حقيقة الأمر أن إسرائيل تقدم بلاغًا لمحكمة العدل الدولية، ولكل المنظمات المختصة، ولكل دول العالم.. بأنها مقدمة على ارتكاب جريمة "إبادة جماعية"، غير مسبوقة مع الإعلان عن التخطيط لعدوان واسع على مدينة "رفح" التى نزح إليها أكثر من نصف سكان غزة هربًا من المذبحة الإسرائيلية المستمرة منذ أربعة شهور، وبعد التأكيد على أنها ستظل "منطقة آمنة"، رغم الظروف القاسية التى يواجهها 1٫3 مليون فلسطينى فى المدينة الصغيرة!! العالم كله "بمن فيه الولاياتالمتحدة نفسها"، تحذر من الكارثة التى يخطط لها مجرمو الحرب الإسرائيليون.. لكن ماذا بعد التحذير؟! الولاياتالمتحدة قالت إنها "لن تدعم" عملية عسكرية كبرى فى رفح.. لكن المطلوب هو إيقاف الجنون الصهيونى الذى اعترفت واشنطون أخيرًا بأنه "تجاوز الحد"، فى عدوانه على غزة، والذى لا يعرف إلا لغة القتل والتدمير ولا يتخلى عن هدفه المعلن وهو تخيير كل الشعب الفلسطينى بين القتل أو التهجير؟! فى الأسبوع الماضى تداول أعضاء مجلس الأمن الدولى مشروع قرار قدمته الجزائر "التى تمثل الدول العربية فى المجلس"، لإلزام إسرائيل بوقف العدوان الهمجى على غزة. ولم يطرح مشروع القرار للتصويت بعد أن قالت أمريكا إنه قد يعطل الجهود المبذولة من أجل التوصل لاتفاق للتهدئة. والآن تتواصل الجهود من أجل إتمام الاتفاق بعد أن وافقت عليه الفصائل الفلسطينية، لكن نتنياهو هو - حتى الآن- يضع العراقيل، ويرفض أى حديث عن إنهاء الحرب أو الانسحاب من غزة، بل يستعد للمذبحة الأكبر إذا هاجم رفح رغم كل التحذيرات! الوضع بالغ التعقيد، ولا بديل عن القتال على كل الجبهات.. مصر ليست فى حاجة لتأكيد مواقفها من قضية هى صلب أمنها القومى. لا تتأثر بمحاولات الابتزاز أو بالأكاذيب الساذجة. تضع أمام إسرائيل الخطوط الحمراء لأى تحرك على حدودها، وتضع العالم كله أمام مسئولياته، وتواصل الجهد من أجل الاتفاق على الهدنة المستدامة، وتستضيف بعد غدٍ اجتماعًا قد يكون حاسمًا بين رؤساء أجهزة المخابرات الذين وضعوا إطار الاتفاق فى باريس، وهى إشارة إلى أن هناك تقدمًا رغم كل جهود نتنياهو وعصابة اليمين الحليفة له لعرقلة الاتفاق. فى مواجهة الهوس الإسرائيلى كل الاحتمالات واردة. لكنهم يدركون أنهم ليسوا فى حاجة لفشل جديد لن يسلموا - هذه المرة- من عواقبه!!
