كعادتها على مدار العقود الماضية، واصلت مصر دورها كصمام أمان للقضية الفلسطينية ووقفت أمام محاولات تصفيتها منذ بدء العدوان الإسرائيلى فى السابع من أكتوبر، ولم تدخر جهداً لإغاثة أهالى قطاع غزة، كما لم تتوقف الجهود السياسية للتوصل إلى اتفاق ينهى الحرب فى خطوة أولى لتحقيق حل دائم ينهى الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة لوقوف القاهرة كحائط صد لمخططات تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم. ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الصراع، دعت مصر إلى التهدئة وحذرت من مخاطر تصعيد الصراع إقليمياً، وهى الرؤية التى أثبتت الأحداث لاحقاً صوابها، وسعت القاهرة إلى احتواء تداعيات هجمات السابع من أكتوبر عبر قمة القاهرة للسلام، التى دعا لها الرئيس عبد الفتاح السيسي، واستطاعت جمع قادة أكثر من 30 دولة ومنظمة فى 21 أكتوبر الماضي. حيث أكدت القمة على ضرورة خفض التصعيد ووقف إطلاق النار فى قطاع غزة والتأكيد على أهمية نفاذ المساعدات الإنسانية للقطاع والدفع نحو تفعيل عملية السلام فى الشرق الأوسط. ومنذ ذلك الحين لم تغب عن خطاب الدبلوماسية المصرية دعوات وقف الحرب وإدانة العدوان الإسرائيلى الغاشم، حيث احتلت القضية الفلسطينية صدارة مباحثات الرئيس السيسى مع كافة القادة العرب والأجانب طيلة الأشهر الماضية. ولعبت القاهرة دور الوسيط فى مفاوضات التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وإطلاق سراح السجناء والرهائن من الجانبين، وذلك بالشراكة مع الولاياتالمتحدة وقطر، وهى الجهود التى أثمرت هدنة استمرت لعشرة أيام فى نوفمبر الماضي، فيما أفسد التعنت الإسرائيلى الجهود المتواصلة طيلة الأشهر الماضية لوقف نزيف الدماء فى قطاع غزة، إلا أن مصر لازالت تقوم بدورها فى تقريب وجهات النظر رغم التقارير الإعلامية الغربية المغلوطة التى حاولت أكثر من مرة تشوية الدور المصري، وهو ما قوبل بالنفى من جانب الجهات المصرية. اقرأ أيضا| حزب الله يستهدف عدة مواقع إسرائيلية المخطط الإسرائيلى لاستغلال الحرب على غزة لتهجير أكثر أهالى القطاع من أراضيهم أدركته مصر منذ اللحظة الأولى، وأعلن الرئيس السيسى فى أكثر من مناسبة رفض مصر القاطع إجبار الفلسطينيين على الخروج من أراضيهم أو تصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر، وهى المحاولات التى وصفها ب»الخبيثة» وفق تعبير الرئيس فى خطابه بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو. ومنذ اللحظة الأولى للعدوان الذى خلق أوضاعاً إنسانية كارثية، كانت مصر الداعم الأول لإنقاذ الفلسطينيين، حيث لم تغلق مصر معبر رفح، بينما عملت إسرائيل على احتلال الجانب الفلسطينى منه منذ شهرين. واشترطت القاهرة إدخال المساعدات الإغاثية قبل خروج الرعايا الأجانب من القطاع، كما خصصت مطار العريش لاستقبال المساعدات من كافة دول العالم، وساهمت مصر بتقديم 87% من إجمالى المساعدات التى نفذت إلى القطاع منذ بداية العدوان وحتى نهاية أبريل الماضي، سواء المقدمة من الدولة المصرية أو مؤسسات المجتمع المدني. وبلغ حجم المساعدات التى أدخلتها مصر لقطاع غزة 123 سيارة إسعاف و43073 ألف طن مواد إغاثة و10235 ألف طن من الوقود و129329 ألف طن من المواد الغذائية، وتم استقبال أكثر من 6 آلاف فلسطينى من الحالات الإنسانية والمرافقين، فيما استقبلت المطارات المصرية 582 رحلة جوية تقل مساعدات من دول العالم لقطاع غزة. كما قام الهلال الأحمر المصرى بإنشاء مخيمين إغاثيين فى مدينة خان يونس جنوبى قطاع غزة بهدف استيعاب آلاف النازحين من شمال القطاع. كما قامت القوات المسلحة المصرية بدور كبير فى إنزال آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية على أهالى غزة لدعمهم فى ظل الكارثة الإنسانية التى تهدد بشبح المجاعة لأكثر من مليونى فلسطيني. على الصعيد القانوني، تقدمت مصر بمذكرة لمحكمة العدل الدولية، بشأن الممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية، بالإضافة إلى المشاركة فى الرأى الاستشارى الذى طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية حول السياسات والممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، كما أعلنت وزارة الخارجية عزم مصر التدخل ضد إسرائيل فى الدعوى القضائية المرفوعة من جنوب أفريقيا ضد تل أبيب لاتهامها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية فى قطاع غزة.