محمد إسماعيل انطلاقة قوية شهدتها أغاني المهرجانات منذ سنوات، وكانت تلك النوعية من الأغنيات لا تزال جديدة على السوق الغنائي، فأنجذب البعض لها، بينما شهدت رفض تام من البعض الآخر، لإعتراضهم على الكلمات وأصوات المؤدين، أمثال حسن شاكوش وحمو بيكا، إلا إنها استمرت لسنوات، وتكفلت شركات الإنتاج بها لضمان إستمرارها، خاصة أنه عمل مضمون النجاح وقتها، واستعانت بهم العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية.. لكن تغير الحال تماما منذ نهاية العام الماضي، حيث تراجعت نجاحات وشعبية تلك الأغنيات، حتى على منصات التواصل الاجتماعي، والدليل على ذلك إن أغنيات مثل "بنت الجيران" لحسن شاكوش وعمر كمال و"بسكوتاية مقرمشة" لحسن شاكوش وحمادة مجدي، والمهرجان الأشهر "إخواتي"، حققت نجاحا كبيرا ومشاهدات تخطى بعضها النصف مليار، بينما لا تحقق الأغنيات الجديدة المنسوبة لنفس الفصيل الغنائي نصف هذه المشاهدات، فأغنية مثل "عليا الطلاق كله بيكدب" لكزبرة وأبوعبير و"جاي اتعارك" لفارس سكر، لم تتخطى ال25 مليون مشاهدة، بخلاف أغنيات المهرجانات في الأعمال الدرامية والسينمائية، التي قد تكون حصدت أرقاما أكبر لأسباب تسويقية. "أخبار النجوم" قامت باستطلاع أراء المهتمين بالموسيقى في مصر من نقاد وملحنين عن رأيهم في هذا التراجع؟، وهل هو بداية انهيار ظاهرة "المهرجانات" عن الساحة؟ أم إنه أمر طبيعي وقد نشهد تجدد في محتوى هذا اللون الغنائي والعودة مرة أخرى بقوة. في البداية يقول الملحن صلاح الشرنوبي، إن "المهرجانات" فرضت نفسها منذ سنوات على الساحة الغنائية، ولم تكن البداية بأغنية "بنت الجيران" لحسن شاكوش وعمر كمال والتي حققت انتشارا كبيرا مع قطاع من الشباب في مصر والوطن العربي، حيث حققت وقتها أكثر من 700 مليون مشاهدة، لكن البداية مع أغنيات فيلمي رمضان "الألماني" و"عبده موته"، وحققت تلك الأغنيات نجاحا وانتشارا، لأنها كانت جديدة، وغير معتادة، فأنجذب لها الجمهور وأعتادوا عليها، وكسب صناعها شهرة واسعة وسريعة، "لكنى منذ بدايتها أرفضها تماما، لأنني لست مقتنع بأن ما يقدم ليس غناء أو فن من الأساس". ويضيف الشرنوبي: "منذ أواخر العام الماضي تراجعت تلك الأغنيات، لذلك لجأ نجوم المهرجانات إلى الترويج لأعمالهم عن طريق الإعلانات المدفوعة لضمان انتشارها، لكنها لم تحقق أيضا لهم الأرقام المرجوة، فلا الزمان هو الزمان والذوق العام يهوى التغيير بإستمرار، وأعتقد إن (المهرجانات) ظهرت على حقيقتها، وتأكد الكثر إن ما يقدم ليس فن، لكنه مجرد شيء جديد حصل على وقته وبدأ في التراجع، وأتمنى أن يختفي تماما، لأن الجمهور مل، وبدأ يبحث عن جديد يقدم، فأصوات نجوم المهرجانات لن تدوم طويلا، والدليل إن أغنية (حنيلي) لحسن شاكوش، ورغم حملة الدعاية الكبيرة المصاحبة، حققت 17 مليون مشاهدة فقط منذ طرحها، وحققت أغنية (اليوم يومك) لعمر كمال مليون و700 ألف مشاهدة رغم طرحها منذ عام، ولعمر كمال أغنية أخرى هي (خلينا سهرانين) حققت مليون و800 ألف مشاهدة في أكثر من عام.. أليس هذا مؤشر على التراجع". ويشير الشرنوبي إن "المهرجانات" مجرد مشروع استثماري لا علاقة له بالفن، وأحد أسباب انتشاره في البداية شركات الإنتاج الكبرى، التي كانت تتولى يوما ما إنتاج ألبومات وأغنيات نجوم كبار، لكنها لجأت إلى تمويل "المهرجانات" تحت شعار "اللعب في المضمون"، لتصبح "المهرجانات" الدجاجة التي تبيض ذهب للمنتجين، حيث حققت عائدات كبيرة من المنصات الإلكترونية مثل "ساوند كلاود" و"أنغامي" و"سبوتي فاي" و"يوتيوب" و"فيس بوك"، لكن المنتجين أدركوا الآن أنهم يراهنوا على الحصان الخاسر، فتوقف الدعم، لذلك اتجه بعض من نجوم المهرجانات للإنتاج لأنفسهم.. ويستكمل الشرنوبي حديثه قائلا: "في الفترة الأخيرة هناك شركات إنتاج لأعمال درامية وسينمائية دعمت أغنيات المهرجانات لأنها تخدم مصلحتها، مثل أغنية (القاضية) لإسلام شيندي في فيلم (ولاد رزق 3) التي حققت 7 مليون ونصف المليون مشاهدة على (يوتيوب)، وفي رمضان الماضي أيضا حققت أغنية (قنبلة الجيل) لحسن شاكوش من مسلسل (العتاولة) مشاهدات مرتفعة، لذلك أدعو تلك الشركات أن تتوقف عن دعم تلك الأغنيات حتى تختفي إلى الأبد، وليست شركات الإنتاج فقط، لكن أيضا النقابات الفنية خاصة نقابة المهن الموسيقية والتي تصدت كثيرا لأغنيات المهرجانات منذ بدايتها، وكان لها مواقف مضادة كثيرة، ولابد أن نعى أن الوقت حاليا الأنسب للتكاتف ضد (المهرجانات) للقضاء عليها تماما". "تغير الأذواق" الناقد الموسيقي أمجد مصطفى يقول إن أغنيات المهرجانات قد شهدت تراجع كبير في الفترة الماضية، وهذا أمر طبيعي وليس هناك لون أو شكل غنائي يستطيع استكمال مسيرته بنفس القوة التي بدأ بها طوال الوقت، والدليل إن جيل عبد الحليم حافظ ومن قبله محمد عبد الوهاب وأم كلثوم تراجع في وقت من الأوقات ليظهر جيل الوسط، من محمد منير ومحمد الحلو وهاني شاكر وعلي الحجار، وبعد سنوات تراجع هذا الجيل ليظهر جيل آخر هو عمرو دياب ومحمد فؤاد، وأيضا وسط تلك الأجيال كانت تظهر ألوان غنائية تحقق طفرات مثل أحمد عدوية وحسن الأسمر في الغناء الشعبي، لكن مع "المهرجانات" الوضع مختلف، ويضيف أمجد: "أنا لا اضع مطربي المهرجانات في مقارنة مع الأجيال التي ذكرتها، لأنه ليس هناك مقارنة من الأساس، لكني اتحدث عن رصد لتاريخ الموسيقى في مصر، وفي حالة أغنيات المهرجانات فمن الممكن أن يشهد هذا التراجع اختفاء تام، لأن الذوق الغنائي اختلف و(المهرجانات) جذبت الجمهور في البداية، خاصة الشباب، لكنها أغنيات عمرها قصير، وتختلف عن الأغنيات والأجيال التي ذكرتها من قبل، لأنها أغنيات جيدة الصنع، وإذا تراجعت فأن لها تاريخ طويل وعشاق، لذلك لن تنتهي، ومطربو (المهرجانات) أصابوا الجمهور بالملل لأنهم لا يقدموا الجديد، فظهرت أعمالهم على حقيقتها". وينصح أمجد مطربي المهرجانات بالقول: "يجب أن يدركوا أنهم يتراجعون مع مرور الوقت، لذلك عليهم بالتجديد، وأعتقد أن بعضهم حاول إضافة ال(راب) مثلا إلى (المهرجانات)، لكن كانت النتائج غير مرضية، لأن (الراب) يعتمد على الإلقاء وكأن الشخص يتحدث، ولا يعتمد على الأغنيات". وينوه أمجد أيضا إلى ظاهرة أخرى في نجاح المهرجانات: "الأرقام التي تحققها أغنيات المهرجانات على (يوتيوب) بها الكثير من التلاعب، وليست حقيقية، ومطربي المهرجانات يحاولوا من خلال حيل تسويقية وتكنولوجية أن يوهموا الجمهور بأن فنهم مستمر، وأن لهم جمهور، ويستشهدوا في سبيل ذلك بأرقام مواقع التواصل الاجتماعي، لكن تلك الحيل لن تفيدهم مستقبلا.. وتواجدهم الوحيد حاليا من خلال الأعمال الدرامية والسينمائية، والتي تراجعت أيضا، ونادرا ما تشارك أغنية من (المهرجانات) في تلك الأعمال، بعدما كانت العامل الأساسي في أغلب الأعمال منذ سنوات، لأن شركات الإنتاج ادركت أن أيام (المهرجانات) معدودة". ويدعم الناقد الموسيقي أمجد جمال الآراء السابقة قائلا: "(المهرجانات) بالفعل تراجعت مؤخرا، وهذا أمر طبيعي، بل وقد تختفي لفترة ثم تعاود الظهور مرة أخرى، نظرا إنها أصبحت مملة ولا تقدم جديد، وذوق الجمهور تغير، وما كان يقدمه مطربي المهرجانات منذ سنوات أصبح بلا جدوى حاليا، لذلك عليهم مراجعة أنفسهم، ومحاولة إضافة شيء جديد يتناسب مع أغنياتهم، وإلا فإن مصيرهم سيكون الاختفاء للأبد". اقرأ أيضا: بعد حبسة.. عصام صاصا يطرح ثاني أغانيه «سامع كلاب بتنبح» |فيديو