قرارات جديدة جريئة، تباينت ردود أفعالها بين الفرحة والتفاؤل، إلى الصدمة والقلق. أصعب تحدٍ تواجهه وزارة التربية والتعليم حاليا، هو ، كيف نجذب الطالب للمدرسة ؟ كيف نعيد للمدارس صورتها التى كانت تجمع بين المعرفة والمتعة، كيف يعود المدرس هو النموذج والقدوة المبكرة التى لا ينساها الطالب طوال حياته، وكيف تعود ذكريات المدرسة لتصبح أحلى ذكريات العمر ، كما كانت عند الأجيال السابقة، تذكرت كل هذا وأنا أتابع تصريحات د.محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم ،حول قرارات الوزارة الأخيرة لتطوير نظام التعليم ، والتحديات التى تواجه هذا النظام منذ عقود طويلة . حدد الوزير 4 تحديات تواجه التعليم ، وهى كثافة الفصول، والعجز فى أعداد المعلمين، وكيفية جذب الطلاب للمدارس، وإعادة هيكلة التعليم الثانوي، و أتصور أن أصعب هذه التحديات على الإطلاق ، هو كيفية جذب الطلاب للمدارس. فكلنا نعلم-وباعتراف مسئولى وزارة التعليم أنفسهم-أن نسبة الحضور فى المدارس وبالذات فى الثانوية العامة شبه منعدمة ، وهناك بعض المدارس كانت تخلو تماما من الحضور ، لعدم وجود تعليم داخل المدرسة ، والاعتماد على الدروس الخصوصية. ورغم ضيق الوقت حتى بداية العام الدراسى، فقد قررت الوزارة قبول التحدى، وأطلقت مجموعة قرارات جريئة لتطوير العملية التعليمية . وفى سباق مع الزمن، وضعت الوزارة مجموعة حلول سريعة للتحديات الاربعة، ، مثل نقل المدارس الثانوية للفترة المسائية والاستفادة بفصولها للمرحلة الإعدادية ، وحصر الفراغات التعليمية واستغلالها كفصول. والقرار الحكيم بمد الخدمة للمعلمين الذين بلغوا سن المعاش، للاستفادة بخبراتهم سنوات أخرى، الى جانب استكمال المبادرة الرئاسية لتعيين 30 ألف معلم، و التعاقد مع 50 ألف معلم بالحصة، والاستعانة بالخريجين لأداء الخدمة العامة فى المدارس. ومن القرارات الجريئة أيضا ، خفض المواد الدراسية فى المرحلة الثانوية، وزيادة فترة الدراسة من 23 إلى 31 أسبوعًا،وعدم احتساب درجة اللغة الاجنبية الثانية ضمن المجموع، وإدخال مواد جديدة مثل البرمجة التى ستدرس كمادة أساسية من العام الدراسى القادم. قرارات جديدة جريئة، تباينت ردود أفعالها بين الفرحة والتفاؤل، إلى الصدمة والقلق. ولكن يبقى بعد كل ذلك مواجهة أهم تحدٍ، وهو كيفية جذب الطلاب للمدارس. فهل يكفى تشديد لوائح الانضباط، وتحديد نسب الغياب، والالتزام بكل وسائل الضبط والربط. أم اننا نحتاج إلى وسائل جذب حقيقية، تربط الطالب بالمدرسة والمدرسين، وتجعله يشعر بأن المدرسة تضيف إلى معارفه ومهاراته ، وتساعده على اكتشاف نفسه ، وابراز مواهبه، وتسمح له بممارسة الجانب العملى ، وتوفر له الأنشطة الممتعة. نحتاج أيضا ، عودة المسابقات بين المدارس ، سواء مسابقات علمية على مستوى المناهج الدراسية ، أو على مستوى الانشطة الرياضية والفنية، والأدبية . نحتاج إلى عودة أنشطة الموسيقى والشعر ، وعودة الصحافة المدرسية،ومجلة المدرسة، ونشرة أخبار الصباح التى تنعش ذهن الطلاب بأخبار ومعلومات سريعة وخفيفة ، ويقدم الطلاب من خلالها بعض ابداعاتهم من الأشعار والمقالات، والموسيقى. نحتاج عودة نشاط الرحلات الحقيقى ، الذى يركز على معالم بلادنا الأثرية والتاريخية بأسعارها الزهيدة، بعيدا عن رحلات الخمس نجوم الاستهلاكية، لمدن الملاهى والمولات التجارية، والمطاعم والكافيهات الفاخرة. عودة الطلاب للمدرسة يجب أن تكون على رأس اهتمامات وزارة التربية والتعليم، وننتظر منها مزيدا من الأفكار الابداعية ، التى تنجح فى إعادة الطلاب للمدارس، «بإرادتهم» ، وليس فقط باللوائح والقرارات . ننتظر بفارغ الصبر نتيجة التغييرات الجريئة التى أطلقتها وزارة التربية والتعليم، ونأمل ونتمنى ونحلم أن تؤدى بالفعل لتطوير حقيقى فى التعليم ننتظره منذ 40 عاما ، حتى لا يظل العام الدراسى «كابوس» داخل بيت.