الطب البيطري بدمياط: ضبط 88 كيلو لحوم مذبوحة خارج المجازر الحكومية    النجمة الفرنسية ماريان بورجو : محمود حميدة عملاق وأنا من جمهوره    أبطال فيلم لعل الله يراني: العمل يحارب زيادة حالات الانتحار    نقيب الإعلاميين يهنئ الرئيس السيسي بذكرى نصر أكتوبر: يجسد إرادة المصريين وعزيمتهم    7 معلومات عن تطورات مشروع رأس الحكمة التنموي    حياة كريمة ببنى سويف: مبادرة بيع اللحوم بأعلى جودة وأقل سعر تحارب الجشع    شركات عالمية ومصرية وإماراتية.. تفاصيل إطلاق شراكة لتعزيز الابتكار في المركبات الكهربائية الذكية    «الجمارك» تكشف موقف سيارات المعاقين الجديدة غير المفرج عنها    قوات الاحتلال تمنع دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة    المرصد العربي يناقش إطلاق مؤتمرًا سنويًا وجائزة عربية في مجال حقوق الإنسان    مستوطنان إسرائيليان يقتحمان المسجد الأقصى ويؤديان طقوسا تلمودية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عسكريين اثنين في معارك جنوب لبنان    الصليب الأحمر: الشرق الأوسط على شفا صراع مسلح    ذا صن: ريال مدريد يتحرك بجدية للتعاقد مع أرنولد قبل نهاية عقده مع ليفربول هذا الصيف    مصدر من نادي دلفي ل في الجول: إلغاء مباراتنا أمام إنبي في دوري السيدات بسبب أكاديمية الأهلي    رئيس جامعة المنوفية يثمن تكريم الرئيس السيسي لأوائل الخريجين | صور    مصرع شخصين في حادث تصادم بالغربية    «الداخلية» تحرر 591 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة».. وتسحب 1536 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    جامعة حلوان تطلق "أسبوع الخدمة العامة" لتعزيز الانتماء الوطني لدى الطلاب    أعضاء حزب العدل في المحافظات يتوافدون للتصويت في انتخابات الهيئة العليا    القومي للسينما يعرض فيلم المحارب أحمد بدوي بأمسية يوم النصر    «الموسيقيين»: ما جاء في مسلسل «تيتا زوزو» إهانة لأبناء المهنة    بعد كمائن جنوب لبنان.. أسلحة عبوة سجيل بطلة حروب الكمائن    الشوط الأول.. الأهلي يتقدم على الزمالك في أول قمة تاريخية لكرة القدم النسائية المصرية    رهبنة مار فرنسيس للعلمانيّين في لبنان... منتسِبة تروي اختبارها الروحانيّ    واعظ بالأزهر: الله ذم الإسراف والتبذير في كثير من آيات القرآن الكريم    مصرع «طالب» غرقا في نهر النيل بالمنيا    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم بالغربية    «وما النصر إلا من عند الله».. قافلة دعوية ببني سويف تزامنًا مع احتفالات أكتوبر (صور)    جيفرسون كوستا: أسعى لحجز مكان مع الفريق الأول للزمالك.. والتأقلم في مصر سهل    الأنبا توماس يستقبل رئيس وزراء مقاطعة بافاريا الألمانية    وزير الاتصالات يلتقي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للتكنولوجيا    وزارة الثقافة تحتفي بنصر أكتوبر على مسرح البالون    تامر حسني وابنه يظهران بالجلابية البيضاء: «كنا بنصلي الجمعة»    «حياة كريمة» تواصل توفير اللحوم والدواجن بأسعار مخفضة.. ننشر نقاط التوزيع    «جولة مفاجئة وتفتيش بالمخازن».. وكيل صحة مطروح يحيل مشرفي تمريض بمستشفى للتحقيق    منظمة الصحة العالمية تحذر من خطر انتشار فيروس ماربورغ القاتل    سلوت: اسألوني عن عقد صلاح بعد التوقف الدولي    "الإنجاز له طعم خاص".. يحيى الدرع يعلق على الفوز بكأس العالم للأندية    خبير: بعض اتهامات القرصنة بين أمريكا والصين غرضها «الدفاع»    الإسكان: إزالة مخالفات بناء وظواهر عشوائية بمدن جديدة - صور    عادل حمودة: أحمد زكي كان يندمج في التمثيل إلى درجة المرض النفسي    السيطرة على حريق بخط غاز زاوية الناعورة بالمنوفية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    بالصور- ضبط 4.5 طن لحوم ودواجن فاسدة بالمنوفية    عاجل.. أول رد من الأهلي على عقوبات مباراة بيراميدز.. طلب خاص لاتحاد الكرة    حملة للتبرع بالدم في مديرية أمن البحر الأحمر لإنقاذ حياة المرضى    ضمن «حياة كريمة».. فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    في يوم الابتسامة العالمي.. 5 أبراج تحظى بابتسامة عريضة ومتفائلة للحياة    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    هيئة الأرصاد تكشف عن موعد بدء فصل الشتاء 2024 (فيديو)    أسعار الفراخ البيضاء في بورصة الدواجن اليوم الجمعة 4-10-2024    لازم يتجوز.. القندوسي يوجه رسائل إلى كهربا لاعب الأهلي (فيديو)    هل يجوز الدعاء للزواج بشخص معين؟ أمين الفتوى يجيب    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    رسمياً.. فتح باب تسجيل تقليل الاغتراب جامعة الأزهر 2024 "الرابط الرسمي والخطوات"    حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الماضى يساعد الصين فى الانطلاق نحو آفاق القوة العالمية
إمبراطورية تحكم كل شىء تحت السماء
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 22 - 08 - 2024

(ما سيحدث فى المستقبل القريب مع استمرار ازدياد قدرات الصين ونفوذها هو أنها ستحاول اختبار حزم وصبر الولايات المتحدة الأمريكية وأماكن أخرى، من الناحية الجيوسياسية ستحاول أمريكا دون شك إظهار صلابتها فى أماكن مختلفة.
ولكن العقود الآتية ستقتضى بالضرورة أيضًا مقدارًا معينًا من المرونة مع الصين).. (بدلًا من المواجهة المباشرة بين بكين وواشنطن، ستطبق «استراتيجية المنطقة المحايدة».
حيث يفترض أن تتحول المنطلقة القريبة من ساحل الصين إلى «أرض محايدة» أو«بحر محايد» لا تستطيع أى من الدولتين استخدام السفن والطائرات لفرض إرادتها على الأخرى).
اقرأ أيضا| أستراليا في طريقها لتكوين أسطول من الغواصات الهجومية النووية (SSNs)
تضع الصين أمام عينها هدفًا خلال سعيها الحالى لبناء نهضتها الكبرى هو: أن تصبح القوة العالمية الأولى وعلى رأس تطلعاتها أن تنافس الولايات المتحدة الأمريكية فى مكانتها على قيادة العالم، بل إنها راغبة فى العودة لنظام «تيان شيا» القديم، خاصة فى منطقة بحر الصين الجنوبى التى تشهد نزاعات مستمرة بين الصين والدول المحيطة بها ومنها فيتنام واليابان، لكن ما الذى يحمله المستقبل، وهل ستنجح فعلاً فى تحقيق ذلك أم لا؟
30 سنة وفرت ل «بكين» النفوذ لتصبح قوة عالمية حقيقية فى القرن ال 21
الرئيس الصينى فى مؤتمر شنغهاى 2014 موجهاً حديثه لواشنطن: «حان الوقت ليتولى شعب آسيا إدارة شئونها»
من خلال مزيج من القوى الصلبة والناعمة تستفيد الصين لتطوير قوتها العسكرية
كانت الصين على مدار تاريخها القديم دولة لا تعرف الحدود ولكن إمبراطورية حكمتها سلالات متعاقبة فرضت هيمنتها على "كل ما يوجد تحت السماء" أو ما يعرف باسم "تيان شيا" وتترجم أحيانا باسم "العالم المعروف"وهو يعنى السيطرة على رقعة شاسعة ومألوفة من الأرض تتكون من آسيا الوسطى القريبة وجنوبى شرقى آسيا وشرقى آسيا، وكانت جنوب شرقى آسيا، من بين هذه الأقاليم تمثل تحديًا قريبًا ومستمرًا للسلطة الصينية وتهديدًا مباشرًا لها فى أغلب الأوقات. تغيرت مساحة المملكة المركزية بين مد وجزر واقتنعت شعوب إقليم جنوب شرق آسيا بتسليم دفة القيادة إلى الصين والإقرار بمركزيتها والدوران فى فلكها.
وأوضح مثال على مدى جدية هذه الإجراءات كان من فيتنام فى القرن الثانى قبل الميلاد حين قرر ملك محلى من تلقاء نفسه أن يعلن نفسه إمبراطورًا على أراضيه، كان رد الإمبراطور الصينى من سلالة "هان" سريعًا وحاسمًا حيث كتب موبخًا لهذا الحاكم "عندما يظهر إمبراطوران فى آن معًا يجب أن يهلك أحدهما".
عرف "النظام" المشار إليه هنا منذ وقت طويل فى الغرب (وليس بين الصينيين أنفسهم) على أنه نظام الجزية الصينى والذى بموجبه أرسلت شعوب تدور فى فلك الصين الإمبراطورى مبعوثين بانتظام لتقديم فروض الولاء أمام الإمبراطور الصينى مثل منح حقوق تجارية من قبل البلاط الإمبراطورى على شكل مكافآت مختلفة هبة عظيمة أسهمت فى تعزيز العلاقات الثنائية.
كان لدى الصين افتراض رئيس بقى ثابتًا دهرًا من الوقت "اقبلوا تفوقنا، وسنتباحث بشأن شرعيتكم السياسية، ونطور علاقة تجارية معكم، ونقدم لكم ما يعرف فى لغة العلاقات الدولية اليوم ب "منافع عامة" تتضمن هذه الخدمات حفظ الأمن فى المناطق البحرية المشاع، والتوسط فى النزاعات وضمان الاستفادة من نظام الصين العالمى للتعليم القائم على الكونفوشية إلى حد كبير. وفى الدول الرئيسية فى الإقليم، كوريا وفيتنام وبتناقض متزايد فيما يخص اليابان، كانت القيم والثقافة والدين والفلسفة الصينية تعد طوال فترات طويلة مراجع أساسية، وحتى معايير عالمية.
التطلع غرب المحيط
كل شىء عن لغتها الدبلوماسية يقول إن الصين تنظر إلى غرب المحيط الهادئ كما فعلت ذات مرة فى عالمها القديم المعروف تيان شيا، وأنها تعتزم أن تعود هذه المنطقة إلى وضعها كمكانة لا يتم فيها تحدى مكانة الصين العليا. من خلال مزيج من القوة الصلبة والناعمة، تستفيد الصين من ما هو، بسبب الضغوط الاقتصادية والديموجرافية، نافذة محدودة من الفرص من أجل فرض الهيمنة الاقتصادية على منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتطوير قوة عسكرية تسمح لها بالتصرف دون عوائق من أى قوة عالمية أخرى. ودعا الرئيس الصينى شى جين بينج فى حديثه فى مؤتمر شنغهاى 2014 الولايات المتحدة الأمريكية إلى إفساح المجال أمام الصين فى آسيا حين قال: "حان الوقت ليتولى شعب آسيا إدارة شئون آسيا".
وما جعل الصين لا تتمكن من تحقيق رؤيتها لجزء كبير من القرنين التاسع عشر والعشرين هى العزلة التى فرضتها على نفسها، لكن نموها الاقتصادى على مدى السنوات الثلاثين الماضية قد وفر لها النفوذ والقوة لتحقيق ذلك الآن. ولا يتمثل هدف الصين النهائى فى استعادة شكل من مظاهر النظام القديم فى الإقليم فقط، ويتضمن الطموح الواضح من سلوك الصين، وإن يكن غير معلن إطلاقاً، الحلول محل القوة والنفوذ الأمريكيين فى الإقليم وتكوين منصة لا بديل عنها هناك، إلى جانب إنشاء قوة عالمية حقيقية فى القرن الحادى والعشرين.
وعلى عكس العديد من الدول الاستعمارية التى احتلت أجزاء من منطقة بحر الصين الجنوبى منهم أمريكا وبريطانيا والبرتغال ونهبت ثرواتها بالقوة تعمل الصين على ضخ استثمارات وتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية هناك، مقابل أن تظل الدولة تدين لها بالولاء. وفى خطاب عام 2014 أمام البرلمان الأسترالى قال شى جين بينج: (تظهر مراجعة التاريخ أن الدول التى حاولت إنجاز التنمية بالقوة فشلت على نحو ذريع. هذا ما نتعلمه من التاريخ. تعمل الصين بتفان للحفاظ على السلام. السلام ثمين، ويجب حمايته).
كانت هيمنة الصين الاستراتيجية على الإقليم تمثل بؤرة اهتمام بكين، وبحلول بداية 2015 كشفت مجموعة كبيرة من الصور أنها قد بنت بنجاح قاعدة جوية وبحرية مشتركة، إلى جانب ميناء تستطيع أكبر السفن الحربية الصينية الرسو فيه ومهبط طائرات طوله 3300 متر، يمكنه استقبال كل طائرات البلاد الحربية تقريبا .
ما تفعله الصين الآن إنشاء مواقع مختلفة فى بحر الصين الجنوبى وبناء نقاط سيطرة كبيرة عليها، وانطلاقا من هذاتريد الصين فرض واقع سيجعل الناس ينظرون إلى طبيعة الأشياء ويعتقدون أن بكين ستفوز فى اللعبة فى نهاية المطاف، قد يرون أنه من الأفضل عدم استفزاز الصين، وتفادى أى خلاف معها والاستسلام أمامها. يزيد هذا كثيرا من قدرة الصين للسيطرة على بحر الصين الجنوبي، حتى من دون اشتباك عسكري، ويغير حسابات الدول الأخرى نظرا لهيمنة بكين المتزايدة. لهذا السبب تجهز الصين الأرضية التى ستغير نفسيا الحسابات الاستراتيجية لدول الإقليم. إذا نظر الناس إلى بحر الصين الجنوبى بعد سنوات قليلة من الآن سيرون منطقة مملوءة قواعد صينية قوية، ومراكز للأسواق ونقاط سيطرة، وسيظنون أن الصين باتت القوة المسيطرة فى تلك المنطقة، ستكون حينها الولايات المتحدة الأمريكية بعيدة جدا فى ذلك الوقت.
حزام واحد.. طريق واحد
وقد أطلقت الصين عددا من المبادرات والتى استغلت فيها عامل الجغرافيا منها "الحزام والطريق" عام 2013 لإنشاء نظام اقتصادى جديد بقيادة الصين، ما سيؤدى إلى قطع الطريق أمام الولايات المتحدة الأمريكية ومقترحالشراكة عبر الأطلسي، الذى ضم اثنتى عشرة دولة واستثنى الصين فى البداية على الأقل. وتسعى الصين إلى الاستفادة من برنامج " حزام واحد طريق واحد".
فى دمج معظم جوارها الشاسع، وهى مساحة تمتد من سواحل جنوبى شرقى آسيا وصولا إلى أوروبا، عبر مشروعات بنى تحتية جديدة واتفاقيات تجارية ستتمكن كما تأمل من عقدها قريبا.
إذا نظرنا إلى جوار الصين المباشر سنجده أصعب بيئة جيوسياسية فى العالم لقوة رئيسية. تتضمن الدول القريبة سبعة من أكبر خمسة عشر بلدا فى العالم( الهند - باكستان - روسيا - اليابان - الفلبين- إندونيسيا- فيتنام) يتجاوز عدد سكان كل منها (89 مليون نسمة)؛ و خمس دول خاضت الصين حربا معها فى وقت ما فى الأعوام السبعين الماضية (روسيا- كوريا الجنوبية اليابان - فيتنام- الهند)؛ و تسع دول على الأقل تحكمها أنظمة غير مستقرة(كوريا الشمالية- الفلبين - ميانمار/ بورما- نيبال- باكستان- أفغانستان- طاجكستان- قيزغيزستان). كانت الصين طرفا فى نزاعات حدودية منذ 1949 مع أحد جيرانها العشرين، على الرغم من أنه قد جرى تسوية معظمها الآن.
وفى إطار جهودها لتعزيز قوتها فى الإقليم، قامت الصين، بعد عام من إطلاق مبادرة "الحزام والطريق"
بإنشاء المصرف الآسيوى للاستثمار فى البنى التحتية، وأرادت الصين من ذلك المصرف متعدد الأطراف أن يمثل تحديا مباشرا لمصرف التنمية الآسيوى الذى تديره اليابان وتدعمه الولايات المتحدة الأمريكية، وأن يوجه أصابع اللوم نحو واشنطن والدول الأوروبية الرئيسية لعدم منح الصين مزيدا من السلطة ضمن منظمات بريتون وودز التى يهيمن عليها الغرب مثل البنك الدولى وصندوق النقد الدولي.
كانت أهم أهداف المصرف الجديد هو تحويل الاحتياطات النقدية الصينية، التى تزيد على 3 تريليونات دولار، إلى قروض لتمويل مشروعات كبيرة تنفذها شركات صينية من أجل تنفيذ مشروع طريق الحرير.
تحجيم أمريكا
يقترب الوقت الذى ستتمكن فيه الصين من تحجيم دور الولايات المتحدة الأمريكية بسرعة كبيرة. قد تستطيع بفضل ثروتها الجديدة وقدرتها العسكرية المتنامية بازدياد، تقويض أثمن رموز القوة الوطنية الأمريكية، وفيها موجودات عسكرية مثل حاملات الطائرات، فى وقت أقرب إلينا مما نتصور.
ما سيحدث فى المستقبل القريب مع استمرار ازدياد قدرات الصين ونفوذها هو أنها ستحاول اختبار حزم وصبر الولايات المتحدة الأمريكية وأماكن أخرى،من الناحية الجيوسياسية ستحاول أمريكا دون شك إظهار صلابتها فى أماكن مختلفة، ولكن العقود الآتية ستقتضى بالضرورة أيضا مقدارا معينا من المرونة مع الصين. سيرتبط تحديد طريقة إنجاز ذلك بأفضل طريقة ممكنة بفهم أوسع لمنافس أمريكا الطموح، وتقدير أن أحسن النتائج ستتضمن غالبا التخلى عن أنماط القوة العالمية الحالية المريحة والمألوفة. على الرغم من أن أمريكا ستبقى قوية فى الإقليم فى المستقبل المنظور، إلا أن التفوق فى البحار القريبة من الصين سيكون بين أول الأشياء التى ستخسرها.
إذا استمرت الصين فى محاولة فرض نفسها على مجموعة مختلفة من الدول الأصغر حجما التى تتحداها اليوم، فلن يكون هناك شيئا مهما مقارنة بائتلاف سينتظرها فى المستقبل. تحاول الهند المتحفظة بازدياد على سبيل المثال، تقوية علاقاتها مع كل من اليابان وفيتنام، وعينها على الجار الأكبر، وتفادى أن تتفوق عليها الصين فى باحتها الخلفية، التى تضم سريلانكا ونيبال. على نحو مشابه، تعزز اليابان بسرعة أيضا علاقاتها الدفاعية مع الفلبين وفيتنام والهند، وتهدف إلى زيادة قدراتها لردع الصين.
مشاكل داخلية
وعلى الرغم من كل ما تبذله الصين لتعزيز قدراتها عسكريًا واقتصاديًا إلا أن عدم الاستقرار فى هذا المجال متعددة وتعود لاحتمال وجود مشاكل داخلية خاصة بالإنفاق. فى الأعوام الأخيرة كانت إحدى أعظم نقاط قوة الصين هى قدرتها على تخصيص موارد ضخمة وبسرعة لمشروعات أمنية، وبنى تحتية، يعد كثير من تلك البرامج غير كافٍ إطلاقًا. مع اشتداد المنافسة على الثروات، ستواجه قدرة القيادة على توفير موارد كافية اختبارات غير مسبوقة. قد تفرض تحديات أهلية وأعباء متزايدة على قوات الأمن الداخلى الصينية، ما يجعلها تطلب مزيدا من الأموال، على الرغم من أن ميزانيتها الرسمية تفوق تلك المخصصة لجيش التحرير الشعبي. يعد هذا عاملًا مهمًا جدًا بالنسبة إلى قدرة الصين على الاستمرار فى تطوير قدراتها العسكرية المعدة للاستعمال الخارجى.
وتدرك الصين العوائق العديدة التى تعترضها لتحدى الولايات المتحدة الأمريكية بطريقة شاملة، لذا يبدو أنها قد اختارت استراتيجية تقوية بحريتها والتوسع البحرى، أو بكلمات أخرى "إدارة المحيطات" كما وصفها الرئيس شى جين بينج.
سيزداد التحدى الذى ستواجهه الصين أثناء محاولة تطوير واستخدام أسلحة متطورة ومكلفة؛ لأن بكين، بخلاف الولايات المتحدة التى تربطها معاهدات دفاعية ب 68 دولة، تفتقر إلى شبكة حلفاء يمكن الاعتماد عليهم لشراء تلك الأنظمة، ما يخفض تكلفة الوحدة عبر وفورات الإنتاج الكبير، وحتى تكلفة التطوير المشترك فى بعض الحالات.
وفى نفس السياق يعد العامل السكانى أهم عائق لدى الصين وأكبر تحد سيواجه البلاد فى العقود القادمة فى حين إنه بالنسبة للولايات المتحدة أكبر رادع ضد ظهور تحد مستدام لها، أضف إلى ذلك أن الديناميكية المتغيرة للتركيبة السكانية الصينية تفسر أكثر من أى شىء آخر تعجل بكين الواضح حاليا. لقد بدأت الصين مسار الشيخوخة وستتقدم عليه بسرعة غير مسبوقة، ما سيضع البلاد بعد وقت قصير فى موقف لا نظير له فى تاريخ العالم: بلد لا يزال فى مرحلة التحديث ويجب عليه بناء نظام رعاية اجتماعية على كاهل قوة عاملة تتراجع بسرعة.
المنطقة المحايدة
بدلاً من المواجهة المباشرة بين بكين وواشنطن، ستطبق "استراتيجية المنطقة المحايدة" وتفترض الاستراتيجية أنه حتى إذا استطاعت الصين منع السفن والطائرات الأمريكية من دخول المنطقة القريبة من ساحلها، فإنه يمكن بالمقابل منعها من استخدام هذه المساحة الجغرافية لتكون نقطة انطلاق من أجل عرض قوتها العسكرية فى أى نزاع مرتقب. فى هذه الحال، لن تتحول المنطقة الجغرافية القريبة من ساحل الصين من نقطة انطلاق للولايات المتحدة لاستخدام السفن والطائرات لاستعراض قوتها ضد الصين فى أى نزاع معها إلى نقطة انطلاق للصين نفسها من أجل استخدام ذلك العتاد العسكرى لاستعراض قوتها. عوضًا عن هذا، يفترض أن تتحول المنطلقة القريبة من ساحل الصين إلى "أرض محايدة" أو"بحر محايد" لا تستطيع أى من الدولتين استخدام السفن والطائرات لفرض إرادتها على الأخرى.
ويخلص الكاتب إلى أن الصين التى تلقى احتراماً وندية يمكن أن تقدم الكثير من أجل البشرية، وتفهما مع حزم حين تدعو الحاجة، هى بلد سيصير أكثر مرونة فى أثناء تطوره فى العقود الآتية، وأكثر استقرارًا على الأغلب، إنها صين أكثر أمانًا فى عظمتها، ودولة يمكن أن نعيش معها.
مؤلف الكتاب
هوارد و. فرينش هو مراسل أجنبى وكاتب الشئون العالمية ومؤلف خمسة كتب، بما فى ذلك ثلاثة أعمال غير خيالية.
عمل فرينش كمترجم فرنسى إنجليزى فى أبيدجان، ساحل العاج فى أوائل الثمانينيات، وقام بتدريس الأدب الإنجليزى لعدة سنوات فى جامعة أبيدجان. بدأ حياته المهنية فى الصحافة كمراسل مستقل لصحيفة "واشنطن بوست" فى غرب أفريقيا. انضم إلى صحيفة "نيويورك تايمز" فى عام 1986، وعمل كمراسل لمدة ثلاث سنوات، ثم من عام 1990 إلى عام 2008 عمل كمراسل لصحيفة "التايمز" كرئيس مكتب لأمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبى، وغرب ووسط أفريقيا، واليابان والكوريتين، والصين، ومقرها فى شنغهاى. خلال هذا الوقت، حصل على جائزة نادى الصحافة فى الخارج مرتين، وحصل عمله على العديد من الجوائز الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.