يبدو الامر كما لو كان مواجهة من زمن صراعات القرون الوسطى معادلة صفرية بين رجلين مختلفين كما بين الليل والنهار خاصة وان الاقدار كتبت عليهما ان يتعلق مصير كل منهما بالآخر الاول يحيى السنوار رئيس المكتب السياسى لحركة حماس بعد ان كان مسئولها الاول فى قطاع غزة والذى اشرف على اهم مرحلة نضالية فى تاريخ الصراع مع الاحتلال طوفان الاقصى التى بدأت فى السابع من اكتوبر الماضى والمستمرة منذ حتى الآن وهى مفتوحة على كل الاحتمالات والثانى بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل وملكها المتوج ولعل النظرة المتأنية على الحقبة الاخيرة تجعلنا نتوقف عند محطتين للمواجهة بينهما والتى يبدو انها مرشحة للاستمرار وهى كالتالى : المرحلة الاولى : عندما (اخطأ) نتنياهو خطأ استراتيجيا عندما وافق وكان رئيسا للوزراء فى 11 اكتوبر 2011 على صفقة الوفاء صفقة(وفاء الاحرار) ،والتى تضمنت الافراج عن اكثر من الف سجين فلسطيني، مقابل خروج جلعاد شليط من الاسر، وضمت يحيى السنوار احد قادة حماس ، الذى خرج ليبدأ مرحلة جديدة من العمل داخل الحركة، حيث انتخب عضوا فى المكتب السياسى للحركة عام 2012 . كما تولى مسئولية الجناح العسكرى لها ، ومهمة التنسيق بينه وبين المكتب السياسي، وقام باجراء تحقيقات موسعة وعمليات تقييم عن آليات التصدى للعدوان الإسرائيلى على القطاع فى 2014 ،واداء بعض القيادات، وتم بعدها اقالة بعضهم،وفى العام التالى وضعته اسرائيل على قائمة المطلوبين للتصفية، كما ان واشنطن صنفته ضمن قائمة الارهابيين الدوليين، وانتخب السنوار مرتين رئيسا للحركة فى قطاع غزة، الاولى عام 2017 ، وبذل جهدا لاصلاح العلاقة مع حركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية. اقرأأ يضا| بايدن وهاريس يستقبلان المفرج عنهم بصفقة تبادل السجناء مع روسيا المرحلة الثانية : عندما( اجرم) نتنياهو باعطاء الاوامر الى اجهزته الامنية باغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس اسماعيل هنية اثناء مشاركته فى مراسم تنصيب الرئيس الايرانى الجديد منذ ايام وهو يعتقد انه احرز نصرا سيضاف الى تاريخه رغم ان هنية يمارس عملا سياسيا بامتياز يتنقل بين عواصم العالم واخرها العاصمة طهران ويعيش فى مكان معروف فى العاصمة القطريةالدوحة وهو من المحسوبين على تيار الاعتدال فى المستوى القيادى للحركة وهو الطرف الثانى المفاوض فى صفقة تبادل الاسرى والسعى الى التهدئة والتى اجهضها. فى كل مرة تطرف نتنياهو بشروط جديدة وهو اول من يدرك انها مرفوضة فكانت الصدمة انه بعد ايام يفاجئ بتوافق الحركة على انتخاب يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسى للحركة بالاضافة وهو. كما يعرف نتنياهو واجهزته عضو بارز فى حركة حماس منذ ان كان طالبا وبعدها تم تكليفه بتأسيس جهاز امنى للحركة اطلق عليه منظمة الجهاد والدعوة بتكليف من الشيخ احد ياسين ويعرف اختصار ( مجد ) مهمته تتبع والكشف عن جواسيس إسرائيل من الفلسطينيين وملاحقتهم وتتبع ضباط المخابرات والامن الاسرائيليين واصبح نواة لتطوير النظام الداخلى للحركة اعتقل عدة مرات اولها وكان فى العشرين من عمره عام 1982 بسبب نشاطه الطلابى ووضع رهن الاعتقال الادارى اربعة اشهر وعاد مرة آخرى باسبوع واحد من الافراج عنه حيث ظل مسجونا سته اشهر وكانت المرة الثالثة عام 1985 وحكم عليه ثمانية اشهر اما المرة الاخيرة فكانت فى يناير 1988 بتهم قيادة عملية اختطاف وقتل جنديين اسرائيليين واربعة من الفلسطينيين المتعاونين مع الاحتلال ونتوقف هنا عند بعض المؤشرات والدلالات التى يمكن رصدها من هذا القرار المفاجاة وهى كالتالى : اولا : السرعة التى تم بها اتخاذ القرار والذى جاء بعد ستة ايام فقط من استشهاد اسماعيل هنية والذى استلزم عقد اجتماعات لمجلس شورى الحركة فى قطر استمرت خلال الايام الماضية وتم الموافقة عليه بالاجماع عبر اليات التصويت المتبعة كما قال المتحدث باسم الحركة اسامة حمدان وكما هو معروف فوفقا للنظام الداخلى لدى الحركة ثلاث اقاليم الاول فى الخارج يرأسه خالد مشعل والذى كان مرشحا بقوة لتولى رئاسة الحركة والاخر فى الضفة وتولاه صالح العارورى قبل اغتياله منذ اسابيع فى بيروت وحل محله نائبه زاهر جبارين اما الثالث وهو صاحب الثقل الاكبر فهو فى قطاع غزة ومسئول عنه يحيى السنوار والاختيار بهذا الشكل يدل على قدرة الحركة السريع على تجاوز فكرة الفراغ فى القيادة والتماسك التنظيمى الذى سمح بالتوصل الى هذا القرار. ثانيا : مثل القرار رسالة الى اسرائيل الذى مثل لها الامر مفاجأة مذهلة وحالة ارتباك واسعة بين المستوى السياسى والعسكرى لدرجة ان رد الفعل الوحيد الذى ظهر جاء على لسان وزير الخارجية يسرائيل كاتس والذى اعتبر ان (الاختيار سبب آخر للقضاء على السنوار ومحوه عن الارض) ومضمون الرسالة يشير الى ان التوجه الاساسى للحركة يتجه نحو التشدد على الصعيد العسكرى رغم الخسائر غير المسبوقة بين سكان القطاع مع طول مدة العدوان المستمر منذ اكثر من عشرة اشهر خاصة وانه هو صاحب قرار التخطيط وتنفيذ عملية طوفان الاقصى ولعلنا نتذكر هنا ان بعض قيادات الحركة اشارت انها لم تكن على علم ببداياتها وعلى الصعيد السياسى سيكون هناك مزيد من التمسك بمطالب الحركة للتوصل الى صفقة التبادل والافراج عن الاسرى وايقاف العدوان. ثالثا: ان الفترة القادمة ستشهد الانحياز الى فكرة توحيد قرار الحركة فى الداخل على حساب قيادات الخارج رغم ان كل ماتم من مفاوضات وتحركات سياسية من الخارج كانت تتم بمعرفة وبموافقة الداخل كما ستشهد بعض الاجراءات التنظيمية التى تتعلق باختيار نائب رئيس الحركة وكل التوقعات تكشف عن ان التوجه انه سيكون من قيادات الخارج لاتاحة الفرصة امامه للتحرك على المستوى السياسى والاتصالات مع دول الاقليم والعالم . رابعا : ان هناك اعتبارا لا يمكن اغفاله فى الاختيار وهو رفع الحرج عن الدول المرشحة لاستضافة قيادات الحركة فى الخارج سواء قطر او ايران وتركيا او حتى العراق وكان هناك توقعات بانتقالها إلى أى من هذه العواصم منذ فترة على خلفية الضغوط التى مورست على الدوحة لانهاء وجود قيادات الحركة . خامسا : لعل الحديث الان هو عن مصير المفاوضات حول صفقة التبادل فى ظل هذا التغيير الدرامى ويمكن الاجابة على ان امر عرقلة المفاوضات مسئولية رئيس الوزراء الاسرائيلى نتنياهو الذى يفرض شروطا فى كل مرة ولم يكن الامر مرتبطا بالحركة التى ابدت مرونة شديدة فى مراحل عديدة خلال الاشهر الماضية وبعد فالايام القادمة هى من تجيب عن التساولات حول من يحسم الصراع التاريخى بين الرجلين يحيى السنوار الذى اصبح الرقم الاصعب فى معادلة الصراع وليس لديه ما يخشاه امام نتنياهو الذى يبحث عن اليات الحفاظ على مستقبله السياسي