«سقوط حر».. هكذا وصفت لجنة الإنقاذ الدولية الأوضاع الآخذة فى التدهور فى السودان بعد دخول الحرب الدائرة هناك عامها الثانى منذ أكثر من شهرين دون انفراجة أو تدخل دولى حاسم. والحقيقة أن سكوت العالم عما يحدث فى السودان أمر يثير التعجب والريبة، لأنه بلغة الأرقام وموازين التأثير الإقليمى لا تقل الحرب الدائرة هناك منذ 14 شهراً أهمية عن حرب غزة أو أوكرانيا. فالتقديرات تقول إن حرب السودان «المنسية» أسفرت عن حوالى 150 ألف قتيل وجريح، بالإضافة لأكبر عدد من النازحين داخليًا فى العالم، حيث نزح 10ملايين شخص داخل السودان منذ بدء الحرب فى أبريل 2023، بخلاف 2 مليون فروا لدول مجاورة. كذلك وفقاً لإحصائيات الأممالمتحدة يحتاج 25 مليون سودانى «حوالى 55٪ من السكان» للمساعدة الإنسانية والحماية، ويواجه 18 مليونًا انعدام الأمن الغذائى الحاد فى ظل نقص الطعام والمياه والدواء والوقود. والوضع «جحيمى» أكثر للأطفال حيث يموت طفل كل ساعتين، فيما تقول التوقعات إن أكثر من 222 ألف طفل سيموتون جوعًا الأشهر المقبلة إذا لم تُتخذ إجراءات سريعة. إلى جانب ذلك يواجه السودان تهديداً أمنياً مزدوجاً يتمثل فى تقسيمه وتمزق أوصاله الداخلية، وخسارة أجزاء من أراضيه. مع التوغل الجديد لمليشيات إثيوبية مسلحة بمنطقة الفشقة الحدودية التى استعاد الجيش السودانى السيطرة عليها عام 2020، وارتكابهم لأعمال سلب ونهب ومحاولتهم السيطرة على بعض الأراضى الزراعية هناك. وبالرغم من كل هذه الأرقام المفزعة والآثار الهائلة، تعانى حرب السودان من تقاعس دولى وإهمال إعلامى غير منطقى ولا يتسق مع حجمها وكلفتها الإنسانية وتأثيرها على الأمن الإقليمى. وسبب ذلك غير مفهوم حقيقة، لأنه لو كان انخراط أمريكا بحرب غزة هو سبب شكم لجام المجتمع الدولى عن التحرك ضد إسرائيل، فما الذى يمنع المؤسسات الدولية من التحرك بجدية فى الملف السودانى والذى تسقطه أمريكا من حساباتها؟..أو ربما هذا الإسقاط هو السبب حقيقة؟