خبراء: حقوق الإنسان سقطت فى اختبار العنصرية يقولون فى الأمثال «إذا كذبت العنزة فإن قرنيها لا يكذبان»، ينطبق هذا على ازدواجية المعايير البريطانية فى التعامل مع ملف حقوق الإنسان، فالأصوات الغربية لا تتعالى بالاداعاءات الكاذبة حول حماية الحريات والدفاع عن حقوق البشر، إلا إن كان الأمر يخص غيرهم من الدول.. ولكن حين تُنتهك تلك الحقوق فى بلدانهم نجد حناجر المدافعين يبررون ذلك من منطلق حماية أمنهم القومى.. فما شهدته بريطانيا خلال الأيام الماضية من أعمال عنف ضد كل من يختلف معهم فى اللون أو العقيدة حتى وإن كان يحمل جنسيتهم يؤكد أن البريطانيين يحركهم موروث العنصرية البغيضة نتيجة إرث المملكة الطويل فى الاستعمار ونهب ثروات الشعوب حتى وإن كان إزهاق أرواح الأبرياء سبيلاً لذلك.. اقرأ أيضا| حزب الجيل: منتدى الشباب وحقوق الإنسان يدعم رؤية الجمهورية الجديدة أحداث العنف بدأت بعددٍ من المدن البريطانية عقب انتشار أخبار مُضللة على منصات التواصل الاجتماعى حول هوية الشاب الذى قتل ثلاث فتيات صغيرات وأنه مهاجر مسلم.. وعلى الرغم من أن الشرطة هناك أوضحت أن منفذ الهجوم من أصل رواندى ولد فى بريطانيا.. إلا أن أعمال العنف والاعتداء على المهاجرين والمسلمين انتشرت فى عدة مدن بأنحاء إنجلترا وأيرلندا الشمالية. كشف د. رمضان أبو جزر مدير مركز بروكسل للبحوث والدراسات عن أن بريطانيا تتعامل فى ملف حقوق الإنسان ليس بازدواجية بل بعدة معايير، أبرزها: المعيار السياسى البحت، خاصة عندما يتعلق الأمر بدول فى الشرق الأوسط ودول آسيوية، حيث كانت تصدر ملفات حقوق الإنسان كأسلوب عقابى ويتم استثمارها سياسياً ضد بعض الدول، وخاصة فى المجتمعات المحافظة، لافتاً إلى أنه عندما تعلق الأمر بالعنصرية المقيتة التى أصابت معظم المدن البريطانية وأصابت شريحة كبيرة من الشعب البريطاني، فشلت بريطانيا فى التعامل معها بعد عشرات من السنوات تغنت فيها بالحريات العامة وتصديرها للديمقراطية، هى ومنظماتها الحقوقية وجمعياتها التى كانت تفرض عقوبات على دول فى الشرق الأوسط وآسيا عندما لا تحترم أو تتجاوز حقوق الإنسان حسب المعايير البريطانية، وقال: إنه يجب على بريطانيا اليوم أن تشعر بالعار عندما فقدت هويتها الحقوقية وتراجع منسوب احترام حقوق الإنسان فيها، عندما تخلت بالفعل من أجل الأمن الداخلى والأمن القومى عن كثير من المعايير التى كانت تريد أن تصدرها إلى الدول الأخري. وأضاف أبو جزر: أن هناك فشلاً حكومياً وفشلاً مؤسساتياً فى التعامل مع هذه الملفات وخاصة تجاه العنصرية والهجمات ضد المسلمين والأفارقة والآسيويين، وهناك أدوات تقوم بها بالقفز فوق الحريات العامة ولا تحترم معايير حقوق الإنسان، وهذا يمكن أن يُسجل كوصمة عار على بريطانيا العظمى التى لطالما ادعت الديمقراطية وصدرت ديموقراطيتها للعالم من خلال جمعياتها ومؤسساتها وحتى وزارة خارجيتها، مشيراً إلى أنه هناك جزء كبير جداً من الشعب البريطانى لا يزال يشعر بنوع من الحيوية ويتظاهر ضد العنصرية، ولكن عندما تشهد مدن كبيرة وعديدة مظاهراتٍ علنية من عنصريين والذين يقفزون فوق كل أنواع ومعايير حقوق الإنسان بتصريح أو بدون تصريح من الشرطة فهذا أيضاً يُعتبر وصمة عار على بريطانيا. فشلت بالاختبار ويرى مدير مركز بروكسل للبحوث والدراسات أن بريطانيا تتعامل بعدة معايير وليس بمقياس واحد عندما يتعلق الأمر بالداخل البريطانى، حيث إن لديهم الأساليب ولديهم القوة الإعلامية والقوى الحقوقية والسياسية لتجاوز هذه المحنة، ولكن ستبقى بريطانيا تسوق لنفسها كعرابة حقوق إنسان حول العالم، وستبقى تصدر تقارير من حين لآخر للتدخل فى شئون دول أخرى باسم حقوق الإنسان التى لم تحترمها فى أجزاء كبيرة داخل بريطانيا.. وأكد أبوجزر أن العنوان الأكبر هو فشل بريطانيا فى اختبار حقوق الإنسان ويجب عليها إعادة النظر فى المعايير الحقوقية التى تنادى بها والتى تعمل بها، فهناك فرق كبير بين ما تقوم به الحكومة البريطانية وحتى الشعب فى جزء كبير منه من العنصريين والمتطرفين، وبين ما تدعو إليه بريطانيا فى دول الشرق الأوسط والدول الآسيوية، ولا يجوز لبريطانيا أن تمنح شهادات شرف بعد اليوم فى مجال حقوق الإنسان، بل يجب عليها إعادة النظر فى أدائها وفى إصلاح منظومتها الحقوقية بشكل جيد، بل وإعادة تربية المجتمع البريطانى بشكل حقيقى على حقوق الإنسان حتى لا تكون بريطانيا فى وضع اتهام كبير من المجتمع الحقوقى بشكل كامل. الواقع والشعارات وقال رضوان قاسم مؤسس مركز بروجن للدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية ببرلين: إن موضوع حقوق الإنسان ملف كبير وخاصة فى الدول التى تدعى أنها تحافظ على حقوق الإنسان وتحافظ على حقوق المرأة والطفل وإلى ما هنالك من شعارات التى رُفعت من أجل مصالح هذه الدول وليس من أجل مصالح الإنسان، وخاصة عندما نتحدث عن الدول الأوروبية أو الغربية بشكل عام وبريطانيا بشكل خاص، ونستطيع أن نقول: إن كل هذه الشعارات رُفعت لذر الرماد فى العيون وليس لها أى واقع لأن الواقع يختلف تماماً عما يتحدث عنه هؤلاء من حرية التعبير وحقوق الإنسان وغيره، موضحاً أنه فى كثير من الأماكن والأوقات وجدنا أن انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القوانين الدولية تأتى من هذه الدول وخاصة الدول الغربية والمستعمرة تحديداً، وهذا ينطبق على بريطانيا فهى كانت مدرسة فى انتهاك حقوق الإنسان والقوانين الدولية من خلال احتلالاتها التى مارستها على مدار السنوات الماضية.. وأوضح أن العالم كله تابع الانتهاكات التى وقعت بالمملكة المتحدة، بداية من قمع الحريات مروراً بقضية الحجاب والمرأة واللاجئين والقضاء والذى يعد مسيساً إلى أبعد الحدود، فهم يستخدمون العدالة عندما تكون فى مصلحتهم فقط، بخلاف الصحافة والإعلام، وربما ذلك انعكس أكثر فى المظاهرات التى خرجت دعماً لغزة، والتى شهدت عمليات قمع وتنكيل غير إنسانية، كل هذه الشعارات التى يطلقونها تطلقها الدول الغربية وخاصة بريطانياوأمريكا، وهى شعارات لتغطية أفعالهم ولتغطية انتهاكاتهم سواء كان فى الماضى بالدول التى احتلوها أم فى الحاضر، مشيراً إلى أنه فى أزمة اللاجئين فإننا نعرف اليوم أن العديد من الدول الغربية تعيش على أيدى المهاجرين واللاجئين، حيث إنهم يعدون الأيدى العاملة لديهم فى عملية الإنتاج، فإذا ما أهُينت كرامة هؤلاء وأُخرجوا من الدول الغربية فبالتأكيد سينعكس ذلك سلباً على اقتصاد هذه الدول، وبريطانيا وفرنسا وألمانيا خير دليل على ذلك، فالوضع الذى تعيشه هذه الدول اقتصادياً الآن لولا المهاجرون والمغتربون لكانت قد انهارت نهائياً وأعلنت إفلاسها.. ولفت قاسم إلى أن العدوان الإسرائيلى على غزة خير دليل على أن الدول الغربيةوبريطانيا لا يعرفون شيئاً عن الإنسانية، فالإسرائيليون ينتهكون اليوم القوانين وكل الشرائع الدولية والإنسانية ورغم ذلك يقدمون لهم الدعم بكل ما أوتوا من إمكانياتٍ وقوة سواء كان بالسلاح أو بالموقف السياسى وصولاً إلى أنهم طرحوا أن يذهبوا هم بأنفسهم للدفاع عن الكيان الإسرائيلي، مستطرداً أن هذه الأحداث أظهرت أن هؤلاء ليس لهم أى مصداقية فى موضوع حقوق الإنسان، مضيفاً: أن الذى يحصل اليوم من صعود الأحزاب اليمينية فى أوروبا بدأ ينعكس سلباً عليهم، فعندما تصل تلك الأحزاب إلى سدة الحكم، سنشهد مشاهد مختلفة تماماً عن السابق، لأنها ستؤدى بهم إلى صراعات داخلية وحروب أهلية وسيؤدى أيضاً إلى انهيار دولهم.. وأكد قاسم أن العاقبة على مثل تلك السياسات والانتهاكات الأوروبية ستكون وخيمة، لأن الشعوب أصبح لديها وعى وإدراك كبير بمثل تلك الانتهاكات وعلى رأسها بريطانيا، وربما سنشهد متغيرات جذرية فى الدول الغربية، بدءاً من الولاياتالمتحدةالأمريكية وصولاً إلى كل الدول الغربية التى كانت تعيش حالة استعمارية، ولم تعد قادرة على أن تفرض نفسها كما كان سابقاً، وهذا سيتكرر فى أكثر من دولة لإعادة حقوق الدول التى اسُتعمرت من قبلهم، وبريطانيا بالتأكيد ستُحاسب على كل الانتهاكات التى انتهكتها خلال الفترة الماضية وصولاً إلى ما نحن فيه اليوم. ازدواجية معايير من جانبها قالت د. جيهان جادو عضو المجلس المحلى لمدينة فرساى الفرنسية : إنه بكل تأكيد تنتهى الحريات عندما يتعلق الأمر بالأمن القومى لأى دولة. مشيرة إلى أن بريطانيا تخشى على أمنها القومى فمن الطبيعى أن تقوم بتقييد حقوق الإنسان وحرياته، وهذا ما يُرجعنا إلى أن بريطانيا وغيرها من الدول فى العالم خاصة الأوروبية، تتعامل بمبدأ ازدواجية المعايير التى تنادى بها الغير، حيث إنها تفعل عكس ما تتغنى به عن حقوق الإنسان خاصة فى دول الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا وذلك من باب فرض السيطرة والزعم بأنها تدافع عن المبادئ.. وأوضحت أنه عندما تعلق الأمر بها وبأمنها كان كلامها وأفعالها مغايراً لما تفرضه على باقى الدول، مضيفة أن عباءة الغرب المزعومة سقطت مع أول تجربة وأزمة تعرضت لها الدول الأوروبية من تخريب ومظاهرات. نفاق سياسى بينما أوضح البروفيسور كامل الحواش المحلل السياسى والأستاذ بجامعة برمنجهام البريطانية أنه على الرغم من أن بريطانيا موقعة على الاتفاقيات الدولية ومن ضمنها اتفاقية جنيف، ولكن ما يُلاحظ هو أنها تتحدث عن حقوق الإنسان وأهميتها فى بريطانيا، وفى الدول التى تعتبرها حلفاء أو التى تبيعها الأسلحة، والواقع أن إسرائيل تعد مثلاً لانتهاك بريطانيا لحقوق الإنسان فى ظل أنها لا تعاقب إسرائيل على انتهاكاتها لحقوق الإنسان إن كان قبل أحداث 7 أكتوبر أو منذ 7 أكتوبر، حيث تمتنع حتى عن الاعتراف بأن إسرائيل تنتهك القانون الدولى بأى طريقة، رغم أن هناك شكاً بتواجد رأى قانونى فى الخارجية البريطانية، يقول: إن إسرائيل تنتهك القانون الدولى الإنسانى إلا أنه لم يتم التصريح بذلك أو إخراجه للعلن، والموضوع ليس فقط إسرائيل هناك تهم أيضاً بأنها تسلح دولاً تنتهك حقوق الإنسان بالذات فى منطقة الشرق الأوسط.. وأشار إلى أن هناك استياء من الشعب البريطانى وبالذات ممن كانوا مناهضين للتسليح النووي، مؤكدا أنهم يرون أن الحكومة البريطانية تتخذ مواقف منافقة، مثل تعاملها مع انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولى من روسيا بأوكرانيا بخلاف انتهاك حقوق الإنسان من إسرائيل بفلسطين، وهذا ما دفع لخروج مظاهرات حاشدة لدعم الفلسطينيين التى وصلت إحداها إلى ما يقارب المليون شخص، مبيناً أنه من ضمن الأمثلة الأخرى لانتهاكها أو عدم تعاملها مع القانون الدولى بمساواة بل بنفاق، هو ما قاله بوريس جونسون الذى كان رئيساً للوزراء «إن محكمة الجنايات الدولية ليس لها دور بالنسبة لفلسطين وإسرائيل لأن إسرائيل ليست عضواً وفلسطين ليست دولة»، مع أنه فى الواقع قررت المحكمة أن لها الحق بأن تنظر فى انتهاكات الحقوق الدولية هناك. وأكد حواش أن حرب غزة عرت سياسات الدول الغربية بالذات أمريكا، ولكن نحن هنا نتحدث أكثر عن أوروبا وبريطانيا لأنها الآن خارج الاتحاد الأوروبى وكان بإمكانها أن تتخذ نهجاً مخالفاً للاتحاد الأوروبي، ولكنهم وقفوا جميعاً مع إسرائيل وصرحوا بأن لها الحق فى الدفاع عن نفسها، ولم يكن هناك أى تقييد لإسرائيل بكيفية ونوعية هذا الدفاع، حتى إنه بعد كل هذه الجرائم واستشهاد ما يقارب الأربعين ألف فلسطينى من المُسجلين - وهناك أرقام تتحدث عن أكثر من 100 ألف ربما قد قد قُتلوا – بخلاف انتهاكات للأطفال والمستشفيات والمدارس والجامعات، كل هذا المفروض كان أن يدق ناقوس الخطر فى الغرب، فلماذا يستمر القتل بدون أى مانع؟، ذلك لأنهم يقفون معها رغم كل انتهاكات حقوق الإنسان التى تُرتكب.