شغَلت أوليمبياد باريس اِهتمامَ العالَمِ قرابةَ الشهر، منافساتٌ قويةٌ، آداءٌ مُبهرٌ، دولٌ لم نكنْ لنعرفْها لولا حصولُها على ميدالياتٍ. الرياضةُ فى الأوليمبياد ليست جريًا ورمحًا وفهلوةّ وتسليةً ولكنها علمٌ وإدارةٌ وتخطيطٌ ومجهودٌ وكَدٌ وميزانياتٌ. لو راجعنا نتائجَ الدولِ لخلُصنا بوضوحٍ لما يلي: النجاحُ فى الأوليمبياد يبدأُ باختيارِ الإدارى المناسبِ الذى بدورِه سينتقى المدربَ واللاعبَ. الإدارى الأمينُ يعترفُ بفشلِه ولا يرُددُ شعارَ تعالوا اِلعبوا بدلًا منا وكأنه ناصِحٌ فَطِنٌ وجلَبَ التائهة. اللاعبُ الأمين هو من يُخلِصُ فى التدريبِ ويُخطِرُ مدربَه بأيةِ مشكلاتٍ تواجهُه سواء كانت صحيةً أو نفسيةً، ولا يفاجئُه أثناء المنافساتِ بإصاباتٍ وحَملٍ. لابدَ من الإعدادِ النفسى والثقافى للاعبين، من اللازمِ التوعيةُ بثقافةِ الشعوبِ التى سيلقاها اللاعبون سواء فى القريةِ الأوليمبية أو أثناءَ المنافساتِ أو عندَ الخروجِ للشارعِ. ممارساتُ «إزيك يا جميل» و «صباح الفل يا قمر» وسلوكياتُ التنمرِ التى يتقبلُها شارعُنا لا مكانَ لها فى الخارج. العبرةُ ليست بعددِ أفرادِ البعثةِ ولكن بمدى المَقدرةِ على الحصولِ على ميدالياتٍ أو مراكز ٍمتقدمةٍ. التمثيلُ المُشرِفُ ينحصرُ فقط فى الميدالياتِ والمراكزِ المتقدمةِ، أما المراكزُ الاخيرةُ فهى التمثيلُ المُخزي. إرادةُ الفوزِ والثقةِ بالنفسِ والطموحُ، أيًا كانَ المنافِسُ، أساسُ التنافساتِ الرياضيةِ. الأوليمبياد ليست مالًا بلا صاحبٍ وسفرياتٍ للحبايبِ. النجاحُ فى رياضات لا يُنسى ولا يَمحو الإخفاقَ فى رياضاتٍ أخرى كثيرةٍ. هناك علاقةٌ طرديةٌ بين عددِ السكانِ وعددِ الميدالياتِ، لو كانت المنظومةُ سليمةٌ. التجنيسُ ليس عيبًا أو شماعةً للإخفاقِ فهو مشروعٌ لاِنتقاءِ الموهوبين والإنفاقِ عليهم ورعايتِهم، شأنُه شأنُ الطلابِ الذين يدرسون بالخارجِ ويغتربون عن الأهلِ ويقيمون حيث تُوفَرُ لهم الاِمكاناتُ كلُها والتقديرُ. الكلامُ الكبيرُ و التَمحُكُ فى التصنيفاتِ مآلُهم للاِنكشافِ وما أسرَعِه؛ المياه تُكَذِبُ الغطاسَ دائمًا فى الرياضةِ وغيرِها. هل سَمَعتم عن دولةِ سانت لوسيا Saint Lucia؟ هى جزيرةٌ تعدادُها يبلغُ 200،000 نسمة ومساحتُها 620 كيلومترًا مربعًا وتقعُ شرقَ البحر ِالكاريبى وعاصمتُها كاستريس Castries؛ وهى موطنُ إثنين من الحاصلين على جائزة نوبل فى الاقتصاد والأدب ومؤخرًا فى أوليمبياد باريس حصلَت على ميداليةٍ من ذهب وأخرى من فِضة. مبروك للأبطال أحمد الجندى وسارة سمير ومحمد السيد، وشكرًا جبرتم خواطر الملايين وحفظتم كبرياءَ دولةٍ تستأهِلُ الكثيرَ. أستاذ هندسة الحاسبات بهندسة عين شمس.
