تتنتظر الحرب الدائرة فى قطاع غزة أسبوعًا حاسمًا قد يترتب عليه بصورة كبيرة مستقبله فى ظل مساعٍ مصرية أمريكية قطرية نحو الوصول إلى تهدئة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلى أو الانخراط فى حرب إقليمية من المتوقع أن تكون موسعة حال قامت إيران بالرد على عملية استهداف رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها نهاية الشهر الماضي، وسط توقعات بأن تتسارع وتيرة التحركات الدبلوماسية الساعية لإنجاز صفقة تبادل الأسرى سيقابلها على الجانب الآخر استهدافات إسرائيلية متكررة للنازحين فى القطاع. وأصدرت مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية وقطر، وهى الدول التى تتوسط بين حكومة الاحتلال الإسرائيلى وحركة حماس، بياناً حضَت فيه على استئناف محادثات للتوصل لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة فى 15 أغسطس فى الدوحة أو القاهرة السدّ كل الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق بدون أى تأجيلب. فى السياق نفسه، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الوزير أنتونى بلينكن أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف غالانت فى مكالمة هاتفية الجمعة أن تصعيد التوتر فى الشرق الأوسط اليس فى مصلحة أى طرفب وشدد أيضاً على ضرورة وقف إطلاق النار فى غزة. وبحسب وسائل إعلام أمريكية فإنه من المتوقع وصول مسئولين أمريكيين بارزين إلى المنطقة لقضاء أسبوع ادراميب، قبل مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، وسوف تتضمن زيارة إلى تل أبيب خلال الأيام القليلة المقبلة بهدف المشاركة فى قمة بشأن الإفراج عن الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين ووقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وستشير نتائج الأسبوع المقبل إلى ما إذا كانت المنطقة ستغرق بشكل أعمق فى أزمة وحرب دائمة متوسعة، أو ما إذا كان سيكون هناك تغيير كبير فى المسار لأول مرة منذ 7 أكتوبر، ويمكن أن تشكل النتيجة إرث الرئيس بايدن. ضغط أمريكي وقال مسئولون إسرائيليون إن المحادثات التى ستجرى يوم الخميس هى الحظة إما الآن أو لن تكون أبداب للتوصل إلى اتفاق، وأفادت صحيفة ايديعوت أحرونوتب بأن رئيس الوزراء اليمينى المتطرف بنيامين نتنياهو ماض بضغط أمريكى إلى صفقة مع حركة حماس حتى لو كان ذلك يعنى سقوط حكومته، ورغم أن الضغوط الدولية تبقى الآن أكثر قوة من أى فترة سابقة لكن سبل نجاحها غير معروفة حتى الآن، إذ إن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تنقسم حول مسألة التوقيع على اتفاق مع حركة حماس، وليس من المعروف ما إذا كان نتنياهو قادراً على إقناع وزرائه الأكثر تطرفَا بجدوى عقد اتفاق الآن من عدمه، كما أن استمرار عمليات تهجير النازحين ورفض الانسحاب من محور فيلادلفيا وتنفيذ عمليات عسكرية أكثر قوة بحق المدنيين فى القطاع جميعها رسائل تصب فى صالح استمرار الصراع العسكرى وصعوبة الوصول إلى تفاهمات يمكن أن تؤدى لوقف إطلاق النار. كما أن حركة حماس التى تلقت ضربة قوية باغتيال رئيس مكتبها السياسى لن يكون سهلاً عليها أن تذهب باتجاه الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين دون مكاسب قوية قد لا تحملها معها المفاوضات المنتظرة، كما أن الحركة بالطبع تعانى وضعية داخلية صعبة مع تعيين رئيس جديد لمكتبها السياسى يولى اهتماماً أكبر بالعمل العسكرى على حساب السياسي، كما أن تفاصيل إدارة القطاع ووضعية حركة حماس المستقبلية فيه لن تقبلها الحركة فى ظل مساعٍ إسرائيلية لإبعاد الحركة بالكامل عن إدارة القطاع. يمكن القول بأن إسرائيل قبل أن تذهب إلى مفاوضات ستكون قد وضعت جميع العقد أمام الحلول المقترحة وليس من المتوقع أن تواجه بضغوطات أمريكية كبيرة فى ظل حالة الضعف التى تظهر عليها الإدارة الأمريكية الحالية قبل إجراء الانتخابات، كما أن نتياهو يريد أن ينتظر نتيجتها لحصد مزيد من المكاسب السياسية حال قرر الذهاب إلى أى اتفاقات سياسية من الإدارة الجديدة وعدم الارتكان على الإدارة الحالية التى استنرف معها جميع الأوراق وحقق معها مكاسب عديدة دعمت بقائه فى السلطة بفعل العمل على توسيع دائرة الخطر حول إسرائيل، ومن ثم ضمان أكبر قدر من الدعم. حرب طاحنة وقال الدكتور سعيد عكاشة، الخبير فى الشئون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن قطاع غزة يشهد منذ عشرة أشهر حربا طاحنة فشل المجتمع الدولى فى إيقافها، فى ظل ضعف مساحات الحركة الأمريكية التى تبقى حائرة بين رغبتها فى وقف الحرب خشية على مصالحها والتزامها بأمن إسرائيل، وهو ما يجعلها فى وضع سيئ أمام المجتمع الدولي، كما أن إسرائيل لم تعد تضع فى حسبانها السكان القابعين الآن فى قطاع غزة ولديها القدرة على إبادة وقتل وتهجير أكبر عدد منهم وهى تدرك بأنها لن تواجه بأى عقوبات أو انتقادات دولية. أضاف، أنه فى المقابل هناك سوء تقدير من حركة حماس التى ترفض إطلاق سراح الرهائن رغم موقفها الضعيف وهو ما يمنح المبررات لإسرائيل لاستمرار الحرب، وهناك قناعة لدى قادة عسكريين متطرفين بأن الضغط العسكرى على حماس هو السبيل الأوحد للقضاء عليها وإخراجها من القطاع، وكلما جرى الاعتماد على عامل الوقت تحققت أهداف إسرائيل تجاه استنزاف حماس واستهلاكها للسلاح الذى تمتلكه، وكلما تراجعت فرصها فى المقاومة، مشيراً إلى أن الاحتلال الإسرئيلى يقوم بشن عمليات نوعية ويعول على اختراق أجهزته الاستخباراتية لعناصر الحركة والوصول إلى أماكن إطلاق الصواريخ دون تفكير فى أعداد الضحايا المدنيين، وشدد على أن حماس كان يجب أن تدرك مبكراً بأن أهداف إسرائيل تتمثل فى تدمير القطاع بشكل كامل وتهجير أهله وتفويت الفرصة عليها كما أن هناك التزاما أمريكيا صارما بدعم إسرائيل وهى معطيات كان يجب وضعها فى الحسبان، لافتًا إلى أن مستقبل قطاع غزة معقد للغاية فى ظل عدم رغبة إسرائيل بالإبقاء على عدد كبير من قواتها لكنها ستكون أكثر صرامة فى حصار القطاع ولن تتخلى عن تواجدها فى محور فيلادلفيا إلا فى حال تسلمت قوات طوارئ دولية مراقبته، ومن المتوقع أن تكون أكثر تطرفًا فى مواقفها المرتبطة بإبعاد حركة حماس عن السلطة، وأوضح أن الاحتلال يعمل على تقسيم القطاع إلى 24 منطقة مع تعيين عائلات فلسطينية تتولى إدارة تلك المناطق الصغيرة وتوصيل المساعدات إلى المواطنين لكى تمر عبر هذه العائلات وليس عناصر أمن حماس، على أن يكون احتلالها سياسيا وأمنيا أكثر من كونه عسكريا. احتمالات التهدئة وقال مصطفى السعيد، الكاتب والمحلل السياسي، إن احتمالات التهدئة أو التصعيد الإقليمى بالمنطقة كلاهما قائم، وفى حال استطاعت الولاياتالمتحدة أن تضغط على إسرائيل للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار مع حركة حماس لتلافى الحرب الإقليمية فإن ذلك يساعد على التهدئة فى حال لم تتهرب أو تعمل دولة الاحتلال على إطالة الحرب، وفى تلك الحالة يمكن أن تعتبر إيران أن ذلك بمثابة رد على عملية اغتيال هنية، ولكن فى حال لم يحدث ذلك فإن إيران ستلجأ إلى توجيه ضربة عسكرية من الممكن أن ترد عليها إسرائيل لتتحول إلى المنطقة إلى صراع إقليمي، يصعب نزع فتيلة أو خفضه، وأن ذلك سيكون رهينة قدرة الولاياتالمتحدة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار يكون مرضيا للفلسطينيين وحركة حماس أيضًا وبالتالى يكون مرضيا لإيران، وأشار إلى أن كلاً من إسرائيل والولاياتالمتحدة وكذلك إيران وأذرعها يتخوفون من الحرب الإقليمية الموسعة غير أن ما يدفع نحو الاتجاه إليها يتمثل فى الغطرسة الإسرائيلية المتصاعدة وهى من طرف واحد رغم أنها تعهدت بالسابق شفويًا للإدارة الأمريكية بعدم استهداف إيران، موضحًا أن إيران ترى بأن إسرائيل والولاياتالمتحدة تقومان بلعب أدوار متبادلة فهناك طرف يضرب وآخر يعمل على التهدئة وهو سيناريو أضحى مكشوفًا ومن الصعب الصمت عليه مستقبلاً. وذكر أن تأخر الرد الإيرانى يرجع لعوامل عديدة فى مقدمتها أن طهران تدرك بأنها طالما أخرت ضربتها فإن إسرائيل تتعرض لخسائر عسكرية واقتصادية جراء تكاليف رفع درجة الاستعداد القصوى وإيقاف بعض الصناعات ونقل المستوطنين إلى المخابئ وحالة التأهب الكبيرة فى المطارات وشركات الطيران وهو ما تعتبره طهران مكاسبها، إلى جانب أنها تستعد للضربة المحتملة وتقوى دفاعاتها الجوية وتؤمن احتياجاتها وتنتظر الضغط السياسى من الدول العربية والإسلامية على إسرائيل لوقف حرب غزة. وقد تعهدت كل من إيران وحزب الله برد قوى وفعال على الاغتيال، فى حين تتواصل الجهود الإقليمية لتهدئة ومنع تدهور الأوضاع بالمنطقة. ومع الإعلان عن استئناف مفاوضات التهدئة فى غزة خلال أيام، يشهد القطاع واحدة من أعنف الهجمات الإسرائيلية، لتتعكر الأجواء المصاحبة للتفاوض، وتثار الشكوك بشأن جدية إسرائيل فى التوصل إلى اتفاق بل يُتهم نتنياهو بمحاولة إفشال أى فرصة للتوجه نحو إنهاء الحرب، بينما صعدت قوات الاحتلال الإسرائيلى حربها على النازحين فى قطاع غزة وأصدرت المزيد من أوامر الإخلاء والتهجير بينما صعدت قصفها على عدد من المواقع، وذلك بعد يوم من مجزرة مروعة استهدفت مدرسة تؤوى نازحين وأسفرت عن استشهاد أكثر من 100 فلسطينى. اقرأ أيضا : باحث: التقارير الدولية تشير إلى عدم ثقة القضاة الأوروبيين في نتنياهو