جراجات تحولت إلى مقاه ومحلات وورش ومخازن..وتسبب زحام المرور خبراء: تغيير النشاط يضيع على الدولة مئات الملايين من الجنيهات « ايه اللى رماك على المر..الأمر منه «..قياسا على هذا المثل الشعبى الشهير يمكننا القول « ايه اللى خلاك تقف صف تانى وتالت فى الشارع.. يبقى اكيد علشان مفيش جراج « !..» ليبقى السؤال أين ذهبت الجراجات وتركت المواطن وسيارته فريسة سهلة المضغ للسياس؟! الاجابة على التساؤل وجدناها بعد جولة فى 3 مناطق بالقاهرة الكبرى، استغرقت ساعتين كاملتين، اكتفينا خلالها أن تحولت معظم الجراجات إلى مشاريع استثمارية لاصحاب وملاك العقارات لقيامهم بتأجيرها كمخازن أو ورش او محلات او مقاهٍ بحثا عن الربح والثراء السريع دون ادنى مراعاة لحق المواطن فى ركن سيارته والحفاظ على حق الدولة بتحقيق السيولة المرورية. بدأت الجولة من حى الدقى، حيث اصطفت السيارات كصف أول وثان خاصة فى شارع التحرير، بينما الدور الأرضى فى معظم العقارات المطلة على الشارع إما مطعم أو محل أو مقهى، ما أدى الى زحام مرورى شديد وقت الظهيرة. المشهد نفسه تكرر مرة أخرى فى الحى « المهندسين « حيث يكفيك أن تمشى على قدميك لتشاهد مأساة حقيقية، بعد أن تحول شارعا البطل احمد عبد العزيز وجامعة الدول العربية الى جراج كبير « هايد بارك «. بالسكتة القلبية أصيب الشارعان بسبب الزحام المرورى، نتيجة هو ركن المواطنين سياراتهم فى الشارعين بعد ان عجزوا عن ايجاد جراج يحتوى سياراتهم لتكون فى مأمن من المخالفات المروية، ولكن ما باليد حيلة، فاخوك مجبر للركن مخالفا لحين انتهاء مصلحته والعودة الى من حيث اتى. وفى شارع البحر الاعظم «اكبر شوارع الجيزة» المطل على النيل، شاهدنا مجموعة من العقارات تحت التأسيس واخرى تحت التشطيب، لنفاجئ ان اصحاب العمارات الجديدة لم يقوموا ببناء جراجات من الاساس فى عقاراتهم، وقاموا بتحويل الدور الارضى لشقق سكنية لطرحها للبيع، باعلى الاسعار ولا عزاء للمواطن الذى يبحث عن ركنة. المواطن اشتكى محمود إبراهيم أحد سكان منطقة الدقى أبدى انزعاجه الشديد من اصحاب العقارات قائلا «هما سبب المشكلة لانهم طماعون وراغبون فى المزيد من الربح» مطالبا بسرعة التحرك من جانب أجهزة الدولة لاغلاق هذه المحلات والورش والمقاهى والعمل على عودتها الى اصلها كجراجات مرة اخرى بما يحقق السيولة المرورية المنشودة. فيما تساءل رشدى السيد والذى يقطن حى المهندسين عن الرقابة قائلا: فين مهندسى الاحياء من هذه المأساة ؟ ! مضيفا: الجراجات بعد تحولها الى اغراض تجارية اصبحت تمثل خطرا لانها تعتبر قنابل موقوتة بسبب ما تحتويه من الات ومعدات بها غاز لاعداد الطعام داخل البعض من هذه المحلات فيما طالب هانى محمد من سكان شارع البحر الاعظم بضرورة تشميع تلك المحلات والورش وامتثال اصحابها واصحاب العقارات امام القضاء لانهم اضروا بالمواطن وبحق الدولة مطالبا بتوقيع اقصى عقوبة عليهم. أرقام صادمة ! 236 مدينة و185 مركزا و90 حيا يتبع الإدارة المحلية فى مصر..بهذه الأرقام بدأ د. الحسين حسان خبير التنمية المحلية ورئيس اتحاد مؤسسات أفريقيا للعشوائيات حديثه عن أزمة الجراحات فى الأحياء ليقول إن مصر بها نوعين من المدن الأول تابع للإدارة المحلية ويجسد الجزء الأكبر من أغلب المشكلات التى يعانى منها سكان هذه المناطق نظرا للكثافة السكانية بها ولكثرة عدد المدن ما يمثل ضغطا كبيرا عليها من حيث الخدمات، فهى تعد الشريحة الأكبر خاصة وأنها تشمل المحافظات الكبرى (القاهرة- الجيزة- الأسكندرية - القليوبية). النوع الثانى من المدن فى مصر يصل عدده إلى 52 مدينة تابعة لهيئة المجتمعات العمرانية، نادرا ما تجد به أى تجاوزات أو مشكلات يعانى منها السكان، بسبب الرقابة الدائمة عليه، فالأزمة الحقيقية تكمن جذورها فى الإدارة المحلية بسبب العجز الموجود بها فى الإدارات الهندسية المنوطة بالإشراف على الأبراج والوحدات السكنية والمخالفات أو التجاوزات الموجودة بها. وتابع: منذ عام 2013 لم يتم تعيين مهندسين بهذه القطاعات، ما أدى إلى استبدالهم من أجل حل أزمة العجز بموظفين مؤهلات متوسطة الامر الذى خلق أزمة حقيقية بدلا من حلها، رغم أنه كان يمكن كنوع من الحل المؤقت نقل بعض المهندسين فى القطاعات أو الوزارات التى تعانى زيادة فى العمالة وعمل إعادة توزيع لهم على مستوى الوزارات أو الإدارات المختلفة لسد هذا العجز مع ضرورة التأكيد على تدريبهم لأنه مع الأسف أغلبهم غير مؤهل أو مدرب بشكل كافٍ. و أضاف: أزمة الجراجات وغيرها من الخدمات تأثرت أيضا بسبب أنه لدينا العشرات من القوانين التى يتم تطبيق جزء منها والجزء الاخر يظل (محلك سر)، فأزمة منظم السيارات(السايس) ومخالفات البناء والتصالح جميعها أزمات تبحث عن قوانين تحتاج إلى تفعيلها ليس إلا،خاصة وأن أصحاب العقارات لا ينظرون سوى لمصالحهم الشخصية وتحقيق مكسبهم المادى. قنابل موقوتة وأشار الدكتور حسين الحسان إلى أن مخالفات المبانى خلال الفترة الماضية وصلت إلى 3 ملايين مخالفة بينها الجراجات، وللأسف فى القانون القديم كان يمكن التصالح فيها أما فى القانون الجديد فلا يمكن ذلك على الرغم من أن استبدالها بمحلات أوورش أو مطاعم يعرض حياة ساكنى هذه المناطق للخطر فهى قنابل موقوتة بين السكان ومن وقت لاخر. وتابع: دائما ما نسمع عن حريق او ماس اسفل عقار بسبب هذه المحلات، والامر الثانى انه فى ظل جهود الدولة للقضاء على الزحام وتيسيير الطرق بين المدن وحتى فى الشوارع الفرعية يأتى أصحاب العقارات ومطامعهم فى رحلة بحث عن المكسب السريع غير مبالين بما سيببونه من أزمة حقيقية سواء لقاطنى هذه العمارات وأصحاب المركبات الذين يعانون يوميا من رحلة البحث عن (ركنة ) خاصة فى المناطق المزدحمة الأمر الذى يؤدى إلى تكدس هذه المناطق بالسيارات وإزدحامها وهو ما يتعارض مع كل الجهود التى تبذلها الدولة من أجل القضاء على الزحام والتكدس. جراجات مغلقة و أكد الدكتور حمدى عرفة - خبير التنمية المحلية- أن أزمة الجراجات المغلقة تقع بأكملها على عاتق الإدارة المحلية متمثلة فى المحافظات والاحياء والمراكز، اما المدن الجديدة فهى تحت مظلة هيئة المجتمعات العمرانية ولها قانون خاص،مضيفا أن القانون رقم 43 لسنة 79من قانون الإدارة المحلية لم يتم تعديله حتى الآن والقانون رقم 119 لسنة 2008 الخاص بالبناء الموحد لتنظيم العقارات لم يشر من قريب أو على ضرورة إنشاء جراج أسفل كل مبنى لكن التعديلات الجديدة على القانون ذاته أكدت عدم إصدار اى تصريح لمبنى دون وجود جراج أسفله. وأوضح عرفة إنه طبقا للإحصائيات الرسمية لدينا 3 ملايين و240 ألف مخالفة عقار عقب ثورة يناير واغلب هذه المخالفات داخل المدن الجديدة من خلال منح الجراجات تصريح وتحويلها إلى (دوبلكس) وأماكن أخرى فى المحافظات وخارج نطاق المدن الجديدة يتم فيها تحويل الجراجات إلى كافيهات ومطاعم وغيرها من صور المخالفات التى يتحايل بها أصحاب العقارات على القانون. الركن العشوائى و نصح المحافظين بإصدار قرارات إدارية لرؤساء الأحياء، فالمحافظ لديه الحق فى ذلك طبقا لقانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 79 أن يتخذ كافة الإجراءات الخاصة بالعقار، موضحا انه لابد أن يحتوى القرار على نص يؤكد ضرورة عدم السماح ببناء أى عقار لا يلتزم بالاشتراطات البنائية التى تلزم صاحبه بضرورة توفير جراج لاستيعاب سيارات قاطنيه من اجل القضاء على ظاهرة الركن (العشوائى) وتحذير أصحاب العقارات السكنية من الامتناع عن فتح الجراجات أو استخدامها فى غير الغرض المخصص له وان يعرضهم ذلك للمساءلة القانونية،بالإضافة إلى حظر استخراج اى ترخيص بالبدرومات الواقعة تحت منسوب الرصيف. و كشف أن فتح الجراجات المغلقة فى كافة المحافظات يوفر 8 مليارات جنيه لخزينة الدولة من خلال إصدار تصريحات سنوية مع السيولة المرورية التى ستتحقق منها.