وزير التعليم العالي يتفقد جامعة حلوان ويطمئن على انتظام الدراسة بها    بدء تسكين طلاب جامعة القاهرة بالمدن وفق الجداول الزمنية    وزير الخارجية لنظيره الصيني: لا تهاون في قضية سد النهضة    الدولار يثبت أقدامه في السوق المصري: استقرار يسهل خطط المستثمرين والمواطنين    وزير الصناعة والنقل يفتتح توسعات مصنع القاهرة للصناعات الغذائية «كرافت هاينز» بمدينة 6 أكتوبر    استمرار فعاليات المبادرة الرئاسية "بداية" بسوهاج    مدبولي يُتابع المنصة الجغرافية لجنوب سيناء الفائزة بجائزة التميز العالمية    جيش الاحتلال الإسرائيلي يكشف الاسم الرمزي لعملية اغتيال حسن نصر الله    بعد الإعلان عن اغتياله.. مَن يخلف نصر الله؟    بالفيديو.. مراسل القاهرة الإخبارية: اللبنانيون لم يذوقوا النوم الساعات الماضية    دوي انفجارات قوية في رام الله    بعد خسارة السوبر.. راحة أسبوع للاعبي الأهلي    ضبط 8 عصابات وضبط 258 قطعة سلاح وتنفيذ 90 ألف حكم خلال 24 ساعة    استمرار حملات إزالة التعديات على حرم الطرق وضبط الأسواق بمركز أبو تيح    إحالة عاطل للجنايات في هتك عرض فتاة معاقة بالقاهرة    ضبط 4 أشخاص بتهمة الحفر والتنقيب عن الآثار بدار السلام    بالأتوبيس النهري.. محافظ أسيوط يتفقد مواقع الوحدات النهرية المخصصة لنقل طلاب المدارس بالمجان    الزعيم جمال عبد الناصر.. فنانون قدموا شخصيته في السينما والدراما    إسماعيل فرغلي يشيع جثمان زوجته عقب صلاة الظهر من مسجد الشرطة    الصحة العالمية تكشف استراتيجية القضاء على مرض السعار بحلول 2030    وزير الإنتاج الحربي يوجه بالارتقاء بمستوى الخدمة المقدمة بالمركز الطبي    رانيا فريد شوقي وحورية فرغلي تهنئان الزمالك بحصد السوبر الإفريقي    عمرو سلامة يوجه الشكر ل هشام جمال لهذا السبب    الإفتاء في اليوم العالمي للمسنين: رعاية كبار السن واجب ديني واجتماعي    الاثنين.. القومي للسينما يعرض فيلم الطير المسافر في نقابة الصحفيين    بمشاركة مسار إجباري.. حكيم يُشعل المنيا الجديدة بحفل ضخم وكلمات مؤثرة    «وداعا للمسكنات».. 6 أطعمة تخفف من آلام الدورة الشهرية    رئيس هيئة الدواء: أزمة النقص الدوائي تنتهي خلال أسابيع ونتبنى استراتيجية للتسعيرة العادلة    خطة المدن الجديدة لاستقبال فصل الشتاء.. غرف عمليات وإجراءات استباقية    رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بعد الإعلان عن مقتل نصر الله: هذا ليس آخر ما في جعبتنا    تشكيل أرسنال المتوقع أمام ليستر سيتي.. تروسارد يقود الهجوم    جمهور الزمالك يهاجم إمام عاشور واللاعب يرد (صور)    تعرف على موعد حفلات تخرج دفعات جديدة من كلية الشرطة والأكاديمية العسكرية    بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة النووية الثانية بالضبعة (صور)    سعر الدينار الكويتي مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 28-9-2024 في البنوك    فيديو.. مزايا التصالح على المباني المخالفة والمستندات المطلوبة    وزير خارجية الصين يشيد بدور مصر المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي    الهند تحذر:استمرار باكستان في الإرهاب سيؤدي إلى عواقب وخيمة    30 يومًا.. خريطة التحويلات المرورية والمسارات البديلة بعد غلق الطريق الدائري    حفيد عبد الناصر: الزعيم يعيش فى قلب كل مصرى    وزارة الصحة: إرسال قافلة طبية لدولة الصومال لتقديم الخدمات الطبية    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة تستهدف بعلبك والمناطق الجنوبية اللبنانية    إنفوجراف| حالة الطقس المتوقعة غدًا 29 سبتمبر    سعر الفراخ اليوم السبت 28 سبتمبر 2024.. قيمة الكيلو بعد آخر تحديث ل بورصة الدواجن؟    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» 28 سبتمبر 2024    عاجل.. أول تحرك من الخطيب بعد خسارة الأهلي السوبر الأفريقي    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    اليوم.. جامعة الأزهر تستقبل طلابها بالعام الدراسي الجديد    جوميز: الزمالك ناد كبير ونسعى دائمًا للفوز    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    زيزو: قرار استمراري مع الزمالك الأفضل في حياتي    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكية مع أولياء الله
يوميات الأخبار

لو نظرنا إلى الموالد التى تقام فى مصر والتى تزيد عن 2850 مولداً فى السنة لأدركنا مدى ما يكنه المصريون من حب لآل البيت والأولياء
فاليرى فى صعيد مصر
فى صعيد مصر حيث يذهب السائحون ليروا حضارة مصر القديمة دون أن يلتفتوا إلى مصر المعاصرة تسافر امرأة أمريكية إلى مناطق وَعِرة حيث الجبال والثأر والقبلية، لكن VALERIE J. HOFFMAN فاليرى هوفمان الأستاذة بجامعة إلينوى فى كتابها عن التصوف والصوفيين والمقدسين فى مصر الحديثة تذهب إلى أسيوط وإلى قنا والأقصر وجبل حميثرا، حيث تطوف بالأضرحة وتلتقى الشيوخ تحاورهم لكى تكتب لنا هذا الكتاب الممتع الذى قسَّمَته إلى عدة فصول تدور حول التصوف فى عصر التغير وتجارب الصوفيين وأساليبهم ومناهجهم ومدى تأثير آل البيت الروحى فى المصريين ثم تتناول الأولياء والطُّرق الصوفية وأسسها ومفاهيمها ودور المرأة فى التصوف؛ تورد أمثلة من الأولياء كالشيخ أحمد رضوان (ت 1967) ودوره فى التصوف المعاصر فى الصعيد حيث التقت الكاتبة بابنه الشيخ محمد الذى تحدث لها عن تجربة والده الروحية ومراحلها الثلاثة «الجذب والعلم والاطمئنان» حيث درجة الولاية ثم تحدثت عن الشيخ محمد الطيب الحسانى (ت 1988) الذى زارته فى أيامه الأخيرة بخلوته فى القُرنة غرب الأقصر حيث ذكرت أنه يمثل المتصوف الزاهد الذى يعيش معظم أيام السنة صائما يتقوى على رشفات من اللبن وكيف أنه عالِم وذكرت أن معظم الصوفيين يعدونه قطب العصر بعد وفاة الشيخ أحمد رضوان وقد حضرتْ إحدى مجالس الذِّكر وقالت إن طريقته الخلوتية تتميز بالانضباط والأدب وليس فيها خروج عن التصوف كما تحدثت عن خلفاء الشيخ أحمد رضوان ومن أهمهم الشيخ أحمد ابو الحسن (ت 1994) الذى التقت معه فى مولد الإمام الحسين بالقاهرة وسط آلاف من أتباعه الذين نزحوا من صعيد مصر كى يلتقوا بشيخهم ويحتفلوا بمولد الحسين وقد قال لها «التصوف هو جوهر الإسلام» وحكى لها عن قصة حياته من الضلال إلى التوبة فالولاية فى رحلته الصوفية. كما التقت الشيخ عز العرب الهوارى والشيخ أحمد الشرقاوى ويلحظ أنها قد ركزت على الصوفيين فى صعيد مصر وهذا فى حد ذاته جانب إيجابى إذ قلّما تتناول الدراسات الصوفية مشايخ التصوف فى صعيد مصر وحتى الأولياء الذين وفدوا من العراق كأبى الحجاج الأقصرى (ت1244) أو الذين وفدوا من المغرب كعبد الرحيم القنائى (ت1258) لم يجدوا أتباعاً كثيرين مؤيدين إلا فى صعيد مصر، وكذلك الإمام أحمد الدردير (ت1777) الذى نشر الطريقة الخلوتية فى صعيد مصر.
بيد أن الكاتبة فاليرى هوفمان لم تركز إلا على المشايخ دون المريدين ونسيت بعض المشايخ كالشيخ حسين معوض وأحمد التونى وهؤلاء لهم مريدون كُثر ولم تتوقف حيالهم.
وقد ذكرتْ بعض الشيخات كالحاجة زكية (ت1982) وأثرهن فى التصوف المعاصر كذلك تحدثت عن بعض المقدسات القبطيات كإليزابيت إبراهيم؛ وفى آرائها عن التصوف نجد فهما دقيقا وموضوعية بحثية واضحة.
التصوف فى الصعيد
تعد هذه الدراسة من أهم الدراسات التى تناولت التصوف فى مصر وبخاصة فى صعيد مصر، ويلعب التصوف دورا كبيرا فى الحياة السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية والثقافية فى مصر فلو نظرنا إلى الموالد التى تقام فى مصر والتى تزيد عن 2850 مولداً فى السنة لأدركنا مدى ما يكنه المصريون من حب لآل البيت والأولياء؛ والمولد هو مناسبة اجتماعية إذ يتلاقى المريدون وغير المريدين لخلق مجموعة اجتماعية خارج أطر النظام القبلى أو العائلى أو المعرفى؛ كما أنه محاولة للتنفيس عن الضغوط النفسية التى تصاحب الإنسان منذ مولده حتى وفاته إذ يقوم المجتمع بدور الرقيب المحافظ الذى لا يسمح بالضحك أو الرقص أو الفرح حيث تقوم أساسياته على الرزانة أو على حد لهجة المصريين «التُّقل»!
أستطيع أن أصنف هذا الكتاب تحت أدب الرحلات إذ تحدثت فيه عن مشاهداتها ويرى د. عويس فى مقاله «الطرق الصوفية فى المجتمع المصرى (الهلال 6/1985) «أن أكثر من نصف سكان مصر يحضرون الموالد» ويندر أن توجد مدينة أو قرية أو نجع فى كل مصر دون شيخ وقبة وضريح ومولد، وقد استطاعت هذه الاحتفالات أن تنمو وتزدهر.
الموالد الصوفية
وُجدت الطرق الصوفية فى مصر والتى تزيد عن 67 طريقة فى الموالد وسيلة للدعاية للطريقة ولشيخها ومريديها كما أن المشهورين من المنشدين فى الأذكار يتبرعون بإحياء ليالى الموالد مجانا على سبيل التبرك والدعاية. وتنشأ الموالد من خلال كرامات تُحكى عن الولى المتوفى وسرعان ما تتناقلها الألسن حتى يتم الاعتراف بالشيخ وبمقامه ومولده، وقد نقلت فاليرى هوفمان VALERIE J. HOFFMAN أن الشيخ أبوالقصان المدفون فى «غرب الأقصر» قد ظهر لأحد ضباط البوليس فى المنام وقال له «فى مولدى لا للمخدرات ولا للسلاح!» وقد أجرت عدة حوارات مع مشايخ الطرق الصوفية وهى حوارات ممتعة إذ صرّح فيها المشايخ عن بعض خواطرهم وجوانب حياتهم وانتقالهم من المعاصى إلى الايمان والولاية وهى أشبه بالسّير الذاتية.
ولم تغفل فاليرى هوفمان المرأة ودورها فى التصوف إذ التقت مع نسوة مريدات ووليات وحكت لها واحدة من المريدات أنها رأت أمها المتوفاة- التى كانت من الأولياء- فى المنام وقالت لها: «يجب أن تتبعى قطب العصر فى كل الأرض» وحاولَت –على عجالة- أن تلقى ضوءا على التصوف المسيحى واليهودى والجماعات الأصولية فى الإسلام ولكن جاء سريعا وربما كان مبرر ذلك أنها تهدف إلى دراسة التصوف الإسلامى المعاصر فى مصر.
عاشقة التصوف
تحدثت فى كتابها عن مشاهداتها وشعورها ويتضح من الكتاب أن السيدة فاليرى هوفمان قد عشقت التصوف لحد أنها آمنت بالكرامات التى وقعت معها شخصيا ومنها ما ذكرته أن الشيخ الشرقاوى قد أخبرها بما جرى بينها وبين رفيق سفرها الذى شك فى تجربتها الروحية كما حكت أن طفلتها الصغيرة تركتها بصحبة أبيها فى القاهرة وعانت من غيابها كثيرا ولكنها أردفت «وآمل فى النهاية أنها ستكسب من بركة الشيوخ؛ كما روت كرامة الشيخ عز العرب التى أعانتها على عبور الطريق دون أن يُقتلوا أو يُسرقوا لخطورة المنطقة فى الصعيد وغير ذلك رغم أن الشيخ أحمد بن الشرقاوى قد ذكر لها فى حوارها معه: «إن 99٪ من الكرامات التى تُحكى «كذب» وقد وصفته فاليرى هوفمان بأنه إنسان كامل.وفى مناقشتها عن التصوف والحداثة رأت أنهما لا يلتقيان وهو حُكم يجب مناقشته إذ يحاول بعض مجدّدى التصوف إيجاد علاقة بين التصوف والحداثة، وعلى هذا فإن مقولتها: «إننا لا نستطيع أن ننكر أن الطرق الصوفية قد خسرت كثيرا من نفوذها السياسى والاجتماعى بالنظم الاقتصادية والاجتماعية الحديثة» هذه المقولة فى حاجة إلى المراجعة وقد لمستُ فى الآونة الأخيرة الأخيرة عكس ما ذكرته إذ التف الشباب حول الطرق الصوفية التى تنتشر فى صفوفه لأسباب كثيرة. يبقى للباحثة جهدها الكبير فى إلقاء الضوء على ظاهرة التصوف المعاصر ومحاولتها تقييمه من عين مُحبة للصوفية على غرار المستشرقة الألمانية أنَّمارى شيمل ANNEMARIE SCHIMMEL التى ترى أن التصوف هو جوهر الحياة الروحية فى الإسلام؛ ولعل المتصوفين أنفسهم فى حاجة إلى إظهار السماحة الصوفية الحقيقية ليراها الغرب وأوربا، ولعل المتصوفين أنفسهم فى حاجة إلى عقْلنة التصوف إن كان الأمر مستطاعا؛ متى نرى هذا الكتاب مترجما للعربية؟
الكتاب ما يزال
أكثر من خمسة ملايين زائر زاروا معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الأخيرة، خبر أفرحنى كثيرا لأنه ردٌّ علمى على هؤلاء الذين يشيعون أن الكتاب الورقى انتهى دوره ولم يعد له قُراء وأن التابلت والتليفون والنت قد حلُّوا مكانه ولم يعد له وجود؛ هناك من يدّعى أن الشعب لا يقرأ وأن الثقافة قد أضحت من الماضى التراثى العتيق، وأن شباب الأجيال الحالية لا يعرف الثقافة والكتاب وهو كلام مردود عليه أن معظم زوار معرض الكتب من الشباب ولم يفرض عليهم أحد أن يزوروا المعرض وإنما يذهبون فرحين، قد لا يشترون من الكتب إلا من القليل أقلا.. نعم، لغلو سعر الكتب لارتفاع سعر الورق وحبذا لو دعّمت الدولة دور النشر لأن الكتاب لا يقل أهمية عن الخبز، أعود إلى معرض الكتاب الذى أضحى طقسا سنويا تأخذ الأسرة أبناءها ويذهبون، الطلاب والشباب يروحون فُرادى وجماعات والأطفال يمرحون بين أرفف الكتب ويستمتعون بالأنشطة الفنية والثقافية، هذا الحضور البشرى الكثيف يفرض تفاؤلا بالأجيال القادمة وبمستقبل التنوير لذا أهنئ أخى الأستاذ الدكتور أحمد بهى الدين رئيس الهيئة العامة للكتاب وفريق عمله على هذا النجاح المفرح الذى يؤكد دور مصر الثقافى الريادى وقوتها الناعمة كما أسعدنى دور الشباب المتطوعين الذين يرشدون الزائرين المترجلين وأصحاب السيارات نحو مقصدهم مع كثرة قاعات العرض وهذا الشاب الواعد مصطفى عز العرب الذى جمع آلاف الشباب يقودهم فى عمل تطوعى فى مودة واحترام وحسم وهذه من صفات الريادة التى يتمتع بها وزملاؤه الذين التفوا حوله من محافظات مصر كافة. أعود للكتاب الذى سيظل سِفر الخلود وكنز المعرفة وبَوْح الأسرار وهمسة العاشق ودمعة المحزون وآهة الشاكى ورقصة الفرِح.. مرحى بمعرض الكتاب وبقوة مصر الناعمة وشباب مصر الذين يبهرون الرائى.. هى دى مصر.
فى النهايات تتجلى البدايات
قال النّفرى: «إنما أحدثك لترى فإذا رأيت فلا حديث»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.