تقلبات جوية متكررة، وعواصف حادة، وزعابيب أمطار تسبقها رياح مثيرة ومحملة بالأتربة، فيضانات تخلف وراءها كوارث إنسانية وطبيعية، اختفاء مدن من على الخريطة بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر، نتيجة ما يعرف بظاهرة «الاحتباس الحرارى»، هذا أحد السيناريوهات المتوقعة للمناخ المصرى فى 2050، والذى كشفت عنه د. إيمان شاكر، مدير مركز الاستشعار عن بُعد ب الهيئة العامة للأرصاد الجوية، وإلى تفاصيل الحوار للتعرف على حالة الجو فى 2050: ما المتوقع لشكل المناخ فى مصر مع قدوم عام 2050؟ هناك سيناريوهات مختلفة من الوكالة الدولية للتغيرات المناخية IPCC ، السيناريو المتشائم نسميه «ثمانية ونصف» ويقول إن نسبة ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى ستزيد بمعدلات كبيرة فى السنوات القادمة، مما يؤدى إلى زيادة درجات الحرارة بقيم أعلى من المعدل بنحو 4 إلى 5 درجات مع حلول عام 2050، أما السيناريو المتفائل نسميه «أربعة ونصف» ويقول إن ارتفاع درجات الحرارة المتوقع سيكون أعلى من المعدل بدرجة إلى درجتين وهذا سيكون فى الحدود المسموحة. اقرأ أيضًا| الصوب الزجاجية وفى الحالة المصرية.. ما أبرز التغيرات المتوقع حدوثها؟ توجد تغيرات مناخية، لها أكثر من تصنيف: منها التغيرات الطبيعية ولا توجد بها أى مشاكل، أما التغير الذى تكون به زيادة بطيئة ومستمرة فى درجات الحرارة، بسبب غازات الاحتباس الحرارى الناتجة عن الأنشطة البشرية وزيادة الملوثات، والتى تؤدى إلى ارتفاع كبير فى درجة حرارة الغلاف الجوى، وتؤدى لما يعرف «بالصوب الزجاجية» التى تمنع خروج أشعة الشمس للغلاف الجوى وتعمل على زيادة درجة حرارة الغلاف الجوي؛ والمعروف أن متوسط درجة الحرارة لكوكب الأرض 15 درجة مئوية؛ أما بعد التغيرات فإن هذه الدرجة تزيد بنحو درجة ونصف لتصل إلى 16٫5 درجة مئوية؛ وهذه الزيادة كانت متوقعة ومحسوبة من جانب العلماء بحلول عام 2050، ولكن للأسف وصلنا لها قبل هذا التاريخ. ما أبرز المخاطر التى قد تسببها هذه التغيرات المناخية؟ التغير المناخى يسبب مشاكل فى كل مجالات الحياة، ليس فقط سقوط أمطار بكميات كبيرة، أو حدوث فيضانات؛ وإنما أيضاً قد يحدث تصحر، مما يؤثرعلى الزراعة والموارد المائية والصحة ويؤدى إلى العواصف الترابية التى بدأت تزيد حدتها بشكل كبير خلال السنوات العشر الأخيرة؛ وكذلك ارتفاع منسوب سطح البحر، وهى مشكلة كبيرة تواجهها المناطق الساحلية، ليس فى مصر فقط، وإنما فى كل الدول المطلة على البحار والمحيطات؛ وهناك بعض التقارير تشير إلى اختفاء بعض المدن، وهذا هو أسوأ سيناريو. ولكن هناك سيناريوهات أخرى معتدلة تقول إنه مع الإجراءات التى تتخذها الحكومات، والمؤتمرات التى يتم انعقادها، ومع الثقافة الواسعة للشعوب، كل ذلك قد يؤدى إلى انخفاض فى نسبة ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوي، وتدريجياً تتراجع الزيادة فى درجات الحرارة حتى تعود إلى المعدل الطبيعي. وما الفترة الزمنية التى يتم فيها تقدير التغيرات المناخية؟ تكون على الأقل 30 سنة، حيث لا نستطيع أن نحكم على ظاهرة جوية إلا من خلال بيانات لسجلات مناخية لا تقل عن 30 سنة، ويمكن أن تصل إلى 50 سنة أو 100 سنة. تأثيرات سلبية هل توجد تأثيرات كبيرة لتغير المناخ على خطط التنمية المصرية؟ التغيرات المناخية لها العديد من الآثار، فهى تؤثر على جميع أنشطة المواطنين وتؤثر على صحتهم، وعلى الاقتصاد، وعلى التنمية، وعلى المحاصيل الزراعية وجودتها، وبالتالى فإن بعض المحاصيل قد تختفى تماماً، وبعض المحاصيل تكون إنتاجيتها أكثر من المتوقع، وتنقرض بعض المحاصيل والحيوانات والحشرات، وفى المقابل تظهر بعض البكتيريا والفيروسات؛ كما تؤثر على الدولة أيضاً فى حالة الأزمات والكوارث؛ لأنه مع سقوط كميات أمطار كبيرة غير معتاد عليها يسبب أزمة إذا كانت البنية التحتية غير مهيأة لاستيعابها، والطبقات الأكثر فقراً هى التى تكون أكثر هشاشة، وبالتالى تكون المنازل أكثر ضعفاً بسبب كميات الأمطار، وهذه المشكلات تحدث أكثر فى الدول النامية؛ كل هذا مع ظهور أمراض كثيرة وحالات وفاة مفاجئة بسبب الإجهاد الحرارى وبعض الملوثات الموجودة فى الغلاف الجوي. غلاف مائع! هل تغير المناخ عندنا مرتبط بالتغيرات التى تحدث فى منطقتنا والعالم؟ حالة الجو لا تعرف الحدود، وليست هناك حدود سياسية تفصل بين دولة وأخرى فى الغلاف الجوي، ونسميه «مائع» ما بين هواء وماء لأنه يعتمد على حركة المنخفضات الجوية، وديناميكية الغلاف الجوى تعتمد أيضاً على بخار الماء الموجود فيه، والغلاف الجوى يعتمد على خرائط التوزيعات الضغطية حسب أماكن المنخفضات والمرتفعات الجوية، وعندما يتولد منخفض جوى فى دولة ما ويبدأ يتحرك من الممكن أن يؤثر على دولة أخرى أو على مصر، وبالتالى مصر تتأثر وجميع دول العالم تتأثر. إذن، هل يوجد ما يمكن أن تقوم به الدولة والمواطنون من أجل مواجهة هذه التغيرات السلبية للمناخ؟ طبعاً، كل المجتمع أقر بوجود تغيرات مناخية والمطلوب أن نغرس ذلك فى الأطفال، ويكون فى المناهج الدراسية، ونوضح لهم معنى ذلك، وأسبابه، ودور المواطن فى تقليل الملوثات، والحفاظ على البيئة، وتقليل عوادم السيارات، بجانب ترشيد الاستهلاك من الكهرباء؛ والدولة هى من تتخذ القرارات بإلزام المواطنين باستخدام الطاقة النظيفة وتقليل الملوثات، والاتجاه نحو استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة؛ ومن ثم نبدأ فى تحسين التغير المناخى الذى سوف يستغرق سنوات قد تصل إلى 30 سنة للحفاظ على البيئة من أجل المستقبل.