حلم الانجاب تحول إلى جريمة قتل

بورسعيد: ‬أيمن ‬عبد ‬الهادي
لم تتخيل أن حلمها الطبيعي والمشروع في إنجاب طفل يتوج قصة حبها مع زوجها سيكون سببًا في انهاء حياتها قبل أن ترى حلمها يتحقق.
صرخت سلمي من الألم في الثالثة فجرًا ولاحظ شقيقاتها وجود مياه على سريرها فحملها والدها باحثًا عن سرير ومكان في المستشفيات العامة فلم يجد، فلم يكن أمامه الا أن ذهب لأحد المستشفيات الخاصة التابعة لإحدى النقابات، وقبلت المستشفى الحالة، ولكن والدها لم يكن يعلم أن نهايتها ستكون هناك ضحية للإهمال الجسيم، وفي السطور التالية نروى التفاصيل...
سلمى الطوبشى سيدة تبلغ من العمر 24 عاما تزوجت قبل عامين من نجل صديق والدها، وكانت الحياة بينهما سعيدة، الا أنها لم ترزق بالخلفة، فكانت دائما تنتظر ذلك مثل صديقاتها المتزوجات حديثًا، وكانت تبحث دائما عن سبب لعدم الإنجاب، وبعد عامين من الزواج جاء لسلمى الخبر الأسعد في حياتها انتي حامل، امسكت سلمى في وقتها بهاتفها وتواصلت مع اخواتها واقاربها واسرتها تزف اليهم البشرى.
أسرة الضحية
يروي أبو انس زوج شقيقة السيدة سلمى الطوبشي تفاصيل مؤلمة ل «أخبار الحودث»، حيث يقول إن سلمى كانت في ايامها الأخيرة وكأنها تشعر بما سوف يحدث لها وكانت تتحدث عن أنها سوف تلقى مصير جدتها التي توفيت عند ولادة أمها، ويستكمل: سلمى بنت جميلة بتحب الكل متدينة ومصلية وبتساعد الغلابة وعمرها ما عملت حاجة وحشة، علشان كده احنا بنقول انها ملاك وربنا اصطفاها للشهادة.
وقالت أسرة المتوفاة، إنها كانت تتابع مع طبيب في محافظة بورسعيد، والذي حدد لها ميعاد الولادة إلا أنها شعرت بآلام شديدة قبل ميعاد ولادتها، فاضطروا لنقلها إلى أحد المستشفيات للاطمئنان عليها، وأضافت الأسرة أن الطبيب المتابع لحالة الضحية، لم يكن موجودًا بسبب ظروف سفره، فلجأوا إلى طبيب آخر يدعى أحمد. ص، ليجري لها عملية الولادة داخل أحد المستشفيات.
وأوضحت الأسرة، أن الضحية أجرت عملية الولادة وخرج الجنين من غرفة العمليات بسلام، ثم خرجت هي بعد دقائق وعندما بدأت في الإفاقة كانت تشعر بآلام شديدة وظلت تتوجع، إلى أن تفاجأوا بتعرضها إلى نزيف حاد، وأشارت الأسرة إلى أنه تم استدعاء الطبيب الذي أجرى لها عملية الولادة، حيث طلب منهم 4 أكياس من الدم لإنقاذ حالتها بعد إصابتها بنزيف حاد، وبعد مرور عدة ساعات أخبرهم أنه لا بد أن يوقعوا على إقرار لاستئصال جزء من الرحم، ثم طلب منهم 4 أكياس دم مرة أخرى، وبعد ساعات أخبرهم أنها فارقت الحياة.
واختتمت الأسرة، أن الضحية لم تكن تعاني من أي مشكلات صحية قبل الولادة، حيث تبين لهم بعد ذلك أن الطبيب سبق واتهم قبل شهر في واقعة وفاة مماثلة لسيدة أخرى بعدما أجرى عملية الولادة لها، لكنهم لم يكونوا على علم بذلك، وكشفوا أن الطبيب بعد أن تعرضت ابنتهم لذلك وتوفيت على يديه نتيجة الخطأ الطبي تركها وفر هاربًا ونجله الذي كان معه داخل غرفة العمليات.
بلاغ رسمى
تقدمت أسرة السيدة سلمى إبراهيم الطوبشي ببلاغ رسمى إلى جهات التحقيق ضد الطبيب أحمد ص، اتهمته بالتسبب في وفاة ابنتهم خلال عملية ولادة، نتيجة تعرضها لنزيف حاد، وفتحت إدارة العلاج الحر ب محافظة بورسعيد برئاسة الدكتور رامي الفرارجي مدير الإدارة، تحقيقًا في واقعة وفاة السيدة خلال جراحة ولادة في أحد المستشفيات الخاصة على يد الطبيب الخاص.
وأوضح الدكتور رامي الفرارجي أن الإدارة تباشر إجراءات التحقيق في وفاة السيدة سلمى على يد الطبيب أحمد ص، وأشار إلى أنها طلبت من المستشفى تسليم المستندات الخاصة بالحالة، وذلك لبحثها والوقوف عما إذا كان هناك شبهة خطأ طبي، وأوضح أن الحالة الثانية سلمى توفيت نتيجة نزيف حاد بعد الولادة أودى بحياتها في الحال، وأكد أن حق المتوفاة لن يتم التفريط فيه، مشيرًا إلى أن الإدارة سوف تتخذ ما يسمح له بها القانون، موضحًا أن هناك قضية متداولة للطبيب أمام الجهات المعنية لتسببه في وفاة سيدة أخرى أثناء الولادة بعد أن ظلت 28 يومًا بالمستشفى حتى فارقت الحياة.
رد المستشفي
وأصدر المستشفى الخاص الذي شهد وفاة سلمى إبراهيم الطوبشي بيانًا أشار خلاله أنه بخصوص حالة المتوفاه الى رحمة الله سلمى إبراهيم الطوبشي تم حضورها إلى مستشفى لوتس المعلمين فى حوالى الساعة الرابعة والنصف فجرا تعاني من آلام الولادة الشديدة ودخلت للكشف عليها وتبين أنها تعاني من آلام الوضع وتم الاتصال بالطبيب الخاص بها والمعالج لحالتها، وحضر إلى مقر المستشفى.
وأضاف المستشفى أبدى رغبته في إجراء عملية ولادة قيصرية للحالة المذكورة داخل المستشفى فورًا فى غرفة العمليات المخصصة لذلك والتي يستعملها من قبل جميع الأطباء فى محافظة بورسعيد وبعد اتمام العملية القيصرية، اودعت الحالة فى القسم الداخلي للمتابعة وبعد ذلك تلاحظ وجود نزيف مهبلي للحالة، واتخذت الاجراءات المعتادة والاتصال مجددًا بالطبيب المعالج الذي يقوم بالمتابعة الدورية قبله وبعد إجرائه لبعض الإجراءات المتبعة في مثل هذه الأحوال، أفاد بضرورة دخولها مرة اخرى لغرفة العمليات لمحاولة وقف النزيف واثناء اجراء العملية الجراحية تبين ضرورة استئصال الرحم واخذت الموافقات اللازمة من الزوج.
وأشار المستشفى إلى بدء الشروع فى الاستئصال توقفت عضلة القلب و اتبعت الإجراءات اللازمة لتنشيط عضلة القلب وبالفعل استجاب القلب لهذه الإجراءات وتم بعد ذلك تأجيل عملية الاستئصال لحين تحسن الحالة ونقلت إلى العناية المركزة داخل المستشفى وظهر تحسن طفيف على العلامات الحيوية للحالة مع توقف تام للنزيف إلا أنه بعد ذلك حدث تدهور مفاجئ للحالة وتوقفت عضلة القلب وأجرى فريق العناية انعاشًا للقلب واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمدة 45 دقيقة لكن القلب لم يستجب وبناءً عليه تأكدت الوفاة وللعلم والإيضاح المستشفى من قبلها استدعت بعض الأطباء لمساعدة الطبيب الخاص بالحالة والمتابع لها وقاموا بعمل اللازم فى محاولة لإنقاذ حياة الابنة المتوفاة إلا أن قضاء الله نفذ.
استمرت تحقيقات النيابة العامة في واقعة وفاة سلمى لمدة تجاوزت ال 10 ساعات في يوم الوفاة، وذلك لكشف أسباب الوفاة والتأكد من وجود شبهة جنائية، وأقفل محضر التحقيق في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، رغم تقدم الأسرة بالبلاغ فور وقوع الحادث عقب صلاة الجمعة، واستمعت النيابة العامة خلال التحقيق الى شقيقة ووالد السيدة المتوفاة خلال اجراء جراحة ولادة قيصرية على يد طبيب خاص يدعى أحمد ص، واستمعت كذلك لعدد من افراد الأسرة، كما استمعت لأقوال طبيب التخدير الذي قام بتخدير الحالة خلال ولادتها.
وطلبت النيابة العامة استدعاء عدد من الأطباء والممرضات لسماع أقوالهم، وهم: طبيب العناية المركزة، وطبيب الرعاية الداخلية، والممرضات اللاتى شاركن مع الطبيب الجراحة، كما طلب وكيل النائب العام عددا من المستندات من المستشفى، وذلك في اطار ما تبذله النيابة العامة من جهود للوقوف على حقيقة واقعة الإهمال الطبي، تمهيدًا لإحالة المتسبب فيها للمحكمة المختصة.
وقررت النيابة العامة عرض السيدة المتوفاة على الطب الشرعي، وانتهت أعمال التشريح، وأمرت بدفن الجثمان.
جنازة مهيبة
شارك عدد كبير من أهالي محافظة بورسعيد، في مراسم تشييع جنازة شهيدة الاهمال الطبي كما أطلق عليها المواطنون السيدة سلمى إبراهيم الطوبشي، مطالبين بحقها لوفاتها خلال إجراء عملية ولادة قيصرية على يد الطبيب أحمد. ص، داخل أحد المستشفيات الخاصة ببورسعيد، مؤكدين أن سلمى كشفت جرائم الطبيب المتكررة في حق المرضى.
وانتشرت حالة كبيرة من الحزن والانهيار بين أسرة السيدة المتوفاة خلال تشييع جثمانها إلى مثواه الأخير في مقابر العائلة، إذ ظلوا يدعون لها أن يتغمدها المولى عز وجل بواسع رحمته، بينما ظل زوجها رافضًا أن يترك القبر يقول: هعيش من بعدك ازاي يا سلمى وبنتنا اللي كنا مستنينها موجودة في الحضانة اقولها انت فين يا عمري، هسميها سلمى علشان كل ما انده عليها افتكرت، وهعيش انا وهيا على ذكراكي.
اقرأ أيضا : «مأساة زوجة ».. طلقها غيابيًا بسبب إنجابها طفل يعانى من مشكلات صحية