نتنياهو يعلم هو وحكومته وجيشه وأجهزته الأمنية أن كسر الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة أمر مستحيل الأسبوع الماضى أجرى رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو حواراً مع قناة اليمين الإسرائيلية قناة 14، لقد كان هذا الحوار مثيراً للسخرية، فتحدث نتنياهو فى سياق أكاذيب فشله فى حربه على قطاع غزة، أن جيشه حقق انتصارا كبيرا فى قطاع غزة، وأن جيشه سحق المقاومة، والمضحك فى هذا الأمر أنه يتحدث عن نصر ولا زال أسراه فى أنفاق قطاع غزة. نتنياهو الذى أشار أنه يرغب فى تنفيذ جزء من قرار 2735 أو خطة الرئيس الأمريكى جو بايدن، وأخذ أسراه، والعودة للحرب بعد ذلك، يعطى دلالة أنه لم ولن يلتزم بخطة الرئيس الأمريكى جو بايدن والذى أعلن سابقا أن هذه الخطة هى خطة إسرائيلية، وبهذه الكلمات يستخف نتنياهو بالعالم بأسره وحتى بالمقاومة والتى لن تقبل هذا العرض مهما كان الثمن. كنت قد أشرت فى مقالى السابق أن نتنياهو سيتهرب من تنفيذ قرار 2735 لذلك كان من الحكمة أن تقبل المقاومة بالقرار دون أى ملاحظات وليتركوا العالم فى المواجهة المباشرة مع نتنياهو. نتنياهو يريد أن يطمئن الشارع الإسرائيلى وخاصة اليمين واصفا دولة الاحتلال بأنها تنتصر فى حرب تخوضها على سبع جبهات هى غزة، الضفة، لبنان، العراق، اليمن، سوريا وإيران، وأن إجراء أى انتخابات فى ظل الحرب سيعتبر هزيمة لإسرائيل ودعوة لوصول اليسار للحكم وقيام الدولة الفلسطينية الذى أعلن أنه ضدها فى هذا اللقاء، وهذا التصريح بالتحديد لاستفزاز الناخب اليمينى، خاصة أن نتنياهو يعلم أن من المحال أن يصل اليسار للحكم فى الوقت الحالى، إلا إذا صنف المعسكر الوطنى الذى يقوده بينى جانيتس بالمعسكر اليسارى رغم أنه صوّتَ سابقا فى الكنيست الإسرائيلى ضد الموافقة على قيام الدولة الفلسطينية مهما كانت مساحتها أو حدودها. وبالاعتبارات السياسية لا يوجد داخل دولة الاحتلال يسار ذو تأثير على الحكم وحتى حزب المعسكر الوطنى ويوجد مستقبل بقيادة يائير لابيد لا يطرحون أى رؤية سياسية لحل الصراع العربى الإسرائيلى وكل تركيزهم على مستقبل كيانهم ومعالجة قضاياهم الداخلية وملف الصراع رغم الحرب لا يطرحون رؤية سياسية. نتنياهو يدرك كل ذلك ولكن كعادته يخادع الجمهور المغيب والذى يصوت لليمين وللحريديم دون تفكير. نتنياهو خلال هذا اللقاء أيضا أعلن فشل أجهزته الأمنية فى إنشاء كيان من العشائر والقبائل فى قطاع غزة، معلنا عن وجود خطة أخرى لإنشاء كيان غير معادٍ للاحتلال الإسرائيلى فى قطاع بالتعاون مع بعض الدول ولم يشر لها، ولكن الأقرب هو إنشاء كيانات صغيرة فى قطاع غزة، كان قد أشار بها وزير الحرب الإسرائيلى جالينت وقال إن الحل اليوم التالى فى قطاع غزة هو إنشاء جزر إنسانية عديدة فى قطاع غزة، مستغلا حاجة الناس للغذاء والدواء وبالتالى إنشاء كيانات مع الوقت تكون غير معادية للاحتلال، وقد تم بالفعل التواصل مع بعض العائلات فى شمال قطاع غزة من أجل ذلك، وحتى الآن لم يجد إلا الرفض رغم حالة العوز والجوع فى شمال قطاع غزة. لقاء نتنياهو به رسائل للداخل الإسرائيلى والولايات المتحدةالأمريكية، ولكنه يعبر عن حالة فشل للاحتلال الذى يدعى نصرا لجيشه على شعب أعزل معظم من قتلهم من الأطفال والنساء. والحديث عن انتقال جيش الاحتلال من مرحلة الحرب البرية الواسعة فى قطاع غزة إلى حرب العمليات المركزة والقصف هو إعلان هزيمة مع استمرار الحرب لضمان بقايه فى الحكم. نتنياهو يعلم هو وحكومته وجيشه وأجهزته الأمنية أن كسر الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة أمر مستحيل، وقد يهرب ويترك أسراه ويتجهز للتصعيد مع لبنان، مع بقاء الاحتلال بقوات محدودة فى حدود قطاع غزة ومحور صلاح الدين (محور فيلادلفيا)، ومحور نتساريم وسط قطاع غزة لضمان استمرار الحرب على قطاع غزة دون الإعلان عن إيقافها، وأهم ما يشغل نتنياهو هو بقاؤه فى الحكم، ولا ينظر لكل الأثمان، ويعتمد على ذكائه وخبرته الانتخابية لضمان بقائه الرجل الأكثر ثقة لليمين الإسرائيلى.