◄ نجوى فؤاد تلقت عرضا للرقص مقابل 30 ألف دولار وسامية جمال نسيت الباسبور قبل نحو 62 عامًا، سافرت بعثة مصرية من إذاعة «صوت العرب» إلى أوروبا لتقديم حفلات للطلاب العرب في عدة عواصم بالقارة العجوز، وضمت البعثة مجموعة من ألمع النجوم، مثل عبدالحليم حافظ ومحمود شكوكو وسامية جمال ونجوى فؤاد، وحدث الكثير من المفارقات، التى رصدتها مراسلة «آخرساعة» من «بون»، الكاتبة الصحفية الراحلة ابتسام الهواري، فى تقرير نعيد نشره بتصرف محدود في السطور التالية: عادت بعثة "صوت العرب" من أوروبا بعد أن قدمت أربع حفلات ناجحة للطلبة العرب.. واحدة فى برن عاصمة سويسرا، والثانية فى فيينا عاصمة النمسا، والثالثة فى ميونيخ، والرابعة فى بون عاصمة ألمانيا الاتحادية، ونفدت تذاكر جميع هذه الحفلات التى أقامتها بعثة "صوت العرب". وفى ميونيخ ازدحم مسرح المدينة، الذى يسع لنحو 1200 متفرج، واضطر أكثر من 300 طالب عربي أن يقفوا أمام الأبواب بلا تذاكر. وخرج عبدالحليم حافظ يقترح إقامة حفلة أخرى فى اليوم التالى حتى يتمكن بقية الطلبة العرب من حضور حفلات بعثة "صوت العرب". وقال لى أحمد سعيد (الإذاعى الشهير)، إن البعثة لن تستطيع إقامة حفلة أخرى للطلبة بسبب عدم وجود مسارح خالية لتقديم الحفلات عليها. وكان عبدالحليم قد وصل من القاهرة إلى ميونيخ وبصحبته سامية جمال قبل موعد الحفلة بساعتين، وكان المرض باديًا عليه، وقام أحد الأطباء بالكشف عليه، ونصحه بالاعتذار عن عدم المشاركة فى الحفلة. ولمّا أصر حليم قام الطبيب بحقنه بثلاث حقن قبل أن يظهر على المسرح وتأخر بدء الحفلة ساعة كاملة حتى يطمئن أعضاء بعثة "صوت العرب" على صحة عبدالحليم حافظ، ولأن إذاعة القاهرة كانت مشغولة بتسجيل دخول الزعيم أحمد بن بيلا إلى مدينة الجزائر، فقد اضطر أحمد سعيد لتأجيل موعد رفع الستار حتى تفرغ إذاعة القاهرة من نقل برنامجها من الجزائر، وبعدها انتقل الميكروفون لينقل إذاعة القاهرة من ألمانيا. ◄ برافو.. هافظ وفى الحفلة التي أقيمت في ميونيخ كان البروفسور شيللر أستاذ الأمراض الباطنية يجلس إلى جوارى، ولمّا سمع عبدالحليم حافظ يغنى بالأحضان سألنى: هل هى أغنية حب؟! وبادرت أقول له إنها أغنية حب شاب لبلده يتغنى بجماله ويحن إليه، وأخذت أشرح له كلمات الأغنية، وأخذ العالم الألمانى يقول لى: "رائع.. رائع.. برافو هافظ". ◄ على الواحدة وعندما ظهرت نجوى فؤاد على المسرح، صفق الطلبة العرب على الواحدة، وشاركهم الألمان فى التصفيق، خاصة عندما تمزقت بدلة نجوى فؤاد، والغريب أن بدلة سامية جمال تمزقت هى أيضًا بعد أن ظهرت على المسرح وأخذت ترقص. واستطاع شكوكو أن يتعلّم فى أول أسبوع عدة كلمات باللغة الألمانية، وكتب شكوكو هذه الكلمات فى ورقة ثم استخدمها فى إعداد منولوج طريف خلط فيه هذه الكلمات الألمانية بكلمات المنولوج باللغة العربية، وصفقت الجماهير لشكوكو طويلًا وهو يلقى منولوجه الفريد على موسيقى "لا تكذبى"، وكان شكوكو يتراقص بطريقته على المسرح وهو يقول: "جود ناخت.. جود ناخت.. أى مساء الخير.. مساء الخير.. وبيتياشين أى متشكر للغاية". وتصور أحد الألمان أن شكوكو يتكلم اللغة الألمانية، فذهب إليه وأخذ يصافحه بشدة وهو يقول له: "أنت تتكلم اللغة الألمانية جيدًا"، وطبعًا لم يفهمه شكوكو وأخذ يصافح الرجل وهو يقول له بالكلمات الألمانية الوحيدة التى تعلمها: "جود ناخت.. جود ناخت"، أى مساء الخير! وفي الطائرة التى كانت تقل بعثة "صوت العرب" إلى ألمانيا، سألت المضيفة الحسناء شكوكو باللغة الإنجليزية عما إذا كان سينزل مع ركاب الترانزيت أم أنه سيواصل رحلته.. ولم يفهم شكوكو وبادر ليقول لها: "آن كافيه"، أى هاتى لى فنجان قهوة، وأدركت المضيفة أن شكوكو لا يتكلم الإنجليزية. وفي فيينا سلّطت كاميرا التلفزيون كل أضوائها على نجوى فؤاد أثناء رقصاتها بالصاجات، وعلى أراجوز شكوكو وهو يلقى منولوجاته. ◄ حليم مطرب وعازف! وفي حفلة "صوت العرب" التى أقيمت فى ميونيخ، رأيت عبدالحليم حافظ وهو يغنى على طريقة فرانك سيناترا، وكان يجلس على البيانو ليعزف المقدمة الموسيقية لأغنية "لا تكذبى"، ثم يقوم سريعًا ليغنى مقاطعها أمام الميكروفون. وسألت عن السبب، وعرفت أن بعثة "صوت العرب" لم تصطحب معها أحد العازفين على البيانو، وتطوع عبدالحليم لسد الفراغ، فكان يعزف على البيانو ثم يقوم بسرعة ليكمل الأغنية، ثم يعود إلى البيانو وهكذا. والوحيد الذى اشتهر بهذه الطريقة فى الغناء هو فرانك سيناترا. ◄ اقرأ أيضًا | فيديوجراف| من شكوكو لعماد زيادة.. سيارات النجوم «رحلة من الجدل» ◄ الأسرة البيضاء وكانت ترافق الفنانين فى بعثة "صوت العرب" بعثة أخرى إذاعية تضم أحمد فراج وسامية صادق ونوال النحاس وأميمة عبدالعزيز وسعد زغلول وإبراهيم مصباح، وسجلت نوال النحاس حلقات مع الشباب الآسيوى والإفريقى لإذاعتها فى البرامج الموجهة، وسجلت أميمة حلقات مع أبنائنا في الخارج استمعت فيها لمشاكل الطلبة المصريين فى ألمانياوالنمساوسويسرا. أما سامية صادق فقد كانت تنتقل بين الأسرة البيضاء لتسجل حلقات لبرنامجها فى مستشفيات ألمانيا مع أبنائنا العرب، وسجل أحمد فراج حلقات للمائدة المستديرة حول انطباعات الطلبة العرب عن التطور الذى حدث فى جمهوريتنا أثناء غيابهم. ومع انتهاء حفلات "صوت العرب" فى أوروبا طار عبدالحليم حافظ إلى لندن لاستشارة أطبائه، وطار وراءه أحمد فؤاد حسن ليعرض نفسه على أحد الجراحين البريطانيين. وقال أحمد فؤاد وهو فى طريقه إلى الطائرة إنه يزمع إجراء العملية الجراحية رقم 17 فى عظم حنجرته. ولا يعرف الكثيرون أن الموسيقار الكبير قد عاش حياته إلى الآن وهو يعانى من ثقب فى عظم حنجرته، وهو يجرى عمليات جراحية فيها منذ كان عمره 9 سنوات. ◄ جوازات السفر ضاعت وكانت نجوى فؤاد تزمع مرافقة أحمد فؤاد إلى لندن لاستشارة أحد الأطباء الأخصائيين لإجراء عملية جراحية لها فى الكلى، واضطرت لأن تعود وحدها إلى القاهرة والسبب برقية تلقتها من "كازينو بيروت" يوافق فيها على شروطها لبداية عملها فى الكازينو ابتداء من يوم 15 أغسطس. وسافرت صباح أيضا إلى لندن، وقالت إنها ستذهب إليها لاستشارة أطبائها والعلاج، ورافقها فى رحلتها زوجها المذيع أحمد فراج، الذى قال لى إن عنده مهمة إذاعية فى لندن وأنه قد يتأخر عدة أسابيع ثم يطير مع زوجته إلى بيروت ومنها إلى القاهرة. وفي مطار فرانكفورت ضاع جوازا سفر نجوى فؤاد وسامية جمال، وكانت نجوى قد أعطت سامية جواز سفرها وطلبت منها الاحتفاظ به فى حقيبتها، وفى مطار فرانكفورت جلست الاثنتان تنتظران الطائرة المسافرة إلى ميونيخ، ولما نودى على ركاب الطائرة تركت سامية حقيبة يدها وبها جوازات السفر على مقعد بجوارها ثم أسرعت مع نجوى إلى الطائرة، وأقلعت الطائرة وفجأة تذكرت سامية جمال أنها تركت حقيبة يدها فى المطار، وكانت مناحة في قلب الطائرة. وفي مطار فرانكفورت أنقذ قنصلنا العربى الموقف، وأعد لكل منهما تذكرة مرور مؤقتة تسمح لهما بالعودة على أول طائرة إلى القاهرة وفى نفس الوقت أبرق إلى مطار فرانكفورت يسأل عن حقيبة سامية جمال، وجاء الجواب يقول: إن خادمة دورة المياه عثرت عليها، وأنه سيتم إرسالها على أول طائرة. ◄ نجوى تطلب النجدة وفي ألمانيا طلبت نجوى فؤاد بوليس النجدة لمساعدتها على اللحاق بالطائرة المسافرة إلى القاهرة، وكانت نجوى فى مدينة دوسلدورف عندما تم حجز تذكرة العودة على الطائرة المسافرة إلى القاهرة فى مطار مدينة فرانكفورت. واستقلت نجوى إحدى السيارات فى طريقها إلى فرانكفورت، ولكن فجأة وقبل أن تصل السيارة إلى فرانكفورت بمسافة 60 كيلومترًا تعطلت السيارة ولم يكن متبقيًا على موعد قيام الطائرة المسافرة إلى القاهرة أكثر من ساعتين. وأسرع أحدهم يساعد نجوى فؤاد، فطلب لها بوليس النجدة الألمانى وحملها فى إحدى سياراته إلى مطار فرانكفورت. ووصلت نجوى إلى المطار فى آخر دقيقة وكانت محركات الطائرة تدور وقام البوليس بتعطيل الطائرة حتى أمكن لنجوى اللحاق بها. بقى شىء واحد.. عرض مدير فندق هيلتون على نجوى فؤاد وكان قد شاهدها فى حفلة "صوت العرب" فى برن، عقدًا للرقص لمدة شهر كامل مقابل 30 ألف دولار، أى بمعدل ألف دولار كل يوم. ووافق أن تصطحب معها ثلاثة موسيقيين وأن إقامتها ستكون فى الفندق وجميع نفقاتها بالمجان.. واعتذرت نجوى بسبب ارتباطها السابق بالرقص فى لبنان، لكنها وعدت بأن تقبل عرضه فى شهر أكتوبر. («آخرساعة» 15 أغسطس 1962)