د.كريمة: «الحما عمى.. فولكلور غير صحيح» علاقة الحماة بزوجة الابن من أكثر العلاقات تعقيدًا وحساسية فى المجتمع، حيث تتأرجح بين الحب والمودة وبين التحديات والخلافات. فى كثير من الأحيان، تنشأ مشكلات بسيطة بين الحماة وزوجة الابن، وتتحول إلى نزاعات قد تؤثر على استقرار الأسرة. وفى بعض الحالات، قد تصل الأمور إلى حد القطيعة. لكن فى نهاية المطاف، تدرك الأطراف أن الحفاظ على الروابط الأسرية أهم من أى خلافات مؤقتة. ومؤخرًا، انتشرت قصة عن شجار بين حماة وزوجة ابنها أثارت اهتمام الكثيرين. ورغم التوترات التى حدثت، إلا أن القصة انتهت بتصالحهما، مما يؤكد على أهمية التسامح وفهم طبيعة هذه العلاقة المعقدة. فى التحقيق التالى، نتناول تحليلا للظاهرة ترويها بعض القصص الواقعية التى تؤكد أن «الحما مش قنبلة ذرية»، بل قد تكون مصدرًا للدعم والتفاهم إذا ما أُديرت العلاقة معها بحكمة وود. ومن خلال استعراض تلك القصص، سنتعرف على كيف يمكن للعائلات تجاوز التحديات وتحويل الخلافات إلى فرص لتعزيز الروابط الأسرية. تروى ليلى محمد - 35 عاما - أنها فى بداية زواجها منذ 10 سنوات، كانت علاقتها بحماتها ليست كما كانت تأمل، فقد كانت هناك لحظات من التوتر والاحتكاك بينهما، خاصة عندما يتعلق الأمر بزوجها. فكانت الحماة شديدة التعلق بابنها الوحيد، وهذا التعلق كان يولد لدى ليلى شعورًا بالغيرة وعدم الارتياح. وكانت ليلى تشعر بأن حماتها تتدخل فى تفاصيل حياتها الزوجية بشكل مفرط، وتحاول فرض آرائها حول كل شىء، بدءًا من طريقة إعداد الطعام إلى كيفية تزيين المنزل. ومع مرور الوقت، زادت حدة هذه المشاعر، وبدأت ليلى تتجنب اللقاءات الطويلة مع حماتها، مما زاد من الفجوة بينهما. لكن الزوج كان على دراية بمشاعر زوجته ووالدته، وبدأ يشرح لزوجته أن والدته ليست متسلطة بقدر ما هى خائفة من فقدان ابنها وشعرت بأن دورها فى حياته بدأ يتضاءل بعد الزواج. حينها قررت ليلى أن تأخذ بنصيحة زوجها وأن تغير من طريقتها فى التعامل مع حماتها، وظلت تحاول الاقتراب منها، تسألها عن رأيها فى الأمور الصغيرة، وتستشيرها فى بعض القرارات. كما حاولت أن تكون أكثر تفهمًا لمشاعرها وحساسيتها تجاه ابنها، وبمرور الوقت، بدأت العلاقة بينهما تتحسن تدريجيا، وبعد سنوات من تلك البدايات الصعبة، أصبحت ليلى وحماتها أصدقاء حقيقيين. تقضيان الوقت معًا، تتشاركان النصائح، ويعملان معًا لتوفير بيئة محبة ومستقرة للعائلة. اما عن الإعلامية «دعاء فاروق» التى تعرضت لفقد والدة زوجها منذ عدة أشهر والتى قالت فى حقها ما يقال عنه أبيات من الشعر عن علاقتهما فقد قالت «حينما جاء عماد ليخطبنى وجاءت والدته معه كان أول تعليق من امى : حماتك ست طيبة قوى يا دعاء ... عاشت حماتى التى تكبرنى بستة عشر عاما فقط .. تحبنى لسبب بسيط وعميق فأنا حبيبة حبيب قلبها ابنها البكرى وصديقها المقرب الانتيم والاقرب لتوأمها الروحى .. فارق السن بينهما جعلها أقرب لأخت كبيرة ولكنها لم تكن أخت ولم تكن تلك الأم الصغيرة فى السن بالشكل المتعارف عليه فلم تعش يوما فى دور الصغيرة أبدا فهى دوما كبيرة العيلة حتى وإن كانت أصغرهم سنا»، لم أشعر لوهله بخوف من تلك السيدة الحماه المستقبلية التى تقترب من سنى فتلك الحنية المفرطة جعلتنى منذ اللحظة الأولى أشعر بأمومتها تجاهى ، لا يسع الوقت لذكر صفات حماتى الطيبة وعن طيبتها وحنيتها . وتعلق الدكتورة عائشة حسن، المستشارة السلوكية والتربوية، على الأمر قائلة إن التربية غير السليمة غالبًا ما تكون السبب الرئيسى فى خراب العلاقة بين الحماة وزوجة الابن. فى بعض الأحيان، تتعامل الأم مع ابنها على أنه ملكية خاصة، خاصة إذا كانت Single mother مثل الأرملة أو المطلقة، حيث ترى فى ابنها تعويضًا عن دور الزوج المفقود. فتغمره بالاهتمام الشديد والدلال، وتصبح طلباته مجابة بلا حدود. عندما يتزوج الابن ويحب شريكة حياته، وهى سنة الحياة، تبدأ الأم فى الشعور بأن زوجة ابنها قد أخذت مكانها، وهنا تبدأ المشكلة. ولهذا السبب، توجه د. عائشة دائمًا نصائحها للأمهات فى التربية. فالأم يجب أن تدرك أن ابنها ليس ملكية خاصة ولا بديلًا عن زوجها، وأن عليها إشغال نفسها بأمور أخرى مثل العمل أو الثقافة أو الأصدقاء أو الرياضة أو الهوايات. إذا تم ذلك، ستتقبل الأم فكرة زواج ابنها، وبالتالى ستحل نصف المشكلة. وتؤكد المستشارة السلوكية والتربوية على أهمية اختيار زوجة الابن، حيث يجب أن تكون بنفس المستوى الاجتماعى والأخلاقى والثقافى، فإذا كانت تربية الفتاة صحيحة دينيًا وأخلاقيًا، وكانت ترى علاقة سوية ومحبة بين الابن وأمه، فلن تحدث مشكلة ولن تكون العلاقة مبنية على الغيرة أو المحاولات المستميتة للسيطرة على الابن. وتنصح الفتاة بأن تعامل حماتها كما تحب أن تُعامل عندما تصل هى نفسها إلى دور الحما، إذ إن المرأة التى تنجب وتزوج أبناءها، تستحق التوقير والاحترام، كما يُدين المرء يُدان، وإذا كانت الفتاة مُنشأة على قيم دينية وأخلاقية سليمة، فإنها ستتعامل مع حماتها بالكثير من الأخلاق كما تعامل أمها، وستدرك المكانة الكبيرة للأم كما ورد فى القرآن الكريم فى قوله تعالى: «ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا» وقوله «وبَرًّا بوالدتى ولم يجعلنى جبارًا شقيًّا»، وأيضًا فى قوله «فلا تقل لهما أُفٍّ ولا تنهرهما». ومن هنا، لن تُحث الفتاة زوجها على إغضاب الله من خلال إساءته لأمه، بل على العكس، ستساعده فى بر والدته كما ترغب هى فى بر والدتها. وتشدد الدكتورة عائشة أيضًا على أهمية معرفة قواعد الدين والأخلاق فى التعامل وترك المسافة وعدم التدخل فيما لا يخصنا، وهذا من الجانبين. وفى النهاية، توضح الدكتورة عائشة أن البر بالأم لا يعنى السماح لها بمعاملة زوجة الابن بإساءة، ولكن يتطلب توجيهها ومنعها بطريقة سليمة. ويبرز هنا دور الزوج كطرف من أطراف العلاقة الثلاثية (الحماة - زوجة الابن - الابن)، حيث يجب عليه استخدام الذكاء الاجتماعى لإيجاد التوازن المناسب عند منح الحقوق وأداء واجباته نحو والدته وزوجته بحكمة وكياسة. أما عن الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، فقد قال إن ما يقال على «الحماة» ما هو إلا «فلكلور شعبى» مبالغ فيه وساعد على هذا العرض المسىء أعمال فنية مثل الأفلام والمسلسلات والمسرحيات على خلاف الواقع وهذه امراض من الناحية الدينية مرفوضة لأن الله سبحانه وتعالى قال فى كتابه العزيز «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم «، وقال سبحانه وتعالى «ولا تنابزوا بالألقاب» وقال جل شأنه «اجتنبوا كثيراً من الظن»، فى المقابل عندما ننظر فى سير الصالحين والمصلحين على مر التاريخ لا نجد هذه الصورة السلبية لأم الزوج، كم من حماة كانت سبباً فى إسعاد الأسرة وتقدم زوج ابنتها وكانت عاملا للحنان والعطف، أرجوا أن هذه الصورة المسيئة يتم معالجتها حتى لا تستقر فى الوجدان الشعبى.