ألا يستحق الأمر تغيير نظام الثانوية العامة بما يتفق مع نتائج وتوصيات أبحاث الدكتوراة والماجستير فى الصيدلية التى بجوارى يقف صديقى الطبيب مترقبًا بدء موسم امتحانات الثانوية العامة.. فى هذا الوقت من العام يكون على أتم استعداد لاستقبال تلك النوعية من المراهقين الباحثين عن حبوب الانتحار والاكتئاب والمهدئات.. فى السنوات القليلة الماضية شاعت حوادث استخدام «حبة الغلة» التى تقتل متناوليها فى صمت وعلى مدى ساعات دون علم ذويهم. «حبة الغلة» تباع بعدة جنيهات تحت أسماء تجارية مختلفة تزيد على عشرة أنواع معظمها مستورد من الهند والصين.. صديقى الصيدلى يصاب بالدهشة من هؤلاء الطلاب الذين يعلمون أسماء تلك الأدوية ويأتون للبحث عنها.. وزارة الصحة أعلنت فى عام 2018 عن نتائج دراسة أجرتها على 13 ألف طالب بالمراحل الثانوية المختلفة وتوصلت إلى أن 14% يعانون اكتئابًا و21% يفكرون فى الانتحار!!.. عدد طلاب الثانوية العامة يصل إلى 800 ألف طالب ما يعنى أن هناك 170 ألف طالب لديهم أفكار وميول انتحارية.. مع انطلاق ماراثون امتحانات الثانوية العامة تقع الكارثة.. البداية الأسبوع الماضى كانت مع انتحار طالب فى المنيا ووفاة آخر داخل لجنة الامتحان.. السبب هو تعرض هؤلاء الطلاب لضغوط نفسية وعصبية رهيبة قد تأتى من الأسرة والمجتمع أو من الطلاب أنفسهم حينما يضعون توقعاتهم على الوصول إلى كلية معينة من الكليات وتحولت الثانوية بالنسبة لهم إلى مسألة «حياة أو موت».. أسئلة كثيرة نطرحها.. ألا يستحق الأمر تنظيم حملات إرشاد نفسى للطلاب وأولياء الأمور.. ألا يستحق الأمر تغيير نظام الثانوية العامة بما يتفق مع نتائج وتوصيات أبحاث الدكتوراة والماجستير التى تمتلئ بها أرفف الجامعات والمراكز البحثية المصرية.. داخل موقع بنك المعرفة المصرى وجدت أكثر من 5 آلاف دراسة علمية تناقش فقط حلول تطوير الثانوية العامة فى مصر والحفاظ على الصحة النفسية للطلاب وتطوير أداء المعلمين وكيف يمكن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى فى التعليم الثانوى وغيرها من الموضوعات البحثية الدقيقة.. وزير التربية والتعليم فى الحكومة الجديدة عليه أن يخصص لجنة علمية لاستخلاص أهم نتائج تلك الأبحاث لاستخدامها فى تحديث السياسات التعليمية وتطوير نظام التعليم وخاصة الثانوية العامة.. هل يعقل أن عاما دراسيا واحدا فقط هو الذى يحدد أحلام الطلاب المهنية والأكاديمية فى موسم حصاد «الغلة» بالثانوية العامة. بعض الدراسات توصى بتحول الثانوية إلى نظام برامج الساعات المعتمدة والذى أثبت فعاليته التعليمية وفيه يتمتع الطلاب بحرية وتحرر نفسى وعصبى أكبر عندما يختارون المقررات الدراسية والأساتذة وفيه قائمة كبيرة من المواد الاختيارية للاختيار منها والطالب يستطيع تأجيل دراسة بعض المقررات الدراسية لوقت لاحق فضلًا عن أن هذا النظام يطبق مبدأ الاختلافات الفردية، فالطلبة الذين لا يستطيعون أن يدرسوا 18 ساعة فى الفصل الدراسى الواحد لسبب أو لآخر فإنهم يستطيعون أن يدرسوا عدد ساعات أقل والطلبة لديهم الفرصة أن ينتهوا من الدراسة فى وقت قصير إذا رغبوا فى ذلك وينعكس هذا النظام بشكل إيجابى على فرص توظيفهم بالمستقبل.. وإذا كان أى تطوير يحتاج إلى مزيد من التمويل فيجب أن نكون صرحاء فمجانية التعليم هى محض هراء والأسر المصرية تنفق ما يقارب ال140 مليار جنيه سنويا على الدروس الخصوصية. ومن الضرورى البحث عن طرق بديلة للمجانية المزعومة التى أثبتت قصورها فى تحقيق تعليم جيد خاصة فى مرحلتى التعليم الثانوى والعالي.