعبية عندما تتدهور الأوضاع الإنسانية فى غزة، مما يؤدى إلى انتقادات متزايدة للحكومة بشأن تعاملها مع الوضع. إضافة إلى ذلك، فإن التصعيد مع لبنان وارتفاع عدد الهجمات من الضفة الغربية يزيد من حالة الاستقطاب السياسى فى إسرائيل، ويعزز من معارضة الحكومة. وحاول نتنياهو تهدئة المخاوف بالقول إن الضرر الاقتصادى مؤقت فقط. لكن الحرب الإسرائيلية الأكثر دموية وتدميرًا على الإطلاق ألحقت الضرر بآلاف الشركات الصغيرة وأضعفت الثقة الدولية فى اقتصاد كان يُعتقد ذات يوم أنه دينامو ريادة الأعمال. يقول بعض كبار خبراء الاقتصاد إن وقف إطلاق النار هو أفضل طريقة لوقف الضرر، وفقًا لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية. تثير البيانات من الأسابيع القليلة الماضية مخاوف جدية بشأن مستقبل الاقتصاد الإسرائيلى. «إن الاقتصاد فى الوقت الحالى يعيش حالة من عدم اليقين الشديد، وهو مرتبط بالوضع الأمنى، إلى متى ستستمر الحرب، وما مدى شدتها، وما إذا كان هناك تصعيد آخر»، هذا ما قالته رئيسة البنك المركزى الإسرائيلى السابقة «كارنيت فلوج». لقد تعافى الاقتصاد الإسرائيلى من الصدمات السابقة، ولكن هذا الصراع الأطول أمداً خلق ضغوطاً أكبر، بما فى ذلك تكلفة إعادة البناء، والإنفاق العسكرى الضخم. وشهدت الموانئ الإسرائيلية انخفاضًا بنسبة 16% فى الشحن فى النصف الأول من العام، مقارنة بنفس الفترة فى عام 2023. وفى ديسمبر الماضى، وفقًا لوكالة «بلومبرج» الأمريكية، كان هناك تقرير عن ارتفاع الإنفاق الدفاعى للكيان الصهيونى بمقدار 8 مليارات دولار مع احتدام الحرب. يبدو أن جهود وقف إطلاق النار متعثرة بسبب التعنت الإسرائيلى، كما هددت إيران وحزب الله بالانتقام من الاغتيالات الأخيرة لكبار قادتها، مما أثار خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقًا. دفعت هذه المخاوف شركات الطيران الكبرى، بما فى ذلك دلتا ويونايتد ولوفتهانزا، إلى تعليق الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل. إن التكلفة الإجمالية للحرب قد تصل إلى 120 مليار دولار، أو 20% من الناتج المحلى الإجمالى للبلاد، وهو مقياس واسع للنشاط الاقتصادى. ومن بين جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 38 فى منظمة «التعاون الاقتصادى والتنمية» ومقرها باريس، شهد اقتصاد إسرائيل أكبر تباطؤ من أبريل إلى يونيو، حسبما أفادت المنظمة. وكان من المتوقع أن ينمو الناتج المحلى الإجمالى الإسرائيلى بنسبة 3% عام 2024. ويتوقع بنك إسرائيل الآن معدل نمو بنسبة 1٫5%، وهذا إذا انتهت الحرب هذا العام. فيما خفضت فيتش تصنيف إسرائيل من A-plus إلى A فى وقت سابق من الشهر الماضى، بعد تخفيضات مماثلة من قبل ستاندرد آند بورز وموديز. ويمكن أن يؤدى خفض التصنيف إلى زيادة تكاليف اقتراض الحكومة. ■ تضاعف الدين القومي لحكومة الاحتلال منذ بدء الحرب ◄ عجز الدولة وفى إشارة أخرى مقلقة، قال وزير المالية الإسرائيلى «بتسلئيل سموتريتش» هذا الشهر إن عجز الدولة خلال الأشهر الاثنى عشر الماضية ارتفع إلى أكثر من 8% من الناتج المحلى الإجمالى، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة العجز إلى الناتج المحلى الإجمالى التى توقعتها الوزارة لعام 2024 التى بلغت 6٫6%. وفى تصريحات سموتريتش السابقة، يقدر تكاليف الحرب بنحو 246 مليون دولار يوميًا. وفى عام 2023، بلغ عجز ميزانية إسرائيل نحو 4% من الناتج المحلى الإجمالى. وقد أدى خفض التصنيف والعجز إلى زيادة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء الحرب وخفض العجز، وهو الأمر الذى يتطلب اتخاذ قرارات غير شعبية مثل زيادة الضرائب أو خفض الإنفاق. ولكن نتنياهو يحتاج إلى إبقاء ائتلافه طافيا، ويريد وزير ماليته المتشدد أن تستمر الحرب. وانتقدت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، فى تقريرها أداء وزير المالية الإسرائيلى وانشغال الحكومة بأمور أخرى بما فى ذلك الصراعات الداخلية فى الائتلاف الحاكم و«الاستفزازات المتواصلة والمشاجرات» التى يقوم بها وزير الأمن القومى، «إيتمار بن غفير»، بدلًا من التعامل مع المشاكل الحقيقية التى تواجهها البلاد. وفى الوقت نفسه، أغلق العديد من الشركات الصغيرة أبوابها لأن أصحابها وموظفيها استدعوا للخدمة العسكرية الاحتياطية. وتشير شركة معلومات الأعمال الإسرائيلية كوفاس بى دى آى إلى أن نحو 46 ألف شركة أغلقت أبوابها منذ بداية الحرب، 75% منها شركات صغيرة. ■ فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع غارة إسرائيلية في رفح ◄ علاقات الحلفاء وعلى الصعيد الدولى، تؤثر التصعيدات الأخيرة على العلاقات الدولية لإسرائيل. أفادت مجلة «فورين بوليسى» ومجلة «ناشيونال إنتريست» الأمريكية أن الصراعات مع غزة وحزب الله يمكن أن تؤدى إلى توتر العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين وتعقيد الجهود الدبلوماسية. تواجه الولاياتالمتحدة، الحليف القوى لإسرائيل، تحديات فى موازنة الدعم لإسرائيل مع معالجة المخاوف الإنسانية والاستقرار الإقليمى. تلقت إسرائيل مساعدات تكميلية بقيمة 14.5 مليار دولار بالإضافة إلى مساعدات أمريكية سنوية بقيمة 3 مليارات دولار. ويواجه الكيان الصهيونى انتقادات متزايدة بسبب الهجمات على غزة والآثار الإنسانية الناجمة عنها. هذه الانتقادات قد تؤثر على دعم الحلفاء التقليديين لإسرائيل، بما فى ذلك الولاياتالمتحدة وأوروبا. التصعيد مع لبنان يضيف بُعدًا إضافيًا للأزمة، مما يعقد الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل. إن التصعيد المستمر منذ 7 أكتوبر فى غزة، والتوترات مع لبنان، والاضطرابات فى الضفة الغربية تضع إسرائيل فى موقف صعب على الصعيدين السياسى والاقتصادى، ويواجه نتنياهو تحديات متزايدة من الداخل والخارج.